«العُنُوسة» ظاهرة عمَّت المجتمعات، ودخلت جُلَّ البيوتات، وحطمت آمال وتطلعات كثير من الشباب والشابات.
والعُنُوسة لفظ يطلَق على النساء والرجال. قال ابن منظور في مادة «عنس»: «قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَنَسَتِ الْجَارِيَةُ تَعْنُس إِذا طَالَ مُكْثُهَا فِي مَنْزِلِ أَهلها بَعْدَ إِدْراكها حَتَّى خرجتْ مِنْ عِداد الأَبكار، هَذَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فإِن تَزَوَّجَتْ مرَّة فَلَا يُقَالُ عَنَسَت... وَرَجُلٌ عانِس. قَالَ أَبو قَيْسِ بْنُ رَفَاعَةَ:
مِنَّا الَّذِي هُوَ مَا إِنْ طَرَّ شارِبُه *** والعانِسُون ومِنَّا المُردُ والشِّيبُ[1]
فهذه الظاهرة آفة باتت تهدد كيان المجتمعات العربية كما تشير إلى ذلك الدراسات والإحصائيات؛ ففي مصر أظهرت دراسة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد من وصلوا إلى سن الخامسة والثلاثين دون زواج وصل إلى تسعة ملايين شخص، منهم ما يزيد على ثلاث ملايين امرأة، وستة ملايين رجل.
كما أوضحت إحصائية وزارة التخطيط السعودية أن عدد النساء اللاتي بلغن الثلاثين دون زواج وصل إلى مليون و90 ألف.
ووَفْقاً للإحصائيات الرسمية الجزائرية فإن نسبة النساء العازبات وصلت إلى 51% من إجمالي عدد النساء، من بينهم أربعة ملايين فتاة لم يتزوجن رغم تجاوزهن سنَّ الرابعة والثلاثين.
وأوضحت الدراسة التي أعدها أستاذ علم الاجتماع الأردني الدكتور إسماعيل الزيود بعنوان «واقع العُنُوسة في العالم العربي» أن 50 % من الشباب السوري عازبون، و60 % من الفتيات السوريات عازبات، وبذلك تكون النسبة الكلية في سورية نحو 55% ممن بلغوا سن الزواج.
وفي السياق نفسه فإن نسبة العازبين بلغت 20% في كلٍّ من السودان والصومال، وفي العراق 85 % ممن بلغن سن الزواج وتجاوز عمرهن الخامسة والثلاثين بسبب العيش تحت الاحتلال.
وأظهرت الدراسة أن نسبة العازبات في البحرين أكثر من 20%، وفي الكويت 30%، وأن 35% من الفتيات في كلٍّ من الكويت وقطر والبحرين والإمارات بلغن مرحلة العُنُوسة أو (اليأس من الزواج)، وانخفضت هذه النسبة في كلٍّ من السعودية واليمن، بينما بلغت 20% في كلٍّ من السودان والصومال، وبلغت10% في كلٍّ من سلطنة عُمان والمملكة المغربية، وكانت في أدنى مستوياتها في فلسطين؛ حيث لم تتجاوز فتاةً واحدة من بين كل مائة فتاة"[2].
وهذه الظاهرة تختلف نسبتها من بلد إلى آخر، ومن بيئية إلى أخرى، تبعاً لاختلاف الأسباب المؤدية إليها.
وحول انتشار هذه الظاهرة وتفشيها في المجتمعات العربية نسلط الضوء عليها من خلال إجابتنا عن سؤالين مهمين: السؤال الأول: ما أسباب هذه الظاهرة؟ والسؤال الثاني: ما علاج لهذه الظاهرة؟
أولاً: أسباب هذه الظاهرة:
تتعدد الأسباب، وتختلف العوامل التي أدت وما تزال إلى انتشار هذه الظاهرة وتفشيها، وتصب جميعها في بوتقة البعد عن منهج رب العالمين، وهدي سيد المرسلين، ومن الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة إجمالاً:
أولاً: العادات والتقاليد.
ثانياً: الآباء والأمهات.
ثالثاً: الفتيات.
رابعاً: أسباب اجتماعية وقدرية.
