mercredi 13 juin 2012

لفرق بين: العدل والقسط، الصبر والاصطبار، اليأس والقنوط

.
أولاً: العدل والقسط.
القسط: أن ينال الإنسان استحقاقه ويحصل على عطائه كاملاً غير منقوص فكل مخلوق أخذ حقّه بالتمام.
أمّا العدل: فإنه يسمو ويعلو ويزداد عطاءً وارتقاءً فتتعدل أحواله وحياته لينال الأسمى والأعلى والأفضل، ويزداد علواً وسمواً.
جاء الإنسان إلى الدنيا يعدّل وضعه. كان في عالم الأزل في جنة، لكي ينال جناتٍ خيراً مما كان فيه وأن يعدل وضعه للأسمى دوماً بلا كلل ولا ملل.
والقسط: تطبيق ما أمر الله به بالتمام. مثلاً:
الميراث: قال تعالى: {..لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ..} سورة النساء: الآية (11): الذكر أمر النفقة والمهر وتأمين مستلزمات البي وليس مطلوب من الأنثى شيئاً من ذلك بل على العكس هي التي تأخذ المهر وينفق عليها، لذلك كان نصيبها نصف نصيب الذكر وذلك هو القسط. فللأـنثى قسطها وللذكر قسطه ولا ظلم لأحد.
أما العدل: كلهم بالسوية دون تمييز ولا تفريق لكل عامل أجره بحسب عمله وإنتاجه أو لكل موظف راتبه المستحق ولا تمييز ولكن أحدهم معيل ولا يكفيه أجره أو راتبه بل يحتاج لعائلته ضعف الأجر أو الراتب عندها يضاف له الضعف بدون عمل مقابل من الخزينة أو بيت المال.
إذن إذا وجد شخص محتاج ومعوز يعدّل له وضعه.
فالعدل يدخل فيه التعديل الإضافي عن حقه كضمان اجتماعي للكفاف فمثلاً التكافل الاجتماعي في الدولة الإسلامية تعطي كل إنسان ما يحتاجه وعلى حسب كفايته. فالعائلة الكبيرة يعدّلون لها وضعها حتى يسدّوا العوز والفاقة عنها، والكفاف للجميع بالعدل.

ثانياً: الصبر والاصطبار.
إن مرجع اللغة العربية هو القرآن الكريم كلام الله العظيم لذلك نبحث عن هاتين الكلمتين في القرآن ونبحث عن معناها فلا يختلف أحد في معنى المبنى.
يقول تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا..}: سورة طه: الآية (132). وهناك آيات عن الصبر: {..اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة آل عمران: الآية (200).
وعلى هذا يكون معنى الصبر: هو الانتظار والتحمل حتى يأتي الفرج واليسر بعد العسر. والصبر على أنواع:
الصبر على الشهوات المحرمة المخزية المدمرة، كذا الصبر على الشدائد وفي الحروب، ويرقى الإنسان حتى يصبر على الناس وعلى إخوانه بل على كل مخلوق رحمةً وحناناً لأن المخلوق من نسيج الحضرة الإلهية.
يصبر على إخوانه حتى ينقلهم من الإسلام إلى الإيمان ويصبر عليهم ليرقى بهم من التصديق إلى الشهود والعيان، فيتحمّل في سبيل ذلك المصاعب والمشقة وينتظر فرج الله.
أما كلمة اصطبر: تحمل معنى الانتظار ولكن يرافق ذلك تنقية وطهارة وهذا ما توضحه الآية الكريمة: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا..}: لأن في الصلاة تحصل الصلاة والاتصال بالله ويحصل للمؤمن المصلي الحقيقي لذة وطرب ونعيم بسبب توارد النور الإلهي على قلبه ولكن وبسريان هذا النور الإلهي وحدوث هذا السرور تنال من الفضائل والكمالات بل تنمحي عنها بالمقابل الصفات الذميمة والمنحطة وتزول الشرور.
وعلى سبيل التشبيه ينقلب الفحم الأسود ألماساً، فيخلع المصلي ثوب الميول البهيمية والحيوانية وتحل محلها القيم الإنسانية، فبعد أن كان المرء جباناً يخاف من أبسط الأشياء فإنه بالصلاة يستند إلى جانب عظيم فيغدو هذا المؤمن شجاعاً لأنه استقى من ينبوع الشجاعة من الله الذي هو القوي ولا قوي سواه، فمن كان الله وليه فمن يجرؤ على أذاه.
كما تنقلب القسوة الوحشية إلى رحمة وعطف وحنان على كافة خلق الله فيغدو المرء رحيماً لا يؤذي أحداً، وكان بخيلاً يخشى الفقر، وينسب العزة للمال، فيغدو بعد الصلاة كريماً جواداً يجود ليس فقط بالمال بل بالنفس في سبيل إنقاذ عباد الله، وهكذا يتدرج في صفات الكمال ومن كمال إلى أكمل فهو دوماً يتكامل ويسمو ويعلو بإنسانيته وتزول منه النقائص الشريرة والمؤذية المدمرة فلا يؤذي نملة وهذا معنى اصطبر.
فحرف الطاء يرمز إلى الطهارة، وحينما ينادي ربنا الحبيب حبيبه صلى الله عليه وسلم: (طه)، نفهم منها أن الطاء: مشتقة من الطهارة و "الهاء" من الهداية فهو يناديه يا طاهراً من الذنوب ويا هادياً إلى علام الغيوب، فهو صلى الله عليه وسلم مصلح البشرية ومخرجها من الدنيا الدنية إلى جنات ربه العلية. من الظلمات إلى النور، هو السراج المنير. فها هنا كلمة اصطبر تعني الصبر مع نوال الطهارة بالصلاة تنحت الشهوات البهيمية المحرمة وتزول النقائص وتتبدل الصفات ينال المرء المكرمات ويرضي الله عنه فيثيبه الجنات عند انتقاله إليه لأنه غدا محسناً لعباد الله ولخلق الله فغدا وجهه أبيض وهذه فكرة يسيرة عن الفرق بين الصبر والاصطبار.

ثالثاً: اليأس والقنوط.
اليأس: هو انقطاع الأمل حيث انسدت جميع الأبواب وانقطعت السبل والأسباب لقدوم الفرج، ولكن يبقى هناك رجاء من الله وتوقع الفرج القريب والنصر المؤزر والنجاح والفلاح الأبدي من الله، أما بالأسباب والوسائل المادية فلا يوجد بصيص أمل. فإذا جاء الياس من البشر عندها يأتي الإمداد من الله بالفرج واليسر.
إذن اليأس: حين ينقطع الرجاء والأمل من الإنسان يبقى الأمل بالله وينصر الله المؤمن إذا انسدت في وجهه السبل يلتفت إلى الله ويلتجئ إليه ويبحث عن الأخطاء التي صدرت منه فيغيرها ويتوب عند ذلك يفتح الله له أبواب الخير، فاليأس حالته مؤقتة.
أما القنوط: يتضمن المستحيل وعدم توقع مجيء الخير وحصوله إطلاقاً. فحالة القنوط تكون عندما يقطع المرء أمله من الله، وهذه لا تكون إلا عند الكافرين فلم يعد لديهم أي توقع خير أو فوز ولا نصر ولا يرتجون الفرج، حالة من الإحباط والانهيار لبعدهم عن الله لا يعرفون ربهم فلا يتلجئون إليه لذلك تلزمهم حالة القنوط وتستمر معهم ولا تفارقهم.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Delicious Facebook Digg Favorites More