خامساً: وسائل الإعلام.
فهذه خمسة أسباب رئيسية وراء تفشي هذه الظاهرة، ونزيد الأمر توضيحاً، فنقول:
أولاً: العادات والتقاليد:
فلكل مجتمع عاداته وتقاليده السائدة فيه، وهذه العادات والتقاليد منها الصالح النافع، ومنها الطالح الضار، ومن العادات الخاطئة، والتقاليد السيئة التي ساهمت في تفشي هذه الظاهرة وازديادها، ما يأتي:
1 - المغالاة في المهور، والتباهي فيها: وهذا سبب رئيسي في هذه المشكلة، وعائق كبير يحول دون زواج كثير من الفتيان. وهذه مشكلة تواجه جُلَّ الشباب الراغبين في الزوج، كما صرَّح بذلك كثير من الشباب، وكما يشهد بذلك الواقع.
2 - اشتراط القبيلة، وجعلها عائقاً أمام الشباب: فبعض الناس يشترطون في الرجل الذي يرغب في الزواج منهم أن يكون من قبيلة فلان، ويشددون في هذا الأمر دون مراعاة لإيمانه وورعه وأخلاقه، وهو ما أدى إلى كثرة الفتيات وازدياد العوانس.
3 - التزام الترتيب بين الفتيات في الزواج: فبعض الأسر لديهم طقوس معينة في تزويج بناتهم، فتجدهم لا يزوجون البنت الصغرى قبل الكبرى مهما كانت الظروف! ففي أحيان كثيرة نجد أن بعض الفتيات يتقدم لهن أكثر من خاطب في أوقات متفرقة، فيُرَدُّون بحجة أن الفتاة الكبرى لم تتزوج بعد! وهكذا يستمر هذا المسلسل حتى يصل الفتيات في البيت جميعاً إلى مرحلة العُنُوسة.
ثانياً: الآباء والأمهات:
ويتجلى هذا السبب من خلال الآتي:
1 - جشع بعض الآباء: فمن الآباء من يصد الخطَّاب عن ابنته لأنها موظفة تدرُّ عليه دخلاً شهرياً، ومنهم من إذا رأى في ابنته جانباً من الجمال والأدب الجم، دفع عنها الخطَّاب على أمل أن يتقدم لها أصحاب جاه أو ثروة، فيساومه عليها، وهذا الصنف وإن كان قليلاً في المجتمع إلا أنه موجود، ولا يسعنا تجاهل كونه سبباً وراء انتشار هذه الظاهرة.
2 - الشروط التعجيزية التي يفرضها والدا الفتاة على الزوج: وهو ما يدفعه إلى العدول عن الزواج بابنتهما.
3 - سوء سمعتهما: كأن تكون سيرتهما - جميعاً، أو أحدهما - غير حسنة.
4 - كثرة المشاكل بينهما: فتنشأ الفتاة ولديها عقدة عن الزواج، فترفض الإقدام عليه خوفاً من الوقوع في المشاكل ذاتها.
ثالثاً: الفتيات:
فلا يمكن لإنسان منصف أن يعفيهن من دورهن في انتشار هذه الظاهرة؛ وذلك من خلال الأمور الآتية:
1 - تعذُّرُهن بإكمال الدراسة: فبعض الفتيات يرفضن الزواج بحجة إتمام الدراسة، فيمضي بهنَّ قطار العمر، ويتقدم بهن السن، فلا يشعرن إلا حين يقف بهنَّ في محطة العُنُوسة.
2 - رفض بعضهن للخاطب إذا كان متزوجاً بزوجة أخرى.
3 - غرور بعضهن واعتقادهن أن فارس أحلامهن لم يولد بَعْدُ، وأنه لا أحد يستحق جمالهن.
4 - حرص بعضهن على الوظيفة، حتى أن بعضهن يشترطن على الخاطب أن لا يمعنهن من العمل.
5 - اختيار بعضهن للعنوسة اختياراً؛ وذلك من خلال بحثهن عن ما يسمونه الحرية الزائفة، والتحلل من القيود، والتهرب من الالتزامات.
6 - سوء سمعة بعضهن: بتركهن الحجاب، وغشيانهن للأماكن المختلطة والمشبوهة.
7 - انسياق بعضهن وراء التيارات الفكرية المنحرفة التي تنادي - زوراً وبهتاناً - بتحرير المرأة، ومساواتها بالرجل.
رابعاً: أسباب اجتماعية وقدرية:
فمن أهم الأسباب الاجتماعية:
1 - أزمة المساكن، وارتفاع أسعار وأجور العقارات: ففي بعض البلدان والمجتمعات يعد البحث عن المسكن الملائم ليكون عش الزوجية من المهمات الصعبة، ومن الأمور التي تثقل كاهل الشباب الذين يرغبون في الزواج، وبخاصة إذا كانوا من ذوي الدخل المحدود، الذين لا يفي دخلهم بمتطلبات تأسيس بيت، والإنفاق على أسرة في مجتمع يهتم بالشكليات والمظاهر.
2 - ضيق فرص العمل: فارتفاع نسبة البطالة بين السكان القادرين على العمل من أبرز الأسباب الكامنة وراء عزوف كثير من الشباب عن الزواج، وخاصة في الدول الفقيرة والنامية.
وأما الأسباب القدرية، فمنها:
1- الحروب المدمرة: التي يذهب ضحيتَها الآلاف من الشباب، فتزيد نسبة الإناث إلى الذكور.
2 - كثرة المواليد من الفتيات؛ كما يشهد بذلك الواقع.
خامساً: وسائل الإعلام:
وذلك من خلال الأمور الآتية:
- الدعوة لمساواة المرأة بالرجل.
- محاربة التعدد، وتجريمه.
- محاربة الزواج المبكر.
- نشر الصور الإباحية، والأفلام الخليعة.
- تشجيع الصداقة بين الجنسين، والحب الوهمي بين الشباب والفتيات.
ثانياً: علاج هذه الظاهرة:
يكمن علاج هذه الظاهرة والحد منها في معرفة أسبابها (وقد عرفنا بعض أسبابها)، ومن العلاجات ما يأتي:
أولاً: تخفيف المهور وتسهيلها، والبعد عن المغالاة فيها:فقد حث الإسلام على ذلك. قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "ألا لا تغالوا صدقة النساء؛ فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، ما علمت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- نكح شيئاً من نسائه، ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية"[3].
وزاد ابن ماجة: "وإن الرجل ليثقل صدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه"[4]. وحث على تذليل العقبات أمام الشباب. قال صاحب الظلال: "إن الزواج هو الطريق الطبيعي لمواجهة الميول الجنسية الفطرية، وهو الغاية النظيفة لهذه الميول العميقة، فيجب أن تزول العقبات من طريق الزواج، لتجري الحياة على طبيعتها وبساطتها. والعقبة المالية هي العقبة الأُولَى في طريق بناء البيوت، وتحصين النفوس"[5].
وحث الإسلام على تزويج الشباب الأكفاء، وحذر من ردِّهم؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ((إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))[6].
قال الملا علي القاري: "لأنكم إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه ربما يبقى أكثر نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان بالزنا، وربما يلحق الأولياء عار فتهيج الفتن والفساد، ويترتب عليه قطع النسب، وقلة الصلاح والعفة"[7].
وفي منع الفتاة: "من تزويجها بكفئها ثلاث جنايات: جناية الولي على نفسه بمعصية الله ورسوله، وجناية على المرأة حيث منعها من كفئها الذي رضيته، وجناية على الخاطب حيث منعه من حقٍّ أمَرَ الشارع بإعطائه إياه"[8].
وحذرَّ مِن عضل الفتاة، وتأخير زواجها بالرجل الكفؤ؛ فعن علي أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال له: ((ثلاث لا تؤخر: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤاً))[9].
وهناك طريقة عملية في تسهيل أمر الزواج، وتخفيف حدة المغالاة في المهور، قد أشار إليها ابن عثيمين، فقال: "ولو أننا نسلك طريقة لتسهيل الأمر، وتخفيف حدة المغالاة بتأجيل بعض المهر، بأن تقدم من المهر ما دعت الحاجة إليه في النكاح، ونؤجل الباقي في ذمة الزوج لكان هذا جائزاً وحسناً، وفي ذلك تسهيل على الزوج، ومصلحة للزوجة؛ فإن ذلك أدعى لبقائها معه؛ لأنه لو طلقها لحل المهر المؤجل إذا لم يكن له أجل معين"[10].
بل إن الآباء الصلحاء يسهلون أمر الزواج، ويختارون لبناتهم الأكفياء من الرجال؛ ويعرضون ذلك عليهم؛ فهذا الرجل الصالح صاحب مدين يعرض بنته على موسى - عليه السلام -: (قَالَ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ)[القصص: 72] قال القرطبي: "فيه عَرْض الولي ابنتَه على الرجل، وهذه سنة قائمة، عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وعرضتِ الموهوبة نفسها على النبي #، فمن الحسن عرض الرجل وليته، والمرأة نفسها على الرجل الصالح، اقتداء بالسلف الصالح. قال ابن عمر: لما تأيمت حفصة قال عمر لعثمان: إن شئت أنكحك حفصة بنت عمر"[11].
وعرض سيد التابعين سعيد بن المسيب ابنته على أحد طلبته، وزوَّجه بها؛ فعن ابن أبي وداعة، قال: "كنت أجالس سعيد بن المسيب، ففقدني أياماً، فلما جئته، قال: أين كنت؟ قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، قال: ألا أخبرتنا فشهدناها. قال: ثم أردت أن أقوم، فقال: هل استحدثت امرأة؟ فقلت: يرحمك الله، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة، فقال: أنا، فقلت: أو تفعل؟ نعم، ثم حمد الله وصلى على النبي –صلى الله عليه وسلم- وزوجني على درهمين، أو ثلاثة"[12].
ثانياً: أن يبادر الشباب إلى الزواج: فقد حث الإسلام كل شباب قادر على مؤنة النكاح (المهر والنفقة) على المبادرة إلى ذلك، فقال - تعالى -: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِـحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإمَائِكُمْ إن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)[النور: 23] قال ابن عباس: "أمر الله - سبحانه - بالنكاح، ورغَّبهم فيه، وأمرهم أن يزوِّجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى"[13].
وأوصى النبي –صلى الله عليه وسلم- بذلك؛ فعن عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فَلْيتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج... ))[14].
وتكفل الله -تبارك وتعالى- بإعانة الشباب العازمين على الزواج؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف))[15].
ثالثاً: أن يبادر الرجال المتزوجون إلى التعدد:فقد أباح لهم الإسلام ذلك بضوابطه وشروطه، فقال - تعالى -: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)[النساء: 3]. قال ابن سعدي: "أي مَنْ أحب أن يأخذ اثنتين فَلْيفعل، أو ثلاثاً فَلْيفعل، أو أربعاً فَلْيفعل، ولا يزيد عليها؛ لأن الآية سيقت لبيان الامتنان، فلا يجوز الزيادة على غير ما سمى الله - تعالى – إجماعاً"[16].
والتعدد بضوابطه ميزة تميز بها الإسلام عن بقية الأديان. قال صاحب الظلال: "فقد جاء الإسلام إذن، وتحت الرجال عشر نسوة أو أكثر أو أقل (بدون حد ولا قيد) فجاء ليقول للرجال: إن هناك حدّاً لا يتجاوزه المسلم (هو أربع) وإن هناك قيداً (هو إمكان العدل) وإلا فواحدة، أو ما ملكت أيمانكم.
جاء الإسلام لا ليطلق، ولكن ليحدد، ولا ليترك الأمر لهوى الرجل، ولكن ليقيد التعدد بالعدل، وإلا امتنعت الرخصة المعطاة"[17].
والإسلام حينما أباح ذلك إنما أباحه لما فيه من المصالح المرعية للرجال والنساء. قال صاحب أضواء البيان: "فالقرآن أباح تعدُّد الزوجات لمصلحة المرأة في عدم حرمانها من الزواج، ولمصلحة الرجل بعدم تعطل منافعه في حال قيام العذر بالمرأة الواحدة، ولمصلحة الأمة ليكثر عددُها فيمكنها مقاومة عدوها لتكون كلمة الله هي العليا، فهو تشريع حكيم خبير لا يطعن فيه إلا من أعمى الله بصيرته بظلمات الكفر. وتحديد الزوجات بأربع: تحديد من حكيم خبير، وهو أمر وسط بين القلة المفضية إلى تعطل بعض منافع الرجل، وبين الكثرة التي هي مظنة عدم القدرة على القيام بلوازم الزوجية للجميع"[18].
رابعاً: أن لا تجعل الفتيات الدراسة عائقاً لهن عن الزواج: فإن الزواج بالنسبة للفتاة أهم من الدراسة؛ لأن قطار الزواج يفوت بخلاف الدراسة فمجالها واسع، وقد ندمتْ كثير من الفتيات على زمان مضى رفضن فيه الزواج، وقدَّمن الدراسة عليه؛ حتى أن إحداهن صرخت بأعلى صوتها قائلة: «خذوا شهاداتي وكلَّ مراجعي، وأسمِعوني كلمة «ماما»، وتقول إحداهن والبكاء يقطع أحشاءها:
لقد كنتُ أرجو أن يقال: طبيبةً *** فقد قيل، مـاذا نالني من مقالها؟
فقل للتي كانت ترى فيَّ قـدوة: *** هي اليوم بين الناس يرثى لحالها
خامساً: العمل على حل أزمة المساكن، وضيق فرص العمل:وذلك من خلال إيجاد فرص العمل المباحة، وتنمية مهارات وقدرات الشباب، وهذا واجب من واجبات الدول والحكومات، وينبغي للمؤسسات والجمعيات الخيرية أن تساهم في ذلك، وأن تقيم المشاريع الخيرية التي تسهم في زواج الشباب، وتخفف من معاناة الشباب.
سادساً: أن تقوم وسائل الإعلام بدورها المنشود:وأن تكون أدواتَ تشجيع للشباب والفتيات على الزواج، لا أن تكون أدوات تخذيل وتثبيط، وأن تعمل على إبراز فضائل التعدد، وقبوله بشروطه الشرعية، وتشجيع الزواج المبكر ما كانت المصلحة فيه، وقلَّتْ أضراره بغلبة الظن، وأن تُحْجِم عن الدعوة إلى الإباحية، ونشر الصور الخليعة.
فهذه بعض الحلول التي إن عملنا بها وأخذناها بعين الاعتبار، فسنحد من هذه الظاهرة بإذن الله.
__________________
[1] ينظر: لسان العرب: (6/ 149)، دار صادر. ومعجم مقاييس اللغة: (4/156) لا بن فارس، دار الفكر.
[2] المصدر: http://www.albayan.co.uk/article.aspx?ID=499
[3] أخرجه الترمذي: (1114) وقال: «حديث حسن صحيح»، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: (3204).
[4] رواه بن ماجة: (1887)، والنسائي: (3349).
[5] في ظلال القرآن: (4/2514 - 2515)، دار الشروق.
[6] أخرجه الترمذي: (1084) وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (3090) وغاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام: (219).
[7] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (5/2047).
[8] الضياء اللامع: (2/260).
[9] أخرجه الترمذي: (1075). وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح: (605).
[10] الضياء اللامع: (2/260).
[11] الجامع لأحكام القرآن: (13/271)، دار الكتب المصرية.
[12] انظر القصة كاملة في «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم»: (6/ 324 - 325)، دار الكتب العلمية. وسير أعلام النبلاء: (5/233 - 134)، ط، الرسالة.
[13] جامع البيان في تأويل القرآن: (19/166).
[14] أخرجه البخاري: (5066)، ومسلم: (1400).
[15] أخرجه الترمذي: (1655)، والنسائي: (2318) وقال الترمذي: «حديث حسن»، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (1917) ومشكاة المصابيح: (3089).
[16] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص(163)، مؤسسة الرسالة.
[17] للمزيد يراجع: في ظلال القرآن: (1/578 - 579)، ط: الشروق، ففيه كلام نفيس حول هذه المسألة المهمة.
[18] أضواء البيان:(3/24)، ط، دار الفكر.
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire