الملامح الأساسية
للأسرة
في الإسلام
إعداد
الأستاذ الدآتور
محمد الهواري
١٤٢٥ ه / ٢٠٠٤ م
1
بسم الله الرحمن الرحيم
الملامح الأساسية
للأسرة
في الإسلام
توطئة:
الأسرة في الإسلام هي الدعامة الرئيسية التي يقوم عليها المجتمع، وهي اللبنة الأساسية
التي تتكون منها الأمة، وبقدر ما تكون هذه اللبنة متينة قوية ملتحمة، يكون بناء الأمة قوياً
راسخاً و صامدا. وعلى العكس فإن اللبنة الهشة الضعيفة سبب رئيسي في تفكك المجتمع
وضعف الأمة.
والأسرة المسلمة المهاجرة إلى بلاد الغرب جاءت تحمل معها عادات وتقاليد لم تكن
ترتكز على أسس صحيحة من الشريعة الإسلامية، وبدأنا نرى هذه العادات تتأثر إلى حدٍّ
آبير بعادات وتقاليد المجتمع الغربي من حيث بناء الأسرة وتربية الأفراد وتكوين
مجتمعات هجينة بعيدة عن أصولها الإسلامية، وليست في واقعها صورة صحيحة عن
المجتمع الغربي.
وآان لا بدّ أن نسلطَ الضوء على المبادئ الأساسية التي تقومُ عليها الأسرة الإسلامية،
وحاولنا في هذه الملامح الاختصارَ ما أمكن، مكتفين بذآر القواعد الأصولية الأساسية
وذآر دليلها من القرآن الكريم والسنة المطهرة.
ونرى أن من أولويات استراتيجية العمل الإسلامي الثقافي في الغرب العناية بالأسرة
المسلمة والاهتمام بالجوانب الاجتماعية والأصول الشرعية التي يجب أن تقوم عليها هذه
النواة الهامة، فالاستراتيجية ليست مجرّد قرارات نظرية تسطّر بين دفات الكراسات
والكتب، بل لا بدَّ أن تجدَ طريقها للتطبيق العملي، والأسرة هي المحضن الأساسي الذي
يبدأ فيه التطبيق.
ولعلنا في هذه العجالة نكون قد أسهمنا بما يرسّخ بنية الأسرة المسلمة ويحفظ هُويّتها
ويؤآد دورها الإنساني العالمي في إعطاء الصورة الربانية لبناء المجتمع.
والله الهادي والموفق إلى سواء السبيل.
2
الأسرة في الإسلام
١. تعريفها:
الأسرة هي النواة الأساسية التي ينعقد عليها بناء المجتمع، وتتكون من زوجين
(ذآر وأنثى) بعقد شرعي يتم برضاهما.
ويرفض الإسلام الرهبانية لكونها تتصادم مع الفطرة، آما يحرّم العشرة بغير
زواج . يقول الله تعالى: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِتَسْكُنُوا إليْهَا وَجَعَلَ
.[ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * " [ سورة الروم : الآية ٢١
والزواج سنة من سنن المرسلين، إذ يقول سبحانه وتعالى: " وَلقَدْ أرْسَلنَا رُسُلاً مِنْ
.[ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لهُمْ أزْوَاجَاً وَذُرّيَة" [ سورة الرعد : الآية ٣٨
وروى البيهقي في حديث سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه: ( إنَّ اللهَ أبْدَلَنَا
. بالرهبانِيّة الحنيفيةَ السمحاءَ ) ١
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( النكاحُ من
سُنَّتي فَمَنْ لمْ يعمل بسنتي فليسَ مني) ٢، وقال: ( وأتزوّج النساء، فمن رغب عن سنتي
. فليس مني) ٣
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: (يا معشَر الشباب! من استطاعَ منكمُ البَاءَةَ فليتَزَوَّجْ فإنَّه أغَضُّ للبصر
وأحْصَنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء) ٤. والباءة هي القدرة على
النكاح جِماعاً ونفقةً، والتزوّج من المباءة، وهي المنزل. وإلى أن يتحقق ذلك، ينصح
الشباب بالصبر والاستعفاف، فيقول عزّ وجلّ " وَلْيَسْتَعْفِفِ الذينَ لا يَجِدُونَ نِكاحَاً حَتَّى
. [ يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ" [ سورة النور: الآية ٣٣
والاستعفاف يكون بغضّ البصر والانصراف عن التفكير في الجنس، وبالصبر
والصوم، وقراءة القرآن والكتب النافعة وشغل أوقات الفراغ، والبيئة الصالحة والقرناء
الصالحين.
، وعن سَمُرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نَهَى عن التَبَتُّلِ) ٥
والتبتل الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعاً إلى عبادة الله.
ويعتبر الإسلام أن نظام الأسرة هو المحضن الوحيد الذي يمكن أن تنمو فيه
العلاقات الاجتماعية السويّة، لهذا فإن التعاليم التي وضعت في هذا المجال هيأت آلَّ
الفرص لتحقيق مجموعة من الفوائد في مقدمتها:
______________________________________
٥١ ) عن عثمان بن مظعون وقال في إسناده ضعف / 1. ذآره العراقي في تخريج الإحياء ( ٣
2. رواه ابن ماجة .
3. متفق عليه
( 4. رواه البخاري ( ٥٠٦٥ ) ومسلم ( ١٤٠٠ ) رواه أبو داود وابن ماجة في السنن من حديث ابن مسعود ورواه الترمذي ( ١٠٨١
( 5. رواه النسائي في سننه ( ٣٠١٣
3
أولا) الفوائد الإنسانية:
١) إن قيام الأسرة على عقد شرعي يلتزم فيه الطرفان أمام الله جميع الحقوق )
والواجبات المترتبة على العقد، يخلق جواً من الطمأنينة والسكينة والاستقرار
بين أفراد الأسرة.
٢) يؤدي هذا العقد الملزم إلى تأصيل وترسيخ المسؤوليات والحقوق والواجبات )
المتبادلة بين الزوجين، والمُثُل الأخلاقية التي ينبغي أن تقوم عليها الأسرة.
٣) يفرز نظامُ الأسرة هذا إنساناً سوياً متوازناً آمناً مطمئناً، يعيش في ظل جوّ )
الانتماء والتعاطف والتكافل، في مختلف مراحل حياته منذ أن يكون طفلاً حتى
آخر مراحل حياته.
٤) نظام الأسرة هو المجال الوحيد الذي يلبّي حاجات الإنسان الداخلية في معرفة )
أصوله وأنسابه معرفة مطمئنة، آما أنه يحقق الإحصانَ بما يسده من ثغرات
وإنشاء سلسلة من العلائق والروابط العائلية لحفظ النسل.
ثانيا) الفوائد الاجتماعية:
١) التعاون والتعارف بين الشعوب والقبائل المنصوص عليها صراحة في القرآن )
الكريم.
٢) زيادة النسل وحفظ النوع الإنساني. )
٣) إقامة أسس التراحم وعلاقات الأخوّة والبرّ بين خلايا المجتمع. )
٤) الارتقاء بالوازع العضوي ( البيولوجي ) والغريزي وتحويله إلى مؤسسات )
اجتماعية مستقرة.
٥) ذوبان النظرة الفردية في آيان أسري مترابط تُتَبَادَل في إطاره الحقوق )
والواجبات بعيداً عن الأثَرة والأنانية.
ثالثا) الفوائد الصحية:
١) تحقيق الإطمئنان النفسي وإزالة القلق والكآبة اللذين ينشآن من الانعزال )
والوحدة.
٢) توفير الرعاية الصحية الكافية التي تتحقق في ظل التعاون المتبادل بين أفراد )
الأسرة.
٣) توفير الإحصان الذي يحمي من الأمراض التي آثيراً ما تنشأ من العلاقات )
الجنسية غير المشروعة.
رابعا) الفوائد الاقتصادية:
١) التكافل بين أفراد الأسرة يؤدي إلى تحسين وضعها الاقتصادي وضبط الإنفاق )
وتوفير الدخل وحسن استغلاله.
4
٢) دعوة الإسلام للاعتماد على النفس وإتقان العمل ومساعدة أفراد الأسرة بعضهم )
بعضاً في داخل محيطهم المباشر يُرَشِّد الاستهلاك وينمّي الروح الإنتاجية
للجميع.
خامسا) فوائد أخرى:
١) الأسس التي وضعها الإسلام في عملية اختيار آل من الزوج والزوجة وتيسير )
الزواج وتحديد مسؤوليات وحقوق الزوجين، وغرس المودة بينهما، تنتج عنها
فوائد إنسانية واجتماعية واقتصادية وصحية متعددة، تفتح الباب لمجتمع يعيش
في ظل الحلال مما يوفر له الاستقرار الخلقي والنفسي والاجتماعي.
٢) الحمل والإنجاب ينميّان مشاعرالأبوّة والأمومة مما يزيد من ترابط الأسرة )
والإحساس بالإنتماء بعضهم لبعض، ويلبي شوق الفطرة إلى الذريّة، ويكفل
استمرار النوع ويهيء سلامة أجيال تتحمل مسؤولية بناء مستقبلها.
٣) عملية الرضاعة وطريقة تربية الطفل وتعليمه حسب المنهج الإسلامي، تقوّي )
روح التعاطف والمودة وتحقق السلامة الصحية نفسياً وعضوياً، وتساعد على
تنظيم الأسرة على الأسس الإسلامية وتنمّي صحة الأم، وتوفّر الرعاية
اللازمة لنمو الطفل نمواً طبيعياً.
٤) دعوة الإسلام للاعتناء بالمسنين والمعوقين وحسن رعايتهم تقوّي روح التآخي )
والترابط والتراحم بين عناصر المجتمع وتثبّت قيمة البرّ بالضعيف.
٥) هناك فوائد صحية لعملية ختان الذآر، آما أن هناك فوائد صحية واجتماعية )
وبعداً روحياً لآداب المعاشرة الزوجية آما ذُآِرت في الإسلام.
٢. تيسير الزواج:
أولا) حضّ عليه الإسلام إذ أن من تزوّج فقد استكمل نصف دينه. ويُولي الإسلام
اعتباره الأول لما يفي بحصول المودة والرحمة بين الزوجين وينهى عن
المعسّرات التي يفتعلها البعض في سبيل الزواج.
يقول الله تعالى:" وَانكِحُوا الأيَامَى منْكُمْ والصَّالِحينَ منْ عِبَادِآُم وإمَائِكُمْ "[ سورة
.[ النور : الآية ٣٢
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا تزوّجَ العبدُ فقد استكمل نصف دينه
. فليتقّ اللهَ فيما بقي) ٦
وقال عليه الصلاة والسلام: ( إذا جاءآم من ترضون دينه وأمانته فزوّجوه: إلا
. تفعلوا تكنْ فتنة في الأرض وفساد آبير) ٧
. وقال صلى الله عليه وسلم: (أعظم النساء برآةً أيسرهنَّ صداقاً) ٨
______________________________________
6. ذآره الألباني في السلسلة الصحيحة ( ٦٢٥ ) وهو حسن لغيره
( 7. رواه الترمذي. وحسنه الألباني وروى البيهقي عن أبي حاتم المزني نحوه بلفظ فأنكحوه .... وفساد عرض ( الحديث ١٣٨٦٣
( 8. ذآره العراقي في تخريج الإحياء وإسناده جيد ورواه البيهقي عن عائشة رضي الله عنها ( الحديث ١٤٧٤٥
5
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مِنْ يُمْنِ المرأةِ تيسيرُ خطبتِهَا، وتيسير
. صداقها، وتيسير رحمها) ٩
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
. (خَيْرُ الصَّداق أيْسَرُهُ) ١٠
ثانيا) على أن الزواج في الإسلام لا يجوز بالإآراه، فلا بدَّ أن تُستَأذنَ النساءُ في
أبضَاعهن، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: ( لا تُنْكحُ الأيِّمُ حتَّى تُسْتَأمرَ، ولا تنكَحُ البِكْرُ حتّى تُسْتأذنَ) قالوا: وآيف
. إذنها يا رسولَ الله؟ قال: ( أنْ تَسكتَ) ١١
وعن عكرمة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَحْمِلوا النِّساءَ على
. ما يكرَهْنَ) ١٢
وعن عبد الله بن بُرَيْدة عن أبيه قال: (جاءتْ فتاةٌ إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقالت: إنَّ أبي زوَّجني ابنَ أخيهِ ليرفعَ بي خَسِيسَتَه، قال: فجعلَ الأمرَ
إليها، فقالتْ: قد أجزتُ ما صنعَ أبي، ولكني أردتُ أن تعلمَ النساءُ أنْ ليسَ إلى
. الآباء من الأمر شيء) ١٣
وقد أورد الباجي في شرحه على الموطَّأ قال: (ومعنى آونها أحقّ بنفسها من
وليّها- آما ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم- أنه ليس له إجبارها على
النكاح، ولا إنكاحها بغير إذنها، وإنما له أن يزوّجها بإذنها ممن ترضاه، وليس
لها هي أن تعقد على نفسها نكاحاً، ولا أن تباشره، ولا أن تضع نفسها عند غير
آفْءٍ، ولا أن تولّي غير وليها ذلك الأمر، فلكل واحد منهما حقٌ في عقد
. النكاح) ١٤
٣. اختيار أحد الزوجين للآخر:
أولاً) الزواج رفقة العمر ووعاء الإنجاب فينبغي حُسْن الاختيار حسبما يُتَوسَّم معه
التوفيق فيهما وعلى قدر ما يفضي إليه النظر الصحيح واعتبار المعطيات
العلمية المستقرة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُنكَحُ
المرأةُ لأربع: لمالها ولحَسَبها ولجَمَالها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدين تَرِبَتْ
. يداكَ) ١٥
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تزوَّجُوا النساء لحُسنِهنَّ فعَسى حُسنُهُنَّ أن
يُردِيَهُنَّ، ولا تزوجوهنَّ لأموالهنَّ فعسى أموالُهن أنْ تطغَيَهُنَّ، ولكنْ تزوجوهنَّ
. على الدين، ولأَمةٌ خَرْقاءُ سوداء ذات دين أفضل) ١٦
______________________________________
9. رواه أحمد والطبراني وذآره الألباني في صحيح الجامع ( ٢٢٣٥ ) وقال إنه حسن
10 . أخرجه أبو داود، وصححه الحاآم وقال عنه الألباني في صحيح الجامع ( ٣٢٧٩ ) إنه صحيح
11 . أخرجه الشيخان.
12 . أخرجه الصنعاني في المصنف.
13 . أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح.وقال الألباني بأن رجاله رجال الصحيح
14 . شرح الموطأ للباجي ص/ ١٣٠
15 . رواه البخاري ومسلم مع بقية السبعة.
16 . رواه ابن ماجة. وقد ذآره الألباني في ضعيف ابن ماجة ( ٤٠٩ ) وقال عنه ضعيف جداً
6
ثانياً) وقد أجاز الإسلام لمن أراد أن يتزوج امرأةً أن ينظر منها ما يدعوه إلى
نكاحها. عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا
خطبَ أحدُآم المرأة فإن استطاع أن ينظرَ منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها
. فليفْعَلْ) ١٧
وعن محمد بن سَلَمة قال: خطبتُ امرأةً فجعلتُ أتخَبَّأُ لها، حتى نظرتُ إليها في
نخلٍ لها، فقيل له أتفعلُ ذلك وأنت صاحبُ رسول الله؟ فقال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا ألقى الله في قلب امرئٍ خطبَة امرأة، فلا
. بأسَ أن ينظرَ إليها) ١٨
وعن أنس بن مالك أن المغيرة بن شُعبة أراد أن يتزوّج امرأة، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم: (اذهبْ فانظرْ إليها، فإنه أحرَى أن يُؤْدَمَ بينكما، فأتيتُ
امرأةً من الأنصار فخطبتُها من أبويها وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه
وسلم، فكأنّهما آرهَا ذلك. قال: فسمعتْ بذلك المرأةُ وهي في خِدرها فقالتْ:
إن آان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدكَ
الله. قال فنظرت إليها فتزوجتها ) ١٩ . ومعنى يؤدم أي يوفق ويؤلف ويديم
المودة. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا لا بأس أن ينظر إليها
ما لم يرَ منها مُحرَّمَاً وهو قول أحمد وإسحق.
ثالثاً) وقد رغَّبَ الإسلام بالزواج بالأبكار من النساء وحتى يستكمل التآلف والتآنس
بين الزوجين. والثيّب قد تكون معلقة القلب بزوجها الأول.
عن جابر رضي الله عنه قال: تزوجتُ فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
(أتَزوَّجْتَ يا جابر؟) قلتُ: نعم. قال: ( بكراً أم ثيباً ؟) فقلت: ثيباً. قال: (فهلاّ
. بكراً تلاعبُها وتلاعبك؟ ) ٢٠
وعن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (عليكم بالأبكار فإنهنَّ أعذبُ أفواهاً، وأنتَقُ أرحاماً وأرضى
باليسير) ٢١ . ومعنى أنتق أرحاماً أي أآثر أولاداً وأشد استعداداً للحمل
والإخصاب.
رابعاً) ورغَّبَ الإسلام في أن تتزوج المرأة مثلها في السنّ لكون ذلك أقرب إلى
المؤالفة. عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: خطب أبو بكر وعمر رضي الله
عنهما فاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنها صغيرة )، فخطبها
عليّ فزوجها منه. ٢٢
______________________________________
17 . رواه أبو داود ( ٢٠٨٢ ) وأحمد ورجاله ثقات ، وصححه الحاآم وله شاهد عند الترمذي والنسائي عن المغبرة.
18 . رواه ابن ماجة في سننه. وذآره الألباني في صحيح الجامع ( ٣٨٩ ) وقال إنه صحيح
(١٨٦٦/ ٧٠ ) وابن ماجة ( ١ -٦٩/ ٢٠٦ ) والنسائي ( ٦ / ١٤٦ ) والترمذي ( ٤ -١٤٥-١٤٤/ 19 . أخرجه أحمد ( ٤
20 . رواه النسائي في صحيحه ( ٣٠١٨ ) .وقال الألباني بأنه صحيح
21 . رواه ابن ماجة (وذآر الألباني أنه حسن ) ( صحيح ابن ماجة )
22 . رواه النسائي.وقال الألباني في صحيح النسائي: ( ٣٠٢٠ ) بأن إسناده صحيح
7
خامساً) ومن القواعد التي وضعها الإسلام في اختيار أحد الزوجين للآخر أن يكون
الانتقاء للشريك من أسرة عُرِفَت بالصلاح والأصالة والخلق، وحذّرَ من
الزواج بالنساء ذات المنبت السوء، إلى جانب أن تكون الكفاءة والأهلية بينهما
متماثلة.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله
. عليه وسلم قال: ( الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعها المرأة الصالحة) ٢٣
وعن اسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه عن جدّه رضي الله
عنهما، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مِنْ سعادة ابن آدم ثلاثةٌ،
ومن شَقْوَة ابن آدم ثلاثة. من سعادة ابن آدم؛ المرأة الصالحة، والمسكن
الصالح، والمرآب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم؛ المرأة السوء، والمسكن
. السوء، والمرآب السوء) ٢٤
عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً (إيّاآم وخضراء الدِّمَن) قالوا: وما خضراء
. الدّمن يا رسول الله؟ قال: ( المرأة الحسناء في منبت السوء) ٢٥
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
. (تخيّروا لنطفكم فانكحوا الأآفّاء وانكحوا إليهم) ٢٦
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا
أتاآم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد
. عريض) ٢٧
وسأله صلى الله عليه وسلم مرثدُ الغنوي، فقال: يا رسولَ الله، أنكح عناقاً،
وآانت بغياً بمكة، فسكتَ عنه، فنزلتْ الآية: " الزَّاني لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أوْ
مُشْرِآَةً والزَّانِيَةُ لا ينْكِحُهَا إلاّ زَانٍ أوْ مشْرك" [ سورة النور : الآية ٣ ]، فدعاه
. فقرأها عليه، وقال: " لا تنكحها " ٢٨
وسأله صلى الله عليه وسلم رجلٌ آخر عن نكاح امرأة يقال لها أم مهزول آانت
تُسَافِح، فقرأ عليه الآية. ٢٩
سادساً) ومن توجيهات الإسلام في اختيار الزوجة تفضيلُ المرأة البعيدة نسباً على
النساء ذوات القرابة من غير المحارم، حرصاً على نجابة الولد وضماناً
لصحته وسلامة جسمه من الآفات والعاهات الوراثية، وتوسعاً لدائرة التعارف
والترابط الاجتماعي.
روى طلحة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الناآح في قومه
. آالمعَشِّب في داره ) ٣٠
ويقول الإمام الغزالي في الإحياء: ( فإن ذلك – زواج القريبة – يقلل الشهوة ...
إنما الشهوة تنبع بقوة الإحساس بالنظر واللمس، وإنما يقوى الإحساس بالأمر
______________________________________
(١٦٨/ 23 . رواه مسلم ( ١٤٦٧ ) ، وابن ماجة ( ١٨٥٥ )، وأحمد ( ٢
١٤٤ ) وصححه، ووافقه الذهبي. / ١٦٨ ) ورواه ابن حبان في صحيحه ( ٤٠٢١ ) ، والحاآم ( ٢ / 24 . رواه أحمد ( ١
(١١٥٧/ 25 . رواه الدارقطني والعسكري وابن عدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً وذآره ابن حجر في تلخيص الحبير ( ٣
26 . رواه ابن ماجة والدارقطني والحاآم. وذآره الألباني في السلسلة الصحيحة ( ١٠٦٧ ) وقال صحيح بمجموع طرقه
.( 27 . رواه ابن ماجة وأخرجه الترمذي مرسلاً وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة ( ١٦٠١
28 . أخرجه أبو داود ( ٢٠٥١ ) ، والترمذي ( ٣١٧٧ ) ، والنسائي ( ٣٢٢٨ ) . وقال عنه الألباني بأنه حسن صحيح .
( ٢٢٥ ). وخرجه الألباني في صحيح أبي داود ( ٧٤ ، ١٥٩ / 29 . أخرجه أحمد ( ٢
( 30 . أورده في مجمع الزوائد ٤ / آتاب النكاح. وذآره الألباني في السلسلة الضعيفة ( ١٥٣٩
8
الغريب الجديد، فأما المعهود الذي دام النظر إليه مدة، فإنما يضعف الحسّ عن
. إتمام إدراآه والتأثر به ولا تنبعث به الشهوة ) ٣١
وروي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: ( آان أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم يكرهون الجمع بين القرابة في النكاح، وقالوا عنه: إنه يورث الضغائن).
على أن الإسلام لم يحرّم أبدا الزواج من الأقارب غير المحرمات وليس
الابتعاد عنه قاعدة مطلقة .
يقول الله تعالى " يا أيُّهَا النبيُّ إنَّا أحْلَلْنَا لكَ أزْواجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ، ومَا
مَلَكَتْ يَمينُكَ ممَّا أفَاءَ الله عليْكَ وبناتِ عمّكَ وبناتِ عمّاتِكَ وبناتِ خالِكَ وبنَاتِ
خالاتِكَ ... " [ سورة الأحزاب : الآية ٥٠ ] . وقد أجازَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم
زواج ابنته فاطمة من ابن عمّه علي رضي الله عنهما، ولكن ذلك آان في أسرة
خالية من الجينات الضارّة.
من هنا نستنتج أنه إذا حدث مرض وراثي في الأسرة أو إذا وجد فيها طفل
ضاوٍ (أي سقيم) أو ضعيف، فإنه يُنصح للأسرة أن تمنع التزاوج بين أفرادها.
ويمكن أن تندرج هذه النصيحة الطبية تحت القاعدة الشرعية العامة التي تقول:
( لا ضرَرَ ولا ضِرَار). آذلك رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما
لاحظ أن بني السائب ينجبون أطفالاً ضاوين أو ضعافاً من جرّاء تزاوج أفراد
القبيلة نهاهم عن ذلك وأمرهم بأن يتزوجوا من أفراد القبائل الأخرى لحماية
أطفالهم فقال: ( اغتربوا لا تُضْوُوا ).
سابعاً) ومن توجيهات الإسلام في الزواج اختيار المرأة الولود، ويمكن أن يعرف ذلك
بأمرين:
( أ) سلامة الجسم من الأمراض التي تمنع الحمل، ويستعان على ذلك اليوم
بالفحص الطبي واستشارة الأطباء المختصين.
(ب ) النظر إلى حال الأم والأخوات المتزوجات، فإن آنَّ من الصنف الولود
فعلى الغالب تكون هي آذلك.
عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: إني أصبت امرأة ذات منصب إلا أنها لا تلد أفأتزوجُهَا؟ فنهاه ثم
أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فنهاه فقال: ( تزوّجوا الولود، الودود فإني
مكاثرٌ بكم الأمم) ٣٢ . وفي رواية: ( مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ).
______________________________________
. ٧١٩- 31 . إحياء علوم الدين ط/ الشعب ج: ٤ ص ٧١٨
( ١٥٨ ) ، وابن حبان ( ١٢٢٨ ) .وصححه الألباني في إرواء الغليل ( ١٧٨٤ / 32 . أخرجه أحمد ( ٣
9
وعن أيوب بن سيرين قال: بعث عمر بن الخطاب رجلاً على السعاية
فأتاه فقال: تزوجت امرأةً، فقال أخبرتها أنك عقيم لا يولد لك؟ قال: لا !
. قال: فأخبرها وخيِّرهَا ٣٣
ثامناً) ونحب أن نؤآد هنا أخيراً بأن الزواج لا يتم إلا بعقد نكاح شرعي، وعقد النكاح
هذا هو ميثاق يُبرَم بين الطرفين – أي الزوج وولي الزوجة – يختص بموجبه
الزوج بحق الاستمتاع بالزوجة، وتبدأ الحياة الزوجية به على أساس من الحب
والتعاون.
ويرى الفقهاء المسلمون أن للعقد أرآاناً أربعة هي:
١) الولي ( ٣) الصداق )
٢) الشاهدان ( ٤) الصيغة )
أما الولي فهو شرط أساسي في صحة العقد لما روت عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نِكَاحَ إلاّ بولي) ٣٤ ، وعليه فلا يجوز
للمرأة أن تزوج نفسها لما روت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: ( أيُّمَا امرأةٍ أنكحت نفسَهَا بغير إذن وليِّها، فنكاحها باطلٌ،
باطلٌ، باطل، فإن أصابها، فلها المهرُ بما استحلَّ من فرجها، فإن اشتجروا،
فالسلطان وليُّ مَنْ لا وليَّ له ) ٣٥ . والولي هو الأب أولاً أو وصيّه عند موته ثم
الجد وإن علا ثم الإبن وإن نزل، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأبٍ، ثم ابن الأخ
الشقيق، ثم ابن الأب لأبٍ، ثم أبناء الإخوة وإن نزلوا ثم العم.
أما الصداق فلا تحديد له في الشريعة، وآل ما يتموّل به يجوز صداقاً وقديكون
تحفيظ جزءٍ من القرآن. فقد سألَهُ صلى اله عليه وسلم رجلٌ أن يزوجه امرأةً،
فأمره أن يصدقها شيئاً، ولو خاتما من حديد، فلم يجده، فقال ما معك من القرآن؟
قال: معي سورة آذا وسورة آذا، قال: (تقرؤهنَّ عن ظهر قلبك؟) قال: نعم!
. قال: ( اذهب فقد ملَكْتَهاَ بما معك من القرآن) ٣٦
وسُئِلَ صلى الله عليه وسلم عن صداق المرأة، فقال: ( هو ما اصطلح عليه
. أهلوهم ) ٣٧
وأما الشاهدان فهما شرط لصحة العقد لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: ( لا نكاحَ إلاّ بوليٍّ وشاهدَي عدل) ٣٨ . فيجب أن يكون الشاهدان عدلين:
أي مجتنبين للكبائر ظاهرين بالأمانة، ليسا مغفلين، إضافة إلى البلوغ والحرية
والذآورة والتكلم والسمع.
______________________________________
33 . أخرجه الصنعاني في المصنف.
٢٦٠ ) وقال الإمام أحمد هذا حديث صحيح / 34 . أخرجه أبو داود ( ٢١٨٥ ) والترمذي ( ١١٠١ ) وأحمد ( ٦
35 . رواه أبو داود ( ٢٠٨٣ ) والترمذي ( ١١٠١ ) وهو حسن صحيح.
. ( ٩٩ ) ومسلم ( ١٠٤١ / 36 . متفق عليه ، أخرجه البخاري ( ٧
(٢٣٩/ 37 . ذآر الدارقطني وأخرجه البيهقي ( ٧
١٢٥ ) ، ورفع عدي بن الفضل ولم يرفعه غيره. / ٢٢٥ ) ، والبيهقي في السنن الكبرى ( ٧ / 38 . أخرجه الدارقطني ( ٣
10
وأما صيغة العقد فهي الإيجاب والقبول، بين ولي الزوجة من جهة والزوج أو
نائبه من جهة أخرى وبألفاظ صريحة تدل على انعقاد الزواج آأن يقول أنكحتُكَ
أو زوَّجتُكَ وقبول الزوج أو نائبه فيقول قبلتُ أو تزوَّجْتُ ... إلخ.
ويستحبُّ أن يخطبَ قبلَ العقد بخطبةِ ابن مسعود رضي الله عنه التي قال:
علَّمَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم التشهدَ في الحاجة: ( إن الحمدَ لله نحمده،
ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شُرورِ أنفُسِنَا ومِنْ سيِّئات أعمالنا، من يهْدِ
اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ، ومن يُضلل فلا هاديَ لهُ. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمداً عبدُهُ ورسولُهُ) ويقرأ ثلاث آيات: " اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ولاَ تَمُوتُنَّ إلاّ
وَأنْتُمْ مُسْلِمونَ " [ سورة آل عمران : الآية ١٠٢ ]، " وَاتَّقُوا اللهَ الّذي تَسَاءَلونَ بِهِ
والأرْحَامَ إنَّ اللهَ آَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَاً " [ سورة النساء : الآية ١]، " اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً
٣٩. [ سَدِيدَاً يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمَالَكُمْ " [ سورة الأحزاب : الآية ٧٠
آما يستحبُّ إعلانُ النكاح، والضرب عليه بالدُّف والوليمة لما روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أَعْلِنُوا النكاحَ، واضرِبُوا عليْهِ بالدفّ) ٤٠ . وعن
أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد
الرحمن بن عوف أثرَ صُفرةٍ فقال: ( ما هذا ؟ ) قال: يا رسول الله إنّي تزوجتُ
. امرأةً على وزنِ نواةٍ من ذهَبٍ قال: ( فبَاركَ اللهُ لكَ، أَوْلِمْ ولو بشاةٍ ) ٤١
٤. الزيجات المحرّمة في الإسلام :
حرّمَ الإسلام الزواج من النساء في الحالات التالية:
أولاً) النساء ذوات القرابة المعينة: مثل الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت
الأخ وبنت الأخت.... إلخ.
يقول الله تعالى:" ح ِ ر متْ عليكُ م أُمهاتُكُم وبَناُتكُم وأ َ خ واُتكُ م و ع ماُتكُ م
و َ خالاُتكُ م وبنَا ُ ت الأَخِ وبَنا ُ ت الأخْتِ وأمهاتُكُ م اللائِي أَ ر ض عَنكُم
وأَ َ خ واُتكُم مِ ن ال رضا عةِ وأُ م ها ُ ت نِ سائِكُم و ربائِبِكُم اللاتي في
ح جورِكُم مِ ن نِ سائِكُ م اللاتي د َ خْلُت م بِهِ ن، َفإ ن َل م َتكُوُنوا د َ خْلُت م بِهِ ن َفلا
جنَا ح عَِليكُ م، وحلائِلُ أبنائِكُ م اّلذي ن مِ ن أَ صلابِكُ م وأ ن َت ج م عوا بي ن
الأُخَْتين إلا ما َق د سَل َ ف، إ ن اللهَ كا ن غَُفو رًا رحِي مًا* وال م ح صَنا ُ ت مِ ن
. [٢٤- النِّ ساء " [ سورة النساء: الآية ٢٣
.[ وقال تعالى: " ولا َتْنكِ حوا ما َن َ كح آباؤُ ُ كم مِ ن الّنساءِ " [ سورة النساء : الآية ٢٢
______________________________________
39 . رواه الترمذي في سننه ( ١١٠٥ ) وهو حسن.
40 . أخرجه ابن ماجة ( ١٨٩٥ ) وهو صحيح
41 . متفق عليه واللفظ لمسلم.
11
ثانيًا) الأمهات والأخوات من الرضاع:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يح ر م من ال ر ضاع ما يح رم من
. النَّسب) ٤٢
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يح رم من
. الرضاع ما يح ر م من الولادة ) ٤٣
ثالثاً) أمّ الزوجة وبناتها وامرأة الأب وامرأة الإبن من الصلب. يقول تعالى:
"وأمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ " [ سورة النساء : الآية ٢٣ ]، فمتى عقد على امرأة حَرُمَ عليه
جميع أمهاتها من النسب والرضاع، وحلائل الآباء أي زوجات الأب من
النسب والرضاع، وحلائل الأبناء وهن زوجات أبنائه وأبناء أبنائه وبناته وإن
سفلوا من نسب أو رضاع.
رابعاً) الجمع بين الأختين والمرأة على عمتها أو خالتها والعمة على بنت أخيها أو
الخالة على بنت أختها. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يُجمَعُ بين
. المرأةِ وعمَّتها، ولا بين المرأة وخالتها ) ٤٤
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا
تنكحُ المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها،
ولا الخالة على بنت أختها؛ ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى
. على الكبرى ) ٤٥
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تُنكَحَ
المرأةُ على عمتها والمرأة وخالتها، فترى خالة أبيها بتلك المنزلة لأن عروة
حدثني عن عائشة قالت : حرِّمُوا من الرضاع ما يحْرُمُ من النسب. ٤٦
خامساً) المحصنات من النساء:
وذلك لأمر الله تعالى في القرآن الكريم في [سورة النساء : الآية ٢٤ ] التي أوردناها
سابقاً والتي تشير إلى حرمة نكاح المحصنات من النساء.
٥. مقصدا الزواج في الإسلام :
أولاً) حنين الإلف إلى إلفه وما يضمُّهما من مودة و رحمة وعروة وثيقة.
ثانياً) الإنجاب: فلا يجوز للقادر على الإنجاب أن يجرّد من الزواج البتّة .
يقول الله تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِتَسْكُنُوا إليْهَا وَجَعَلَ
. [ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * " [ سورة الروم : الآية ٢١
______________________________________
42 . حديث متفق عليه.
43 . رواه البخاري ومسلم ورواه أبو داود والنسائي.
( 44 . حديث متفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه أبوداود في سننه ( ٢٠٦٦
( 45 . رواه أبو داود في سننه ( ٢٠٦٥ ) وذآره الألباني في صحيح أبي داود ( ١٨١٨
46 . رواه البخاري.
12
. [ وقال تعالى: " هُنَّ لِبَاسٌ لَكمْ وأنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ " [ سورة البقرة : الآية ١٨٧
. [ وقال تعالى: " نِسَاؤُآُمْ حَرْثٌ لكُمْ " [ سورة البقرة : الآية ٢٢٣
وقال تعالى: " واللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً وَجعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ
وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطّيِّبَاتِ، أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ " [ سورة
. [ النحل : الآية ٧٢
٦. آداب الجماع:
أولاً) المتعة بالحلال حق متبادل بين الزوجين يوجب الرفقة وحسن المراعاة في
حدود ما أوصت به الشريعة الإسلامية.
وصف القرآن الكريم العلاقة بين الرجل والمرأة بتعبير جميل ورقيق حيث
قال: " هُنَّ لِبَاسٌ لَكمْ وأنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ " [ سورة البقرة : الآية ١٨٧ ]، وأوصى
الإسلام ألا يأتي الرجل زوجته قبل أن يحدثها ويلاطفها ويلاعبها ويستثير فيها
الرغبة والشهوة للجماع بالقبلة ومصّ الشفاه واللسان واللمس وما شابه، ولا
يقوم عنها قبل أن تقضي حاجتها منه آما قضى حاجته منها، وهو بهذا مأجور
ومثاب عليه.
وفي الحديث " (وفي بُضْعِ أحَدِآُمْ صَدَقَةٌ) .... قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا
شهوتَهُ ويكونُ له فيها أجرٌ؟ فقال: (أرأيتم لو وضعها في الحرام أآان عليه
. وزر؟) ..... ( فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له الأجر ) ٤٧
وفي الحديث: (لا يقَعَنَّ أحدآم على امرأته آما يقع البعير، وليكن بينهما
. رسول)، قيل وما الرسول يا رسول الله ؟ قال: ( القبلة والكلام ) ٤٨
وجاء في الحديث أيضاً: ( إذا جامعَ أحدُآم امرأته فليصدقها، فإن قضى حاجته
. قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها) ٤٩
ثانياً) والاستتار بالجماع فرض في الكتاب والسنة:
قال تعالى: " يَاأيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الذينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنْكُم ثَلاثَ
مَراتٍ من قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ، وحينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ، وَمِنْ بَعْدِ
. [ صلاةِ العِشَاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمُ " [ سورة النور : الآية ٥٨
وعن معاوية بن حيدة قال: قلت: يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذرْ؟
قال: ( احفظ عورتكَ إلاّ مِنْ زَوْجِكَ أو مَا مَلَكَتْ يمينُكَ )، قال: يا رسول الله إذا
آانَ القوْمُ بعْضُهُم في بَعْض؟ قال: ( إنْ استطَعْتَ ألاّ يَرَيَنَّها أحدٌ فلا يَرَيَنَّهَا)،
______________________________________
47 . رواه مسلم وأحمد عن أبي ذرّ .
٦٥ ) وقال بأنه حديث منكر / 48 . رواه الديلمي في مسند الفردوس.وذآره العراقي في تخريج الإحياء ( ٢
.( 49 . أخرجه أبو علي ورواه الصنعاني في المصنف.وذآره الألباني في ضعيف الجامع ( ٤٤٩
13
قال: قلت يا رسول الله إذا آان أحدُنَا خالياً ؟ قال: ( اللهُ أحَقُّ أنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ
. منِ النَّاسِ ) ٥٠
ثالثاً) سرية العلاقة الجنسية:
وإذا آان الإسلام يحرصُ على تحقيق التكامل في العلاقات الجنسية بين
الزوجين فإنه يحرص آذلك على إحاطة ذلك بسياج من القدسية والسريّة
التامة... حفاظاً على المروءة والشرف، وقد حذَّر الإسلام من ممارسة الجنس
علانيةً أو جعله موضوع الحديث والسّمَر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشرِّ الناس عند الله منزلةً يوم
. القيامة الرجلُ يُفضِي إلى امرأته وَتُفْضِي إليه ثمَّ ينشُرُ سِرَّهَا) ٥١
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا الرسول صلى الله عليه وسلم :
فلما سلَّمَ أقبلَ علينا بوجهه فقال: ( مَجالسُكم هلْ منكم الرّجلُ إذا أتى أهلَهُ أغلقَ
بابَهُ وأرْخى ستره، ثم يخرج فيحدّث فيقول: فعلت بأهلي آذا ؟ ) .... فسكتوا..
فأقبل على النساء فقال: هل منكنَّ من تحدّث؟ فجثَتْ فتاةٌ آعاب على إحدى
رآبتيها وتطاولت ليراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع آلامها.
فقالت: إي والله إنهم يتحدثون وإنهن يتحدثن. فقال عليه السلام: (هل تدرون ما
مثل من فعل ذلك؟ إن من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهم صاحبته
. بالسكة فقضى حاجته منها والناس ينظرون ) ٥٢
٧. منهيّات الجمَاع :
أولاً) المحيض: هو أذى يُجتَنَبُ فيه الوطءُ الكامل، ويباح قضاء الشهوة بغيره من
المباشرة.
قال تعالى: " وَيسْأَلُونَكَ عنِ المَحيضِ، قُلْ هُوَ أذَىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في
. [ المَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ" [ سورة البقرة: الآية ٢٢٢
. [ وقال تعالى:" فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَآُمُ اللهُ " [ سورة البقرة: الآية ٢٢٢
ثانياٌ) نهى الإسلام عن إتيان المرأة في دبرها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
. (ملعون من أتى امْرَأةً في دبُرهَا) ٥٣
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا ينظرُ اللهُ إلى
. رجلٍ أتى رجُلاً أو امرأةً في دُبُرها) ٥٤
______________________________________
.( 50 . رواه أصحاب السنن إلا النسائي، وآذا أحمد والبيهقي وسنده حسن وصححه الحاآم.وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ( ٢٢٤٤
51 . رواه ابن أبي شيبة ، ومن طريق مسلم وأحمد وأبو نعيم والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري.وهو حديث صحيح
( 52 . رواه أحمد وأبو داود.وذآره لألباني في صحيح الجامع ( ٧٠٣٧
53 . رواه النسائي وله شاهد عند ابن عدي من حديث عقبة بن عامر وسنده حسن .
54 . أخرجه النسائي ( ١١٥ في عشرة النساء) والترمذي ( ١١٦٥ ) وابن حبان في صحيحه ( ٤١٩١ ) وسنده حسن.
14
وعن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ اللهَ لا يستحيي
. من الحقّ: لا تأتوا النساء في أدبارهنَّ ) ٥٥
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها أو
. آاهناً فصدّقهُ بما يقول فقد آفرَ بما أنزلَ على محمّد ) ٥٦
٨. تحريم الزنى واللواط وما شابه :
أقام الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة على الرباط الشرعي بالزواج، وحرّمَ
ما وراءَ ذلك تحريما قاطعاً آالزنى واللواط، ويلحق بذلك جميع الانحرافات
الجنسية على اختلافها؛ آإتيان البهيمة (مجامعة الحيوان) والسحاق ( مجامعة
النساء للنساء ) وما ينتج عن سوء التصور لطبيعة الوظيفة الجنسية واعتبار
المتعة الناتجة عنها هي الأساس آائناً ما آان الأسلوب أو الطريق.
الزنى فاحشة وآبيرة من الكبائر، ولها آثار اجتماعية في منتهى السوء فهي
سبب من أسباب تفكك الأسرة، واختلاط الأنساب، والاعتداء على حقوق
الزوج أو الأب أو الأخ بمضاجعة قريباتهم، وهي آذلك المصدر الرئيسي
لانتشار الأمراض المنقولة جنسياً، والحمل قبل الزواج (وهو مشكلة آبيرة
للمراهقات)، والأبناء غير الشرعيين (وهي مشكلة للمراهقات وللأسرة
والمجتمع)، ولذلك حرّم الإسلام الزِّنَى تحريماً قاطعاً.
قال تعالى: " وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ آانَ فَاحِشَةًِ وَسَاءَ سَبِيلاً " [ سورة الإسراء : الآية
. [ ٣٢
[ وقال تعالى:"وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ منْهَا وَمَا بَطَنَ"[ سورة الأنعام: الآية ١٥١
وقال تعالى: " الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زانِيَةً أوْ مُشْرِآَةً ، والزَّانِيَة لا ينكِحُهَا إلاّ زَانٍ
. [ أوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلكَ عَلى المُؤْمِنِينَ " [ سورة النور : الآية ٣
وقال تعالى: " وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إلاّ بالحَقِّ وَلا يَزْنُونَ " [ سورة
. [ الفرقان : الآية ٦٨
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزْني الزَّاني حينَ يزْنِي وهُوَ
. مُؤْمنٌ) ٥٧
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا زنى الرجلُ خرجَ منه الإيمان فكان عليه آالظلّة، فإذا أقلع رجع إليه
. الإيمان) ٥٨
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الزَّانِي بِحَلِيلَةِ جَارِهِ لا يَنْظُرُ اللهُ إليهِ يومَ
. القيامة ولا يُزَآّيه ويقول: ادخُلْ النار معَ الدَّاخلينَ ) ٥٩
______________________________________
55 . رواه الشافعي وقوّاه ، وعنه البيهقي والدارمي والطحاوي، وله طرق أخرى عن النسائي والبيهقي ، وصححه ابن حبان.
56 . أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي، فرواه في العشرة والدارمي وأحمد واللفظ له من حديث أبي هريرة وسنده صحيح.
57 . رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
٢٢ ) وصححه ووافقه الذهبي بلفظ آخر . / 58 . رواه أبو داود ( ٤٦٩٠ ) والترمذي ( ٢٦٢٧ ) والحاآم ( ١
( 59 رواه ابن أبي الدنيا والخرائطي . وذآره الألباني في ضعيف الجامع ( ٣١٨٨
15
وقال تعالى: " ولوطَاً إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ
العَالَمِينَ، إنَّكُمْ لَتَأتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ "
.[ [سورة الأعراف : الآية ٧
عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ
. أخوفَ ما أخاف على أمتي عملُ قوم لوط) ٦٠
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أربعة يُصْبِحُونَ فِي غَضَبِ اللهِ،
ويُمْسُونَ في سخط الله، قلتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: المتَشَبِّهُونَ منَ الرجَالِ
بالنّسَاءِ، والمتشَبِّهَاتُ منَ النساءِ بالرّجَالِ والذي يَأتِي البَهِيمَة والذي يأتي
. الرّجَالَ ) ٦١
٩. العادة السرية :
يلجأ إليها المراهقون في مطلع نضجهم الجنسي لتصريف الطاقة الجنسية عن
طريق مداعبة الأعضاء التناسلية.
يرى بعض الفقهاء أنها حرام استناداً لقوله تعالى: " والّذينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ
حَافِظُونَ * إلا علَى أزْوَاجِهِم أوْ مَا مَلَكَْتْ أيْماَنُهُمْ فإنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومينَ * فَمَنِ
.[ ٧- ابْتَغى وَرَاءَ ذَلِكَ فًاؤُلَئِكَ هُمُ العَادُونَ * [ سورة المؤمنؤن : الأيات ٣
ورأى بعض الفقهاء أن عملها مكروه.
ومذهب الإمام أحمد يُبيحها عند عدم استطاعة الزواج أو عند خشية الوقوع في
الزنا، وذلك باعتبار أن المَنِي فَضْلَة من فضلات الجسم يجوز إخراجه.
١٠ . المعاملة بين الزوجين:
أولا- تقوم على التراحم والتوادّ والاحترام المتبادل والشورى والائتمار بالمعروف
والتعاون :
قال تعالى:" وَأمْرُهُمْ شُورَى بَينَهُم وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنٌْفُقُونَ "[ سورة الشورى : الآية
.[٣٨
. [ وقال تعالى: " وَعَاشِرُوهنَّ بِالمَعْرًوف " [ سورة النساء : الآية ١٩
. [ وقال تعالى: وائتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفْ " [ سورة الطلاق : الآية ٦
وقال ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خيرُآمْ
. خيرآم لأهله، وأنا خيرآم لأهلي ) ٦٢
وجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: ( أآمَلُ المُؤمِنينَ إيمَانَاً أحسَنُهُمْ
. خُلُقَاً، وَخِيَارُهُمْ خيَارُهُمْ لِنِسَائهِمْ ) ٦٣
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( واسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً ) ٦٤
______________________________________
٣٥٧ ) وصححه ووافقه الذهبي. / 60 . رواه ابن ماجة ( ٢٥٦٣ )، والترمذي ( ١٤٥٧ ) ، والحاآم ( ٤
( 61 . رواه الطبراني والبيهقي.وذآره الألباني في السلسلة الضعيفة ( ١٤٤٩
62 . رواه ابن ماجة والترمذي وابن حبان ( ٤١٦٥ ) وصححه الحاآم ووافقه الذهبي. ورى الحديث آذلك عن عائشة رضي الله عنها
63 . أخرجه الترمذي وأحمد وقال الترمذي حديث حسن صحيح.وقال عنه الألبلني في آداب الزفاف ( ١٣٤٩ ) بأنه حسن الإسناد وشطره
الأول صحيح
( 64 . أخرجه الترمذي وابن ماجة من حديث عمر بن الأحوص.وذآره البخاري في الجامع الصحيح ( ٥١٨٥
16
وقيل لعائشة رضي الله عنها: ( ماآان النبي صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ في
. بيْتِه؟ قالت: آما يصنَعُ أحدُآُمْ: يَخصِفُ نَعْلَهُ وَ يُرَقِّعُ ثَوبَهُ) ٦٥
وفي رواية أخرى لأحمد: ( آان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يخصِفُ نعلَهُ
وَيَخيطُ ثَوْبَهُ ويعمَلُ في بيْتِهِ آما يعمَلُ أحَدُآمْ في بيتهِ).
وعن الأسود قالَ: سألتُ عائشة ما آانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أهله؟
. قالت: ( آان في مِهْنَةِ أهله فإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ قامَ إلى الصلاةِ) ٦٦
ثانياً) ولا يجوز العقاب الجسدي إلا في نطاق الرفق وفي موضعين بالتحديد:
١. أن تسمح لغريب بدخول بيته وهي تعلم أنه يكره ذلك.
٢. أن تمتنع عنه لغير اضطرار.
قال صلى الله عليه وسلم: ( فأمَّا حقُّكُمْ على نِسَائكمْ فلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ
تَكرَهُونَ، ولا يأذنَّ في بيوتكم لِمَنْ تكرهونَ ). ٦٧
. وقال صلى الله عليه وسلم: ( وإذا غابَ عنهَا حفِظَتْهُ في نفسها وفي ماله) ٦٨
وفي رواية ( نصحته) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تضْربُوا إمَاءَ اللهِ فجاءَ عمرُ إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: ذَئِرْنَ النسَاءُ على أزْواجِهِنَّ، فرَخَّصَ في
. ضَرْبِهِنَّ ) ٦٩
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( ما ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
. خادمَاً ولا امرأةً ولا ضربَ بيدِهِ شيئاً) ٧٠
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دعا الرجلُ امرأتهُ إلى فراشِه فأبت
فلم تأتِهِ فباتَ غضبانَ عليها، لعَنَتْهَا الملائكةُ حتى تصبح ). ٧١
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا باتت المرآة مهاجرةً فراشَ زَوْجِها لعَنَتْهَا
الملائكةُ حتى ترجع). ٧٢
١١ . المرأة والعمل :
العمل حق للمرأة وليس واجباً عليها، ويجوز لها ما دامت تلتزم في زيِّها وسلوآها
بالتزامات الإسلام، وما لم يخدش العمل إسلامها أو يصادر حلالاً أوجبَ منه، وما لم
يُخِلّ ذلك بدورها الأساسي آراعية للأسرة.
ومن المعلوم أن أمَّ المؤمنينَ السيدة خديجة رضي الله عنها آانتْ تاجرةً وتمارسُ
التجارةَ. وآان السلاح الطبي في جيش النبي صلى الله عليه وسلم في أُحُد مكوناً من
السيدات الآسِيَات، ومنهنّ من شارآتْ في القتال وامتدحها النبي صلى الله عليه وسلم.
______________________________________
( 65 . رواه أحمد وقال عنه الألباني في صحيح الجامع بأنه حديث صحيح ( ٤٩٣٧
66 . رواه البخاري في صحيحه.
67 . رواه الترمذي عن ابن الأحوص، وهوحديث حسن صحيح ، وله شاهد عند أبي داود وابن ماجة وأحمد والدارمي ومسلم
68 . رواه ابن ماجة
( 69 . رواه أبو داود من حديث إياس بن عبد الله بن أبي ذباب وهوحديث صحيح ( ألباني في صحيح أبي داود ١٨٧٩
70 . رواه ابن ماجة وفي رواية لمسلم ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً بيده قط ولا امرأة ولا خادما... الحديث
( 71 . رواه أبوداود من حديث أبي هريرة.وله رواية عند مسلم في مسنده ( ١٤٣٦ ) ورواية أخرى عند البخاري ( ٥١٩٣
( 72 . رواه البخاري من حديث أبي هريرة.( الجامع الصحيح ٥١٩٤
17
ويذآر التاريخ أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وَلّى الشَّفاء قضاء
الحسبة.
١٢ . الحمل والإنجاب:
أولاً) الحمل والإنجاب أحد مقصدي الزواج، بل من أعظم ثمراته وبهجة الحياة الدنيا. يقول
الله تعالى: " واللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطّيِّبَاتِ، أَفَبِالبَاطِلِ
. [ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ"[ سورة النحل : الآية ٧٢
وفي الحديث الشريف: ( تزَوَّجوا الودُودَ الولُودَ فإنّي مكاثِرٌ بكمُ الأمَمَ ) وفي رواية
ثانية: ( فإنّي مكاثِرٌ بكمُ الأنبياءَ يومَ القيامةِ ) ٧٣ . ولهذا لا يجوز لقادر على الإنجاب
منعَهُ البتّة.
ثانياً) اشتهاءُ الإنجاب لِمَنْ حُرِمَهُ مشروع والسعي إليه جائز بالوسائل الطبية الحلال وفي
نطاق عقد الزواج الشرعي.
يقول تعالى: " وَزَآَرَيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدَاً وَأنْتَ خَيْرُ الواَرِثِينَ" [ سورة
.[ لأنبياء : الآية ٨٩
ويقول تعالى: " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ " [ سورة الأنبياء : الآية
. [ ٩٠
ثالثاً) تترتب على الحمل حقوق من أهمها: صيانة الجنين ورعايته لدرجة إعفاء الحامل من
وجوب الصوم إن خافت على جنينها ونفسها.
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ اللهَ وضَعَ عنِ المسافرِ نصفَ
. الصلاةِ والصوْمِ وعنِ الحُبْلى والمُرضِع ) ٧٤
رابعاً) مشقة الحمل والوضع تحتسب في ميزان فضل الأم وحقها على أبنائها.
يقول الله تعالى: " حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنَاً عَلى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ في عًامَيْنِ، أنِ اشْكُرْ لِي
. [ وَلِوَالدَيْكَ إليَّ المصِيرُ " [ سورة لقمان : الآية ١٤
ويقول تعالى: " وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحْسَانَاً، حَمَلَتْهُ أمُّهُ آُرْهَاً وَوَضَعَتْهُ آُرْهَاً
.[ وَحمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً " [ سورة الأحقاف : الآية ١٥
حقوق الجنين :
أولا) حق الحياة :
يقول تعالى : " مَنْ قَتَلَ نَفْسَاً بِغَيْر نَفْسٍ أوْ فَسَادٍ في الأرْضِ فًكأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعَاً،
. [ وَمَنْ أحْيَاهَا فَكأنَّمَا أحْيَا النَّاسَ جَمِيعَاً " [ سورة المائدة : الآية ٣٢
ثانيا) له أهلية وجوب ناقصة: أي أن له حقوقاً وليس عليه واجبات لعجزه عن أدائها.
______________________________________
( 73 . رواه أبو داود والنسائي والحاآم وأحمد والطبراني والبيهقي وهوحديث حسن صحيح ( صحيح أبي داود للألباني ١٨٠٥
74 . رواه النسائي ، وله شاهد عند أبي داود وأحمد . وقال عنه الألباني بأنه حديث حسن
18
ثالثاً) له حق تلقي الإرث والوصية والهبة.
رابعاً) إذا أسقط الجنين ثم بدت عليه أعراض مستقرة ثم مات الجنين ورثه ورثته
الشرعيون.
خامساً) في الإسلام عقوبة مالية على المتسبب في الإجهاض ولو بغير قصد جنائي.
سادساً) للجنين المحمول سفاحاً آذلك حق الحياة، فإذا حكم بالإعدام على امرأة وهي حامل
تعيّنَ تأجيل تنفيذ الحكم حتى تلد، وقيل حتى ترضع، آما حدث في واقعة الغامدية.
سابعاً) من أجل ذلك استقرَّ الرأي العام على احترام حياة الإنسان حتى في دورها الجنيني،
ومنذ بداية الحمل نظراً لأن المعطيات العلمية الحديثة، التي لم تتوفر للسابقين أثبتت
أن الحياة موجودة منذ بداية الحمل، ولا يستثنى من ذلك إلا الضرورة الطبية القصوى
التي ترى في بقاء الحمل تهديداً لحياة الأم.
١٣ . الطفولة في الإسلام :
أولا) الطفولة في الإسلام عالم ممتلئ بالبهجة والسعادة والحب.
فالله تعالى يقسم بالطفولة فيقول: " لا أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَد، وَأنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَد، وَوَالِدٍ وَمَا
. [٣- وَلدَ " [ سورة البلد : الآية ١
والأطفال هم بشرى: يقول الله تعالى: " يَا زَآرِيَّا إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ
. [ لَهُ سَمِيَّا " [سورة مريم : الآية ٤٧
والأطفال هم قُرّةُ العين: " رَبَّنا هَبْ لنَا مِنْ أزْواجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّة أَعْيُنٍ " [ سورة الفرقان :
. [ الآية ٧٤
. [ وهم زينة الحياة الدنيا: " المَالُ والبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ ال دنْيَا " [ سورة الكهف : الآية ٤٦
ثانياً) رعاية الأطفال من أهم الواجبات ومحبتهم من أعظم القربات إلى الله تعالى:
قال أنس رضي الله عنه: ( ما رأيتُ أحداً أرحمَ بالعيال من رسول الله صلى الله عليه
وسلم). ٧٥
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: آان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني
فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما ثم يقول: (اللهمّ
. ارحمهما فإني أرحمهما) ٧٦
______________________________________
( 75 . رواه مسلم في صحيحه. ( المسند الصحيح ٢٣١٦
76 . رواه البخاري في صحيحه.
19
وعن ابن مسعود رضي الله قال: ضربتُ غُلاماً بالسّوْط فسمعت صوتا من خلفي، فإذا
برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على
هذا الغلام ). ٧٧
آان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصارَ، فإذا جاء دُورَ الأنصارَ، جاء
صبيان الأنصار يدورون حوله فيدعو لهم، ويمسح رؤوسهم ويسلم عليهم . ٧٨
١٥ . حقوق الأبناء :
رتب الله عزّ وجلّ حقوقاً للأبناء على الآباء وأمر بالعناية بالأولاد ورعايتهم
وتربيتهم على أآمل وجه وتنشئتهم التنشئة الصالحة، إذ الوالد ينتفع بصلاح الولد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات الإنسانُ انقطعَ عمله إلا من ثلاث: إلا
من صدقة جارية أو علمٍ يُنتَفَعُ به، أو ولد صالح يدعو له ). ٧٩
ومن أهم الحقوق المترتبة على الآباء ما يلي:
أولا) حسن اختيار الأم : وذلك بأن لا يكون جمالها أو حسبها أو مالها هو آل شيء، بل لا
بدّ أن ينضمّ إلى ذلك أن تكون ذات دينٍ من بيت آريم، لأن أولادها سيرثون من
أخلاقها وصفاتها وسلوآها.
وفي الحديث: ( تُنْكحُ المرأة لأربعٍ: لمالها ولحسَبِهَا ولجمَالهَا ولدينها، فاظفرْ بذات
الدينٍ تَرِبَتْ يداك). ٨٠
ثانياً) حقّ النسبة الشرعية: وهو حقٌّ أقامه الإسلام بين المولود ووالديه المرتبطين بالرباط
الشرعي الصحيح، والطفل يحمل نسبَ أبيه.
يقول الله تعالى: " وَهُو الذي خَلقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلهُ نسَبَاً وَصِهْراً وَآانَ رَبُّكَ قَدِيرَاً
.[ "[ سورة الفرقان : الآية ٥٤
.[ وقال تعالى:" وَعَلى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَآسْوَتُهُنَّ بالمَعْرُوفِ "[ سورة البقرة : الآية ٢٣٣
وإن إضافة الولد لأبيه في هذه الآية دليلٌ على أنه المختص بالنسبة إليه.
. [ وقال تعالى: " ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللهِ " [ سورة الأحزاب : الآية ٥
ثالثاً) تسمية الأبناء بأحسن الأسماء: حتى لا يكون الإسم سبباً في ضحك الناس عليهم
والاستهتار بهم.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، وأصدق
. الأسماء حارث، وشرّ الأسماء حرب ومرّة) ٨١
ولقد غيّر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسماء القبيحة وغير المناسبة؛ فقد غيّر
عاصية إلى جميلة، واسم زيد الخيل إلى زيد الخير...
______________________________________
( 77 . رواه مسلم. ( المسند الصحيح ١٦٥٩
78 . رواه أحمد في مسنده وغيره وسنده صحيح. وقال عنه الأباني في آداب الزفاف ( ٩٧ ) بأن اسناده صحيح
( 79 . أخرجه مسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه – واللفظ لمسلم. ( المسند الصحيح ١٦٣١
80 . رواه البخاري ومسلم.
.( 81 . ذآره الألباني في السلسة الصحيحة وقال عنه : قوي بالطرق وله رواية أخرى عند مسلم ( ٢١٣٢
20
ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يسمى الأولاد بأحد الأسماء التالية : ( يَسَار،
. أو رباح، أو نجيح ، أو أفلَح ) ٨٢
رابعاً) الرضاعة: حق شرعي من لبن أمه ما دام ذلك مقدوراً عليه، ويستحسن أن يكون لمدة
حولين آاملين.
ومعروف أن الرضاعة من الوالدة تقَوّي الصلة والحنان بينها وبين الوليد وتمنحه
مناعة ووقاية من آثير من الأمراض، والأمّ مأجورة على رضاعها حتى وإن طلقت.
ويسمحُ بالفطام قبل انقضاء الحولين لاتفاق وتشاور الأبوين على عدم الإضرار
بمصلحة الرضيع وإن آانا مطلقين.
وإن عجزت الأم عن الرضاع أو أبته، فعلى الوالد أو الولي ( في حال غياب الوالد)
استئجار مرضعة للطفل.
يقول الله تعالى: " والوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أوْلادَهُنَّ حَوْليْنِ آامِلَيْنِ لِمَنْ أرادَ أنْ يُتِمَّ
. [ الرضَاعَةَ " [ سورة البقرة : الآية ٢٣٣
.[ ويقول تعالى: " وَعَلى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ " [ سورة البقرة : الآية ٢٣٣
ويقول تعالى: فإنْ أرَادَا فِصَالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فًلا جُنَاحَ عَليْهِمَا" [ سورة
.[ البقرة: الآية ٢٣٣
. [ ويقول تعالى: " وإنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخْرَى " [ سورة الطلاق: الآية ٦
خامساً) النفقة: نفقة الأولاد ذآوراً آانوا أم أناثاً واجبة على الوالد حتى يشتدّ عودُ الذآر
ويستطيع أن يعيل نفسه، وحتى تتزوج الأنثى . ويأثم الأب إن قصّر في ذلك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دينارٌ
أنفقته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته في رقَبَة، ودينار تصدقتَ به على مسكين، ودينارٌ
. أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك) ٨٣
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اليدُ العُليَا
. خيْرٌ من اليدِ السّفْلى وابدأْ بمنْ تعولُ) ٨٤
. وجاء في الحديث الشريف أيضاً: ( آفى بالمرءِ إثْمَاً أن يُضيّعَ منْ يقوت ) ٨٥
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ( آلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيّته، فالإمامُ راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيته والرجل
في أهله راعٍ وهومسؤولٌ عن رعيّته..... ) . ٨٦
وجاء في الحديث الشريف أيضاً: ( منْ عالَ جاريَتَيْنِ حتّى تبْلُغَا جاءَ يومَ القيامة أنا
. وهوَ – وضمَّ أصابعه عليه الصلاة والسلام ) ٨٧
سادساً) التنشئة على الإسلام: وذلك بالقدوة والإقناع والتلقين
______________________________________
82 . رواه مسلم ( ٢١٣٧ ) وأبو داود ( ٤٩٥٨ ) والترمذي ( ١٨٣٦ ) وغيرهم.
( 83 . رواه مسلم ( ٩٩٥
84 . رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم . وله رواية نحوها عن عبد الله بن مسعود وفيه زيادات. .
١٦٠ ) وأبو داود ( ١٦٩٢ ) وغيرهما / 85 . رواه مسلم في صحيحه بمعناه وذآره النووي في رياض الصالحين ( ١٥٣ ) ورواه أحمد ( ٢
86 . رواه البخاري والترمذي وأبو داود وأحمد وغيرهم .
87 . رواه مسلم ( المسند الصحيح ٢٦٣١ )، والترمذي ( ١٩١٤ ) وابن حبان في صحيحه ( ٤٤٨ ) بلفظ آخر.
21
في الحديث الشريف: ( ما من موْلودٍ إلا يولَدُ على الفِطْرَة، فأبواهُ يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرَانِهِ
أوْ يُمَجِّسَانِه). ٨٨
سابعاً) الختان: هو طهارة ونظافة وهذا في حق الذآور وهو من سنن الفطرة .
ولم تفرض الشريعة خفاض الأنثى، وإنما الذي ورد في هذا الشأن حديثُ رسول الله
صلى الله عليه وسلم لأم عطيّة، إحدى الممارسات القليلات اللواتي ورد ذآرهنّ:
(اخْفِضي ولا تُنْهِكي) أي الإشارة إلى الإزالة القليلة جداً من مقدّمة البَظَر وهو ما
يعرف بخفاض السنّة.
أما الذي يمارس في بعض البلدان العربية والإفريقية وبعض الدول الإسلامية بدعوى
الممارسات الدينية فهو ما يعرف ( بالخفاض الفرعوني ) الذي يتراوح بين استئصال
البظر وبين التشويه الكامل للشّفرَيْن الصغيرين والشفرين الكبيرين في أعضاء المرأة
التناسلية، فليس له أصل صحيح السند في الشريعة الإسلامية ولا تجوز ممارسته.
ثامناً) العدل بين الأولاد : في البِرّ والمحبة والرعاية وعدم التمييز بينهم ذآوراً آانوا أم إناثاً.
قال صلى الله عليه وسلم: ( اتقُوا اللهَ واعْدلُوا بينَ أولادِآُمْ ). ٨٩
وروي عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً آان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء
ابن له فقبَّلَهُ وأجلسَه على حِجِرِه وجاءت ابنة له، فأجلسَهَا بين يديه، فقال له رسول الله
. صلى الله عليه وسلم: ( ألا سَوّيْتَ بينهما ! ) ٩٠
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ ابْتُلِيَ منْ
هذه البنات بشيءٍ فأحسَنَ إليْهِنَّ آُنَّ لهُ ستْراً من النار ). ٩١
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (منْ آانتْ
. لهُ أنثى فلْم يئِدْهَا ولمْ يُؤْثِرْ عليها أدخلهُ اللهُ الجنّةَ ) ٩٢
تاسعاً) الإرث : من حقّ الأبناء أن يرثوا آباءَهُم وأمّهَاتِهم وأن توزّعَ الحصصُ بينهم وفقَ
القسمة الشرعية التي بيّنَها القرآنُ الكريم والسنّة المطهرة.
ومعروف أن مسؤولية المرأة زوجةً آانت أم أختاً تقع على الرجل، في حين لا تقع
عليها أية مسؤولية في النفقة.
يقول تعالى: " للرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ والأقْرَبُونَ وَللنّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ
. [ الوَالِدَانِ والأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أوْ آثُرَ نَصِيبَاً مَفْرُوضَاً "[ سورة النساء : الآية ٧
ويقول تعالى: " يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أوْلادِآُمْ لِلذَّآَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فإنْ آُنَّ نِسَاءً فَوْقَ
اثْنَتَينِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ، وإنْ آانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ولأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
السُّدُسُ مِمَّا تركَ إنْ آانَ لَهُ وَلَدٌ، فإنْ لمْ يكُنْ لهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أبَوَاهُ فَلأمّهِ الثُّلُثُ، فإن آانَ
.[ لهُ إخْوَةٌ فلأمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أوْ دَيْنٍ " [ سورة النساء : الآية ١١
______________________________________
88 . حديث متفق عليه
89 . حديث متفق عليه عن النعمان بن بشير.
90 . رواه البزار ورجاله ثقات.
91 . حديث متفق عليه.
92 . رواه أبو داود في سننه.وضعفه الألباني
22
عاشراً) التعليم: من حق الأبناء على آبائهم أن يُعلّمُوهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وأن
يهيئوهم لكسب العيش والمحافظة على أبدانهم والعناية بصحتهم وإرشادهم إلى أنماط
صالحة من السلوك والسعي إلى الحياة الطيبة.
. [ قال تعالى: " قُلْ هَلْ يَسْتَوي الذينَ يَعلَمُونَ والذينَ لا يعْلَمُونَ " [ سورة الزمر : الآية ٩
وقال تعالى: " مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً مِنْ ذَآرٍ أوْ أُنْثَى وَهَوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
.[ وَلَنَجْزِيَنَّهُم أجْرَهُم بأحْسَنِ مَا آانُوا يَعْمَلُونَ " [ سورة النحل : الآية ٩٧
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( طلبُ
العلم فريضَةٌ على آل مسلمٍ ). ٩٣
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اليدُ العليَا خيْرٌ من اليد السفلى وابدأ بمنْ
. تعُولُ ) ٩٤
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يحبُّ العبدَ المحْترِفَ ) ٩٥
ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه آتب إلى الولاة: { أما بعد؛ فعلّمُوا
أولادآم الرماية والسباحة ومُرُوهم أن يَثِبُوا على ظهور الخيل وَثباً }.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المُؤْمِنُ
القويُّ خيْرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ منَ المُؤْمنِ الضّعيفِ، وفي آلٍّ خيرٌ ). ٩٦
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله
. عليه وسلم: ( إنَّ لجَسَدِكَ عليْكَ حقَّاً ) ٩٧
ومن أهمّ أنماط السلوك التي يجب أن نرشدهم إليها نذآر:
١) الطهارة: ومعناها اللغوي النظافة وتشمل نظافة البدن والثوب والمكان وما شابه. )
.[ قال تعالى: " إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ ويُحِبُّ المتَطَهِّرينَ " [ سورة البقرة : الآية ٢٢٢
.[ و قال تعالى: " وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " [ سورة المدثر : الآية ٣
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن اللهَ طيّبٌ يحبُ الطّيبَ، نظيفٌ يحبُّ
. النظافَةَ، آريمٌ يحبُّ الكرمَ جوادٌ يحبُّ الجودَ، فَنَظِّفُوا أفْنِيَتَكُمْ ولا تشَبَّهُوا باليهودِ) ٩٨
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( النظافةُ تدعو إلى الإيمان والإيمانُ مع
. صاحبه في الجنة) ٩٩
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقبلُ صلاةٌ بدون طَهُورٍ ) ١٠٠
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مفتاحُ الصّلاة الطَّهور ) ١٠١
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الطّهورُ شَطر الإيمان والحمد لله تملأُ
. الميزانَ ) ١٠٢
______________________________________
( 93 . رواه ابن ماجة . وذآره الألباني في صحيح الترغيب ( ٧٢
94 . رواه البخاري ومسلم وغيره.
( 95 . ذآره الألباني في ضعيف الجامع ( ١٧٠٤
96 . رواه مسلم وابن ماجة وأحمد
97 . رواه البخاري.
98 . رواه الترمذي عن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب.وذآره الألباني في مشكاة المصابيح وقال بأنه غريب وله شاهد مرسل فهو
حديث حسن
( 99 . زواه الطبراني . وقال عنه الألباني ضعيف جداً : بلوغ المرام ( ٧٢
100 . رواه ابن ماجة من حديث أنس بن مالك.
( 101 . رواه ابن ماجة من حديث سعيد بن الخدري.( صحيح ابن ماجة للألباني ٢٢٢
102 . رواه أحمد عن أبي مالك الأشعري ورواه الدارمي ومسلم.
23
٢) نظافة اليد : لما آانت اليد أآثر أعضاء جسم الإنسان عرضةً للمس الأشياء، لذا تعهدها )
الإسلام بالغسل والنظافة في جميع الأحوال.
قال رسول الله لى الله عليه وسلم: ( إذا نام أحدُآمْ وفي يدهِ رِيحُ غَمْرٍ [ أي ريح لحم ]
. فأصَابه شَيءٌ فلا يلومَنَّ إلا نفسَهُ ) ١٠٣
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا استيقظَ أحدُآم من نَوْمه فلْيَغْسِل يدَيه قبل أن
. يدخلها في الإناء ثلاثاً، فإن أحدآم لا يدري أين باتت يده ) ١٠٤
٣) تقليم الأظافر: نظافة مكمّلة لنظافة اليدين، وهي من سنن الفطرة لما تحوي الأظفار من )
أذىً يضر بالجسم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خمْسٌ من الفِطرَة: الختانُ والاستحدادُ وقصّ
. الشارب وتقليم الأظافر ونتفُ الإبِط ) ١٠٥
. وفي الحديث: ( قصّوا أظافرَآُم ) ١٠٦
٤) نظافة العينين: وهي من أدق أعضاء البدن، وقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم )
بنظافتها وحثَّ على ذلك.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اآتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر
- وآانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل بها آل ليلة ثلاثة ). ١٠٧
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اآتحلوا بالإثمدِ
فإنه يجْلو البصرَ ويُنبتُ الشعرَ ). ١٠٨
والإثمد هو الكحل الطبيعي المكوّن من أآسيد الأنتموان.
٥) نظافة الرأس: يجب إرشاد الأطفال إلى أن يتعهدوا رؤوسهم بالنظافة وولاية الشعر )
بقصّه وتنسيقه وأن يكون ذلك بتمشيطه وترجيله.
. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( منْ آانَ له شعرٌ فليُكرمْهُ ) ١٠٩
٦) نظافة الأنف: من محاسن الإسلام إرشاده إلى نظافة الأنف التي جعلها من سنن )
الوضوء، ويكون ذلك باستنشاق الماء واستنثاره مرتين أو ثلاثاً.
٧) نظافة الفم: سنَّ الإسلام المَضْمَضَة عند الوضوء وتنظيف الأسنان في آثير من )
الأحوال باستعمال السواك ، ويجزيء ذلك استعمالُ ما يقوم مقامَه في النظافة آالفرشاة
والمعاجين وما شابه.
______________________________________
( 103 . رواه الدارمي وابن ماجة عن فاطمة رضي الله عنها ورواه الترمذي عن أبي هريرة. وصححه الألباني ( صحيح الجامع ٢٠٤
( 104 . رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة. وصححه الباني في إرواء الغليل ( ٢١
105 . حديث متفق عليه.
( 106 . ذآره الألباني في السلسلة الضعيفة ( ١٤٧٢
107 . قال الألباني في مشكاة المصابيح ( ٤٣٩٨ ) بأنه صحيح بمجموع طرقه.
( ٩١ ) ، وابن حبان في صحيحه ( ٦٠٤٠ / ٢٣١ ) وابن ماجة ( ٣٤٩٧ ) ، والنسائي ( ٣ / 108 . رواه الترمذي ( ١٧٥٧ ) ، وأحمد ( ١
( 109 . رواه أبو داود عن أبي هريرة.وصححه الألباني في صحيح الجامع ( ٦٤٩٣
24
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لولا أن أشُقَّ
. على أمتي، أو على الناس، لأمرتهم بالسّواك مع آل صلاة ) ١١٠
. وقال صلى الله عليه وسلم : ( السواكُ مَطْهَرةٌ للفم مرضاةٌ للربّ ) ١١١
٨) نظافة الثوب: أمر الإسلام بالاعتناء بنظافة الثوب والتجمّل في مواضع الاجتماع، )
آأيام الجمعة والعيدين واللقاءات العامة وما شابه.
. [ قال تعالى: " وَثِيَابَكَ فَطَهِّر " [ سورة المدثر : الآية ٤
. [ وقال تعالى: " خُذُوا زينَتِكُمْ عِنْدَ آُلِّ مَسْجِدٍ " [ سورة الأعراف : الآية ٣١
وقال صلى الله عليه وسلم: ( البسُوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم) ١١٢ . وعن
عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر في يوم
. الجمعة: ( ما على أحدآم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته ) ١١٣
٩) نظافة البيت: حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم على نظافة البيوت لتكون مظهراً من )
مظاهر الإسلام، دين النظافة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن اللهَ طيّبٌ يحبُ الطّيبَ، نظيفٌ يحبُّ النظافَةَ،
. آريمٌ يحبُّ الكرمَ جوادٌ يحبُّ الجودَ، فَنَظِّفُوا أفْنِيَتَكُمْ ) ١١٤
والأفنية جمع فِنَاء .. وهو بَهْوُ البيت وساحته.
١٠ ) الاقتصاد في استعمال الماء: الماء عنصرٌ رئيسي من عناصر الحياة، والله تعالى )
. [ يقول: " وَجَعَلنَا مِنَ المَاءِ آُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ " [ سورة الأنبياء : الآية ٣٠
وأمرالإسلام دائماً أن يَتَجَنَّبَ المرءُ الإسراف في الماء وأن يقتصرعلى حدّ الضرورة.
ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بسعدٍ وهو
يتوضأ فقال له: ( ما هذا السَّرَف يا سعد ؟ )، فقال: أَفِي الوضوءِ سَرَف ؟ قال: ( نعم
. وإن آنت على نهر جارٍ ) ١١٥
١١ ) نظافة الماء والطعام: دعا الإسلام إلى الإنتباه إلى المحافظة على نظافة الماء والطعام )
وتجنيبه القذارة وآل ما يؤذيه حتى ولو آان بالنفخ فيه.
عن أبي قتادة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُتَنَفّسَ في الإناء أو يُنفَخَ
. فيه) ١١٦
١٢ ) النهي عن البول في الماء الراآد: جعل الإسلام من حق المرء على أخيه الإنسان أن )
يتجنب إيذاءَه بعدم قضاء حاجته في الماء الذي يَرِدُهُ.
______________________________________
110 . رواه ابن ماجة وله شاهد عند البخاري ومسلم
111 . رواه ابن ماجة من حديث أبي أمامة وهو حديث صحيح
112 . رواه أبو داود من حديث ابن عباس.وهو حديث صحيح
113 . رواه ابن ماجة ، وله شاهد عند مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد وآذلك عند أبي داود وهو حديث صحيح.
( 114 . رواه الترمذي ( انظر رقم ٩٢
( 115 . رواه أحمد. وقال عنه الألباني بأنه حديث حسن : ( مشكاة المصابيح ٤٠٧
116 . رواه مسلم والترمذي وأبو داود عن ابن عباس وأحمد ، وله روايات متعددة وهو حديث صحيح.
25
عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى أن يُبالَ في
. الماء الرّاآد ) ١١٧
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: ( لا يبُولَنَّ
. أحدُآم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه ) ١١٨
وعن عبد الله بن مغفل أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبولنّ أحدآم
. في مستحمّه ثم يغتسل فيه ) ١١٩
١٣ ) النهي عن البول على الحجر والأرض الصمّاء: وذلك حفاظاً على عدم تلوّث البدن )
والثياب بالنجاسة والقذارة المتطايرة.
عن عبد الله بن برجس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:( نهى أن يبالَ في
الحجر) ١٢٠ – حتى لا يتطاير البول عليه .
وآذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البول في الأرض الصماء للعلة ذاتها.
١٤ ) الملاعن الثلاث: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتبرَّز الإنسان في الموارد )
وقارعة الطريق والظلّ لكي لا يؤذي الناسَ وحفاظاً على حرمة الطريق ونظافة
الماء.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا
. الملاعِنَ الثلاث: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل) ١٢١
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(اتقوا الملاعن الثلاث )، قيل ما الملاعن الثلاث يا رسول الله؟ قال: ( أن يقعد أحدآم
. في ظلٍّ يُسْتَظلّ به أو في طريق أو في نقع ماء) ١٢٢
١٥ ) النهي عن البصاق في المسجد: دعا الإسلام إلى نظافة أماآن العبادة واعتبر عمل )
المسببين لتوسيخها أو تقذيرها خطيئة.
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( البزاق في المسجد
خطيئة وآفارتها دفنها) ١٢٣ . وفي رواية لمسلم ( التفلُ في المسجد) .
قال بعض العلماء المراد بدفنها إخراجها من المسجد وخاصة إذا آان المسجد مبلطاً
ومجصصاً.
١٦ ) نظافة الطريق: أولى الإسلام الطريقَ عنايةً فائقة وجعل من حقوق الناس على المسلم )
أن يتجنب إيذاءهم في طرقهم.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إياآم
والجلوس في الطرقات )، فقالوا ما لنا بدٌّ من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله
______________________________________
٣٤ ) ، وله رواية في الماء الناقع . / 117 . رواه مسلم ( ٢٨١ ) ، ورواه ابن ماجة ( ٣٤٣ )، والنسائي ( ١
118 . رواه البخاري مسلم والترمذي والنسائي.
( 119 . رواه أبو داود عن أبي هريرة ، ورواه ابن ماجة وصححه الألباني ( صحيح أبي داود ٢٢
( 120 . حديث صحيح ( الصحيح المسند ٥٧١
(٨٦/ 121 . رواه أبو داود وابن ماجة. وقال النووي إسناده جيد ( المجموع ٢
( 122 . رواه أحمد وقال الألباني حديث حسن لغيره ( صحيح الترغيب ١٤٧
123 . حديث متفق عليه. ورواه النسائي بلفظ البصاق.
26
صلى الله عليه وسلم: ( إذا أبيتم إلا المجلسَ فأعطوا الطريقَ حقه )، قالوا: وما حقه؟
. قال: ( غضّ البصر، وآفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف) ١٢٤
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصنَ شوك
. فأخذه فشكر الله فغفر له ) ١٢٥
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يصبحُ على آل سُلامَى من ابن آدم صدقة:
تسليمه على من لقيَه صدقة، وأمره بالمعروف صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق
. صدقة وبُضعَتهُ أهله صدقة ) ١٢٦
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آل سلامى
من الناس عليه صدقة آلَّ يوم تطلع فيه الشمس، قال: تعدلُ بين الإثنين صدقة، وتعينُ
الرجلَ في دابته فتحمله عليهَا أو ترفعُ له عليها متاعَه صدقة، قال: والكلمة الطيبة
. صدقة، وآلُّ خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميطُ الأذى عن الطريق صدقة) ١٢٧
[ أماطَ الشيءَ عن الطريق : نحّاه وأزاله، والمراد بالأذى آل ما يؤذي المارّ من قاذورات وقمامة وأحجار وشوك
ونحو ذلك ] .
١٦ . المعاقون والمتخلفون :
لهم حقّ الحياة الكريمة، أجنة آانوا أو مواليد أو بعد ذلك، مع آفالة رعايتهم ومحبتهم
وتنمية ما قد يكون بقي لهم من طاقات وإمكانيات. علماً بأن واجب الرعاية يقع على
المجتمع تشريعاً وتنفيذاً إن عجزت الأسرة عن القيام به.
. [ قال تعالى: " إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أجْرَهُمْ بِغَيْر حِسَابٍ " [ سورة الزمر : الآية ١٠
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اعملوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له ) ١٢٨
١٧ . التبني في الإسلام :
التبني الذي يدرج عليه الغرب والذي عرفته الجاهلية مرفوض في الإسلام لما يلحقه
بالأنساب من آذب وتدليس وإخلال بالأحكام. على أن رعاية الصغير المحروم
وتنشئته وتربيته ميزة آبيرة في الإسلام.
والطفل إذا عُلِمَ أبوه نُسِبَ إليه، وإلا فهو أخٌ في الدين، ويجوز الهبة له والوصية،
وليس له إرثُ الولد، ويجب أن تُتَّخَذَ إزاءه آافة المقتضيات الشرعية في الستر وعدم
الاختلاط في نطاق الأسرة.
. [ قال تعالى: " ومَا جَعَلَ أدْعِيَاءَآُمْ أبْنَاءَآُمْ " [ سورة الأحزاب : الآية ٤
وقال تعالى: " أُدْعُوهُم لآبَائهِم هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فإنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإخْواَنُكُمْ في
.[ الدِّينِ " [ سورة الأحزاب : الآية ٥
______________________________________
124 . رواه مسلم في صحيحه وله رواية عند البخاري وأبي داود
( 125 . حديث صحيح رواه البخاري. ( الجامع الصحيح ٢٤٧٢
( 126 . رواه أبو داود عن أبي ذرّ رضي الله عنه.وصححه الألباني (صحيح أبي داود ٤٣٦٦
127 . رواه مسلم وله رواية عند البخاري
( 128 . رواه البخاري في آتاب التوحيد ورواه مسلم عن علي ، والترمذي وابن ماجة وأحمد.وهو جزء من حديث في الجامع الصحيح ( ٤٩٤٩
27
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
. (مَنِ ادّعى إلى غير أبيه، وهو يعلمُ أنه غيرُ أبيه، فالجنة عليه حرامٌ ) ١٢٩
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(مَنِ ادّعى إلى غير أبيه لمْ يَرَحْ رائحةَ الجنة، وإنّ ريحها ليوجدُ من قدْر سبعينَ عاماً،
. أو مسيرة سبعينَ عاماً ) ١٣٠
١٨ . تعدد الزوجات :
التعدد معروف في اليهودية والنصرانية قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام حدّده عدداً
ووضع له شروطاً. والإسلام يقدّر ضرورة الأفراد وضرورة المجتمعات ويقدر
حاجتهم ومصالحهم جميعاً .... فمن الناس من يكون قوي الرغبة في النسل ولكنه
رزق بزوجة لا تنجب لعقم أو مرض او لغيره، فمن الأآرم لها والأفضل أن يتزوج
عليها من تحققُ له رغبَتَهُ مع بقاء الأولى وضمان حقوقها.
ومن الرجال من يكون قوي الغريزة الجنسية ثائر الشهوة، ولكنه رزق بزوجة قليلة
الرغبة في الرجال أو ذات مرض، أو تطول فترة الحيض، أو نحو ذلك. والرجل لا
يطيق الصبرَ آثيراً عن النساء، فمن المشروع له أن يتزوج بأخرى حليلة بدل أن
يبحث عن خليلة.
والإسلام يرفض النظام الذي يبيح تعدد العشيقات والخليلات بلا قيد ولا حساب، ولا
اعتراف بأي التزام قانوني أو أدبي نحو المرأة أو الذرية التي تأتي ثمرة لهذا التعدد
اللاديني واللاأخلاقي .
وللتعدد شروط في الإسلام من أهمها: العدل بين النساء والقدرة على النفقة وما شابه.
يقول تعالى: " فَانْكِحُوا مَاطَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ " [ سورة النساء:
. [ الآية ٣
. [ ويقول تعالى: " مُحْصِنينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أخْدَانٍ " [ سورة المائدة : الآية ٥
. [ ويقول تعالى: " فَإنْ خِفْتُمْ ألاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة " [ سورة النساء : الآية ٣
ويقول تعالى: " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمِ " [ سورة النساء : الآية
. [ ١٢٩
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنْ آانتْ
. عنده امرأتان، فلم يعدل بينهما، جاء يوم القيامة وشِقُّهُ ساقطٌ ) ١٣١
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( إنّ المقسطينَ عند الله على منابرَ من نورٍ عنْ يمين الرحمن، وآلتا يديه
. يمين، الذين يعدلون في حُكمِهِمْ، وأهليهمْ وما وًلُوا) ١٣٢
______________________________________
. ( 129 . رواه البخاري ( ٦٧٦٦ و ٦٧٦٧ ) ، ومسلم ( ٦٣ ) ، وأبو داود ( ٥١١٣ )، وابن ماجة ( ٢٦١٠
٩٨ ) : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، ورواه ابن ماجة ( ٢٦١١ ) بلفظ / ١٧١ )، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد( ١ / 130 . رواه أحمد ( ٢
آخر.
( ٦٣ ) وابن ماجة ( ١٩٦٩ / ١٨٦ ) وصححه ، وأبو داود ( ٢١٣٢ ) والنسائي ( ٧ / ٣٤٧ ) والترمذي ( ١١٤١ ) والحاآم ( ٢ / 131 . رواه أحمد ( ٢
( ١٦٠/ ٢٢١ )، وأحمد ( ٢ / 132 . رواه مسلم ( ١٨٢٧ ) ، والنسائي ( ٨
28
١٩ . الطلاق:
حلٌّ مشروعٌ أقرّه الإسلام عندما يستحيل التوفيق بين الزوجين بعد محاولة الإصلاح
والتحكيم، وهو أشبه بعملية البتر في الجراحة التي يلجأ إليها عند انعدام البديل.
وقد رهّب الإسلام أن تطلب المرأة الطلاق أو الخلع من زوجها دونما سبب. فعن
ثوبان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيّمَا امرأةٍ سألت زوجها
. طلاقها من غير ما بأسٍ، فحرامٌ عليها رائحةُ الجنة) ١٣٣
ولا ينفذ الطلاق حالاً، فللزوجة أن تبقى في بيت الزوجية مدة العدة، فإن راجعها
خلال العدة رجعا إلى الزوجية. وإذا مات أحدهما أثناء العدّة ورث فيه الآخر.
وللمراجعة بعد الطلاق فرصتان، وعند الثالثة لا تعود إليه حتى تنكح زوجاً غيره.
ويرفض الإسلام فكرة المحلل (الذي يشبّه بالتيس المستعار) وهوالرجل الذي يؤتى به
ليتزوج المطلقة على نية تطليقها لإعادتها إلى زوجها السابق، ونهى الرسول صلى
الله عليه وسلم عن ذلك نهياً قاطعاً.
ويقابل حقّ الطلاق حق الخلع للمرأة، آما أن لها أن تشترط في عقد الزواج أن تكون
العصمة بيدها، أي أن يكون من حقها الطلاق حين تشاء.
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أبْغَضُ الحلال
. إلى اللهِ الطلاقُ ) ١٣٤
وقال تعالى: " فَابْعَثُوا حَكَمَاً منْ أهْلِهِ وَحَكَمَاً منْ أهْلِهَا إنْ يُريدَا إصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ
. [ بيْنَهُمَا " [ سورة النساء : الآية ٣٥
وقال تعالى: " الطّلاقُ مَرَّتَانِ ، فإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أوْ تَسْريحٌ بإحْسَانٍ " [ سورة البقرة :
. [ الآية ٢٢٩
. [ وقال تعالى: " فإنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ حتّى تَنْكِحَ زَوْجَاً غَيْرَه "[ سورة البقرة : الآية ٢٣٠
وعن عُروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن أمرأة رفاعة القرظي
جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن رفاعة طلقني فبتَّ
طلاقي، وإني نكحت عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل الهدبة، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لعلكِ تريدينَ أن ترجعي إلى رفاعة، لا! حتى يذوق
. عُسيْلَتَك وتذوقي عسيْلَتَهُ ) ١٣٥
وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً طلّق امرأته ثلاثاً فتزوجت فطلقَ، فسُئلَ النبي
. صلى الله عليه وسلم أتَحِلُّ للأولِ قال: ( لا ! حتى يذوق عسيلتها آما ذاق الأول ) ١٣٦
وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لعنَ اللهُ المُحَلّلَ
. وَالمُحَلَّلُ له ) ١٣٧
______________________________________
133 . رواه أبو داود ( ٢٢٢٦ ) ، والترمذي ( ١١٨٧ ) ، وابن ماجة ( ٢٠٥٥ ) وابن حبان في صحيحه ( ٤١٧٢ ) والبيهقي في سننه الكبرى
(٢٣٨/ 134 . رواه أبو داود في سننه. وصححه الألباني في التليقات الرضية ( ٢
135 . روا البخاري، وله رواية عند مسلم وابن ماجة والترمذي والنسائي
136 . رواه البخاري وله رواية عند مسلم وأبي داود والنسائي
( 137 . رواه أبو داود. وصححه الألباني في إرواء الغليل ( ١٨٩٧
29
٢٠ . التواصل الأسري :
١) صلة الرحم من أعظم قيم الإسلام التي يؤآد عليها، والبر بالأهل والأقارب من أآبر )
ما يحض عليه الإسلام ، وقد ذُآرَ البرّ في القرآن قريناً لتوحيد الله عزّ وجلّ.
قال تعالى: " وَقضَى رَبُّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيَّاهُ وَ بالوَالِدَيْنِ إحْسَاناً" [ سورة الإسراء : الآية
. [ ٢٣
وسُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أيّ العمل أحبّ إلى الله ؟ قال: ( الصلاة على وقتها )
. قال: ثم أي؟ قال: ( ثم برُّ الوالدين ) ١٣٨
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم:
. أجاهد ! قال: ( لكَ أبوان ؟ ) قال نعم! قال: ( ففيهما فجاهد ) ١٣٩
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: جئتُ أبايعكَ على الهجرة، وترآتُ أبويَّ يبكيان. فقال: ( ارجع
. إليهما، فأضحكهما آما أبكيتهما) ١٤٠
وعن معاوية بن جاهمة، أن جاهمةَ جاءَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا
رسول الله! أردتُ أن أغزُوَ، وقد جئتُ أستشيركَ؟ فقالَ: ( هلْ لكَ من أمّ ؟ ) قال : نعم.
. قال: ( فالزمها، فإن الجنة عند رجليها) ١٤١
٢) ويكون هذا البرّ أشدّ وجوباً إن نالت منهما الشيخوخة والضعف. )
قال تعالى: " إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُمَا أوْ آِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا
وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً آَريمَاً* واخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا آَمَا
. [٢٤- رَبَّيَانِي صَغِيراً " [ سورة الإسراء : الآية ٢٣
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( منْ
. سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ لهُ في رزْقِه وأنْ يُنْسَأ لهُ في أثَرِهِ فلْيَصِلْ رحِمَهُ ) ١٤٢
وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( منْ سرّهُ أنْ يُمَذّ لهُ في عمُره ويُزَادَ في رزقه فلْيَبَرَّ والديه وليصل
. رحمه) ١٤٣
٣) ثم يأتي بعد الوالدين دور أولي القُربَى في البر وصلة الرحم. )
.[ قال تعالى: " وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ " [ سورة الإسراء : الآية ٢٦
وقال تعالى: " وَآتَى المَالَ عَلى حُبِّهِ ذَوي القُرْبَى واليَتَامَى وَالمسَاآِينَ " [ سورة البقرة :
. [ الآية ١٧٧
وقال تعالى:" وَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أرْحَامَكُمْ " [ سورة
. [ محمد صى الله عليه وسلم : الآية ٢٢
______________________________________
( 138 . رواه البخاري في صحيحه. ( الجامع الصحيح ٥٢٧
( 139 . رواه البخاري في صحيحه. ( الجامع الصحيح ٥٩٧٢
. ( 140 . رواه أبوداود ( ٢٥٢٨ ) ، والترمذي ( ١٦٧١
.(٤٢٩/ ١٠٤ ) وصححه ووافقه الذهبي ، ورواه أحمد ( ٣ / ١١ ) ، والحاآم ( ٢ / 141 . رواه ابن ماجة ( ٢٧٨١ ) ، والنسائي ( ٦
142 . رواه البخاري ( الجامع الصحيح ٥٩٨٥ ) وله رواية عند مسلم وأبي داود
٢٦٦ ) ورواه البخاري ( ٥٩٨٦ ) ، ومسلم ( ٢٥٥٧ ) باختصار ذآر البر. / 143 . رواه أحمد ( ٣
30
وفي الحديث القدسي:( قال الله عزّ وجلّ : أنا الرحمن ، وأنا خلقت الرحم، واشتققت
لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بَتَتْه) ١٤٤
وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه
. وسلم قال: ( الرّحم شجنة، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته ) ١٤٥
٤) ويكون البرّ أوجب عند ضعف أولي القربي، سواء بسبب الكِبَر أم الحداثة. )
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس منّا مَنْ لم
يُوَقّر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينهَ عن المنكر ) ١٤٦ . وفي رواية
لأحمد: ( ليس منا من لم يوقر آبيرنا ويرحم صغيرنا ) .
٥) ولا يحول اختلاف دين الوالدين دون البرّ بهما والترفق معهما والتعامل معهما )
بالمعروف.
قال تعالى: " وَإنْ جَاهَدَاكَ عَلى أنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهمَا
. [ وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً " [ سورة لقمان: الآية ١٥
وقال تعالى: " يَا أبَتِ إنّي أخَافُ أنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرّحمَنِ فَتَكُونَ للشّيْطانِ وَليّاً "
. [ [سورة مريم : الآية ٤٥
وقال تعالى : " لا يَنْهاآمُ اللهُ عنِ الذينَ لمْ يُقَاتِلُونَكُمْ في الدّينِ ولمْ يُخْرِجُوآُمْ مِنْ دِيَارِآُمْ
. [ أنْ تَبَرُّوهُم وَ تُقْسِطُوا إليْهِمْ " [ سورة الممتحنة : الآية ٨
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: قَدِمَتْ عليَّ أمّي وهي مشرآةٌ في
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، قلت:
. قَدِمَتْ عليَّ أمّي، وهي راغبةٌ، أَفَأصِلُ أمي؟ قال : ( نعم صِلي أُمَّكِ ) ١٤٧
ومعنى راغبة : أي طامعة فيما عندي تسألني الإحسان إليها.
٦) وقد أولى الإسلام البرَّ بالأم المقام الأعلى وقدمه على البر بالأب بعدة درجات. )
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا
رسول الله: منْ أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمّكَ)، قال: ثمّ من؟ قال: (أمك)،
. قال: ثم من؟ قال: ( أمك ) قال: ثم من؟ قال: ( أبوك ) ١٤٨
وأشار النبي صلى الله عليه وسلم على شاب له والدة عجوز جاء يطلب الإذن بالجهاد
. قائلاً: (الزمْ قدميها فثمة هناك الجنة) ١٤٩
______________________________________
144 . صحيح الأدب ( ٣٨ ) وقال الألباني حديث صحيح
145 . رواه البخاري.
146 . رواه أحمد
.( 147 . رواه البخاري ( ٥٩٧٩ ) ، ومسلم ( ١٠٠٣
148 . رواه البخاري في صحيحه . (ا لجامع الصحيح ٥٩٧١ ) وله رواية مشابهة عند مسلم
149 . روى ابن ماجة نحوه في آتاب الجهاد
31
٢١ . الحقوق المتبادلة بين الزوجين :
١) لكي تقوم الأسرة على رباط متين لا يتصدع ولا يتخرّب فقد وضع الإسلام )
قواعد تحدد الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة على حدٍّ سواء.
ذلك أن العلاقة الزوجية تقوم على أساس أنه حق يقابله واجب، فللزوج على
زوجته حقوق، ولها عليه واجبات. وليست هذه الحقوق والواجبات اختيارية
يمنّ بها الواحد على الآخر، لكن الله تعالى فرضها وألزم الزوجين بها. وبذلك
تقوم الحياة الأسرية على قواعد ثابتة من التقدير والمحبة. ويرى بعض العلماء
أن الرجل هو رأس الأسرة والمرأة قلبها، ولا يقوم الرأس بدون القلب آما لا
يقوم القلب بدون رأس.
قال تعالى: " وَلَهُنَّ مِثْلُ الذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ " [ سورة البقرة : الآية ٢٢٨ ] . وفي
الحديث الشريف: ( آلكم راعِ وآُلّكم مسؤولٌ عن رعيته، والمرأة في بيْتِ
. زوجهَا راعيَةٌ وهيَ مسؤولَةٌ عن رعيتها ) ١٥٠
٢) ويرى الإسلام أن الزوجة الصالحة من أآبر النعم التي ينعم الله بها على عباده. )
في الحديث الشريف: ( خيرُ نسائكم مَنْ إذا نظرَ إليها زوجها سرَّتْهُ، وإذا أمرهَا
. أطاعتْهُ، وإذا غابَ عنهَا حفِظَته في نفسها وماله) ١٥١
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
. عليه وسلم قال: (إنَّ الدّنيَا آلها متاع وخيرُ متاع الدنيا المرأة الصالحة ) ١٥٢
٣) ويجعل العلماء الحقوق الزوجية على ثلاثة صنوف: )
أ) حقوق مشترآة
ب) حقوق للزوج
ج) حقوق للزوجة
أ) أما الحقوق المشترآة: فهي آثار شرعية لعقد الزواج، وهي لازمة له،
وليس لأي من الزوجين التنازل عن شيءٍ من هذه الحقوق.
وهي تشمل :
١- حل الاستمتاع
٢- حرمة المصاهرة (بأصول المرأة وفروعها وأصول الرجل
وفروعه).
٣- التوارث
٤- ثبوت انتساب المولود إليهما
٥- المعاشرة بالمعروف
٦- التعاون على البر والتقوى والتناصح في الخير.
______________________________________
150 . روى البخاري نحوه عن ابن عمر في آتاب الجمعة، وروى مسلم في آتاب الإمارة، والترمذي في آتاب الجهاد وأبو داود وأحمد.
٥١ ) وإسناده صحيح / 151 . ذآره العراقي في تخريج الإحياء ( ٢
( 152 . رواه النسائي وأحمد وصححه الألباني ( صحيح الجامع ٣٤١٣
32
ب ) حقوق الزوج على زوجته :
١) الطاعة : الأسرة جماعة ولا يستقيم أمرها إلا بوجود قائد، وقضى الله )
أن تكون القوامة والريادة للرجل، وليست هذه القوامة تشريفاً للرجل،
بل هي تكاليف وتبعات. ولا يعني ذلك أن الأمر آله بيد الرجل يستبد به
ولا يستشير شريكة حياته، فقد آان الرسول صلى الله عليه وسلم
يستشير زوجاته وآنَّ يراجعنه، وآذلك الصحابة رضي الله عنهم.
قال تعالى: " وَأمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ " [ سورة
. [ الشورى : الآية ٣٨
. [ وقال تعالى: " وعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعِرُوفِ" [ سورة النساء : الآية ١٩
.[ وقال تعالى: " وائْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ " [ سورة الطلاق : الآية ٦
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: ( لا ينظر اللهُ تبارك وتعالى إلى امرأةٍ لا تشكرُ لزوجها
. وهي لا تستغني عنه) ١٥٣
٢) صيانة ماله وعرضه: وهو واجب عليها ولا يحلّ لها أن تتهاون فيه. )
جاء في الحديث الشريف: ( فأمَّا حقُّكُمْ عَلى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطئْنَ فُرُشَكُمْ
. مَنْ تَكْرَهُونَ وَلا يأذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكرَهُونَ ) ١٥٤
. وفي الحديث أيضاً: ( وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله ) ١٥٥
٣) التزيّن له: بالزينة التي تعجبه، فتغنيه بذلك عن الحرام، وعليه آذلك أن )
يتزين لها.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (إنّي لأتزيّنُ لامرأتي آما
. تتزين لي، إن الله جميلٌ يحبُّ الجمالَ ) ١٥٦
٤) القيام على أمر البيت: وهي تتولى شؤونه الداخلية، آما على الرجل أن )
يتولى شؤونه الخارجية.
حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بين فاطمة الزهراء رضي الله عنها
وبين الإمام علي رضي الله عنه حينما اشتكت إليه الخدمة، فحكم على
فاطمة بالخدمة الباطنية – خدمة البيت – وحكم على علي بالخدمة
الخارجية الظاهرة ). ١٥٧
______________________________________
.(٢٩٤/ ١٩٠ ) وصححه ، والبيهقي في السنن ( ٧ / 153 . رواه النسائي ( ٢٤٩ ) في عشرة النساء ورواه الحاآم ( ٢
154 . رواه الترمذي ، وله شاهد عند أبي داود وابن ماجة وأحمد والدارمي ومسلم.
(٥١/ 155 . ذآره العراقي في تخريج الإحياء وقال إسناده صحيح ( ٢
156 . رواه مسلم في صحيحه.
157 . زاد المعاد ج ٤ / ص ٣٢
33
٥) مصاحبته: آلف الله الزوج أن يهيء لزوجته المسكن اللائق بها )
وألزمها أن تقيم فيه معه، والمسكن المطلوب حسب مقدرة الزوج.
قال تعالى: " أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِآُمْ " [ سورة الطلاق : الآية
. [ ٦
ج ) حقوق الزوجة على زوجها:
بعض هذه الحقوق مادي وبعضها معنوي ومن أهمها:
١) المهر: من الواجب أن يقدم لها مهراً يراه بعض الفقهاء رآناً من أرآان )
العقد. وهو عطية للزوجة بلا مقابل، غايته تطييب خاطر الزوجة
وآسب ودّها.
. [ قال تعالى: " وآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً " [ سورة النساء : الآية ٤
والنحلة ما لا عوض عليه .
وقال تعالى: " وَإنْ أرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ
. [ قِنطَاراً فلا تأخُذُوا مِنْهُ شَيْئَاً " [ سورة النساء : الآية ٢٠
٢) النفقة: تجب النفقة على الزوج بمجرد تمام العقد وذهاب الزوجة إلى )
زوجها، ذلك لأنها أصبحت مقصورة على زوجها وتدبير مصالح
المنزل ورعاية الأولاد.
وتشمل النفقة المسكن والمأآل والملبس، وتشمل آذلك الخادم إن آانت
ممن يخدم مثلها، وتقدر النفقة حسب يسار الزوج وإعساره.
يقول الله تعالى: " لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ، ومَنْ قُدِرَ عَليْه رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ
مِمَّا آتَاهُ اللهُ، لا يُكلِّفُ اللهُ نَفْسَاً إلاّ مَا آتَاهَا، سَيجْعَلُ اللهُ بعْدَ عُسْرٍ يُسْراً "
. [ [ سورة الطلاق : الآية ٧
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: ( ولهنّ عليكم
. رزقهُنّ وآسوتهُنّ بالمعروف ) ١٥٨
٣) صيانة الزوجة وإعفافها: عليه أن يصونها من آل ما يخدش أو يحطّ )
من قدرها، أو يعرّض سمعتها للتجريح. ومن واجبه أن يعفّ زوجته
بالوطء ما لم يكن له عذر، وذلك لأن النكاح شُرِعَ لمصلحة الزوجين،
فهو يؤدي إلى دفع ضرر الشهوة عنها آما يؤدي إلى دفع ذلك عنه.
روي أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي
لضربته بالسيف غير مصفح..... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
. ( أتعجَبُونَ من غِيرة سعد ؟ لأَنَا أغْيَرُ منه واللهُ أغيَرُ مني ) ١٥٩
وعن ابي ذرّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( وفي بُضْع أحدآم صدقة) قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته
______________________________________
( 158 . رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله وهو جزء من حديث طويل ( المسند الصحيح ١٢١٨
159 . رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
34
ويكون له فيها أجرٌ؟ فقال: ( أرأيتُمْ لو وضعها في الحرام أآانَ عليه
. فيها وزرٌ ؟ ) قال: ( فكذلك إذا وضعها في حلال يكون له الأجرُ ) ١٦٠
٢٢ . الأمومة المأمونة :
ما فتئ الإسلام يدعو إلى العناية بالمرأة وتوجيه أفضل الرعاية إليها باعتبارها
النواة الأساسية التي تقوم عليها الأسرة.
ولكي تقوم المرأة بتحقيق وظيفتها على أفضل وجه فلا بدّ أن يراعى عدم
تعرضها الدائم للمشقة والاعتلال والتعب الشديد وحالة الكرب التي تصاحب
حالات الحمل والولادة والرضاعة، إضافة إلى أعباء الأم في القيام بخدمة
البيت والزوج ورعاية الأولاد والسهر على تربيتهم.
لقد آان من توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم: (واستوصوا بالنساء
خيراً) ١٦١ .وآان من آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع :
(فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله .... الحديث) ١٦٢
وقال صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إنّي أحَرّجُ حقّ الضعيفين: اليتيم
. والمرأة) ١٦٣
ولقد رأى آثير من العلماء أن في بعض النصوص القرآنية إشارات واضحة
إلى ما يدعو إلى تنظيم الأسرة والسير في طريق الأمومة المأمونة.
ولا تعني الأمومة المأمونة تحديد الإنجاب لأسباب سكانية أو لمجرّد رغبة
الزوجين الإآتفاء بما لديهم من أولاد، إنما تهدف بالدرجة الأولى إلى صحة
الأسرة بمكوناتها من الأم والأولاد ومستندة في ذلك على الشريعة ورأي أهل
الذآر من الأخصائيين الناصحين. ولقد تبين للدارسين:
١) أن معدل المراضة والوفيات لدى الأمهات بسبب الحمل والولادة ينخفض في )
حالة التباعد بين الحملين المتعاقبين.
٢) وأن اللجوء إلى موانع الحمل المشروعة يجنّب الأمهات آثيراً من الأخطار )
المحفوفة بالإجهاض المحرّض الذي تلجأ إليه النسوة عند حدوث حمل غير
مرغوب .
٣) وأن التباعد بين الحملين يهيء للأم فرصة استعادة عافيتها وما فقدته أثناء )
الحمل والرضاعة، فتكون أقدر على تحمّل أعباء الحمل اللاحق.
٤) وأن تباعُد المسافات بين الحملين يقلل من نسبة وفيات الأطفال بما يهيء للأم )
من ظروف أفضل لرعاية الطفل الصغير وبما يحقق للأطفال التنعم بصحة
______________________________________
160 . رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده.
( 161 . رواه البخاري ( الجامع الصحيح ٥١٨٥
162 . رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله
( 163 . رواه ابن ماجة في سننه عن أبي هريرة ورواه أحمد في مسنده.وحسّنه النووي ( رياض الصالحين ١٤٦
35
وحيوية أفضل من الأطفال الذين تلد أمهاتهم أطفالاً بشكل متعاقب دونما
فواصل مقبولة ومعقولة.
ويستنبط فريق من العلماء من بعض نصوص القرآن الكريم أن الحكمة في آون
الرضاع حولين آاملين والحمل والفصال في ثلاثين شهراً هي لكي تستردّ الأم
صحتها وتعوض ما فقدته من عناصر حيوية في الحمل الأول، وليصِحَّ الجنين
ويأخذ حقه من الرضاعة الطبيعية التي تعتبر أساساً في تغذية الطفل التغذية
الصحيحة.
قال تعالى: " وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْه إحْسَاناً حَمَلَتْهُ أمُّهُ آُرْهَاً وَوَضَعَتْهُ آُرْهَاً
. [ وحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهِرَاً" [ سورة الأحقاف : الآية ١٥
وقال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْه حَمَلَتْهُ أمُّهُ وَهْنَاً عَلى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ في
. [ عَامَيْنِ " [ سورة لقمان : الآية ١٤
ولم يقف الإسلام أمام رغبة الزوجين في عدم الإنجاب للاآتفاء بما لديهم من
الأولاد أو لشعورهم بقصور إمكانياتهم عن تقديم الرعاية الكريمة اللازمة لهم.
فلقد أباح الإسلام العزْلَ، أي النزع بعد الإيلاج لينزلَ ماء الرجل خارج الفرج؛
وفي ذلك أدلة آثيرة .
ويرى بعض العلماء أن العزلَ قد يسبب للمرأة ضرراً من تفويت لذتها، وقد لا
توافق على ذلك أو تستحي من ذآره. لذا لم يرَوْا بأساً من استخدام وسائل منع
الحمل الأخرى، على أن يكون ذلك بموافقة الزوجين ورضائهما وبعد استشارة
طبيب ناصح أمين بأن هذه الوسيلة عواقبها سليمة ومأمونة.
آما أفتى بعض العلماء بجواز اللجوء إلى منع الحمل الجراحي على النطاق
الفردي للضرورة التي يقدرها الطبيب المسلم الثقة إذا استنفذت الوسائل
الأخرى .
ونسوق فيما يلي بعض الأدلة على ما ذآرنا:
أ) عن جابر رضي الله عنه قال: ( آنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم والقرآن ينزل )، وفي رواية: ( آنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله
. عليه وسلم فبلغ ذلك نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فلم ينْهَنَا) ١٦٤
ب) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: إن لي وليدة – أي جارية – وأنا أعزل عنها، وأنا أريد ما يريد
الرجل، وإن اليهود زعموا أن المؤودة الصغرى العزل، فقال رسول الله صلى
. الله عليه وسلم: ( آذبت يهود، لو أراد الله أن يخلقه لم تستطع أن تصرفه) ١٦٥
______________________________________
164 . رواه البخاري ومسلم ( المسند الصحيح ١٤٤٠ ) والنسائي والترمذي وصححه والبغوي.
( ١٣١ ) و ( غاية المرام ٢٤٠ / 165 . رواه النسائي وأبو داود والطحاوي والترمذي وأحمد بسند صحيح. ( انظر زاد المعاد : ٥
36
ج) عن جابر أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي
خادمتنا وساقيتنا، وأنا أطوف عليها، وأآره أن تحمل، فقال: ( اعزلْ عنها إنْ
شئتَ فإنه سيأتيها ما قدّر لها)، فلبث الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت،
. فقال: ( قد أخبرتك إنه سيأتيها ما قدر لها) ١٦٦
. د) قال عليه الصلاة والسلام: ( لا يلقى اللهَ أحدٌ بذنب أعظم من جهالة أهله) ١٦٧
ه) وقال صلى الله عليه وسلم: ( آفى بالمرء إثما أن يُضيّعَ مَنْ يعولُ ) .ً ١٦٨
و) وقال صلى الله عليه وسلم: ( منْ اسْتُرْعِيَ رعية فلم يحطها بالنصيحة حرمت
. عليه الجنة ) ١٦٩
ز) وعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيّما راع
. استرعي رعيةً فغشّهَا فهو في النار ) ١٧٠
ح) وقال تعالى: " يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا قُوا أنْفُسَكُمْ وَ أهْلِيكُمْ نَارَاً " [ سورة التحريم :
. [ الآية ٦
٢٣ . الإجهاض :
١) أجمع الفقهاء على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح أي بعد أربعة عشراسبوعاً )
من ابتداء الحمل، واتفق الفقهاء على أن الحاملَ إن آانت مصابةً بما يجعل
استمرار الحمل خطراً على حياتها، ضُحّيَ بالحمل استبقاءً لها لأنها هي
الأصل والجنين هو الفرع، ولا عبرة للأعذار الأخرى التي تخرج عن ذلك.
٢) ويرى بعض علماء المسلمين أن الجنين حيٌّ من بداية الحمل، وأن حياته )
محترمة في آافة أدوارها، خاصة بعد نفخ الروح، وأنه لا يجوز العدوان عليها
بالإسقاط إلا للضرورة الطبية القصوى.
٣) اختلفت الآراء في الإجهاض قبل نفخ الروح: )
أ) فمنهم من حرّمه بإطلاق أو آرهه.
ب) ومنهم من حرّمه بعد أربعين يوماً من الحمل، وأجازه قبل الأربعين،
وهناك قولٌ بتحريم الإجهاض بعد نفخ الروح ( أي بعد ١٢٠ يوماً )
على خلاف في وجوب العذر.
______________________________________
166 . رواه مسلم وأبو داود والبيهقي وأحمد
167 . ذآره صاحب الفردوس من حديث أبي سعد.
168 . لأبي داود والنسائي بلفظ (من يقوت ) ، وهو عند مسلم بلفظ آخر.
169 . رواه أحمد بلفظ ( فلم يحطهم بنصيحة لم يجد ريح الجنة وريحها يوجد من مسيرة مائة عام )
170 . رواه أحمد وله عنده رواية أخرى
37
٢٤ . التحكّم في جنس الجنين:
اتفق الفقهاء على عدم جواز التحكم في جنس الجنين إذا آان ذلك على مستوى الأمة،
أما على المستوى الفردي:
١) فيرى بعض الفقهاء أن محاولة تحقيق رغبة الزوجين المشروعة في أن يكون )
الجنين ذآراً أو أنثى بالوسائل الطبية المتاحة لا مانع منها شرعاً.
٢) بينما يرى البعض الآخر عدم جواز التحكم في جنس الجنين خشية أن يؤدي )
ذلك إلى طغيان جنس على جنس.
٢٥ . بنوك الحليب :
تعمد بعض المؤسسات إلى جمع الحليب الذي تتبرع به ( أوتبيعه ) بعض المرضعات
ثم يعقم ويحفظ ليكون جاهزا لتغذية الأطفال الخدّج المعزولين في حاضنات خاصة.
١) يرى بعض الفقهاء عدم مشروعية ذلك خشية الوقوع في المحرمات الناشئة )
عن الرضاع باعتبار أن أخوّة الرضاع يحرم فيها ما يحرم بالنسب.
٢) ويرى آبار الفقهاء أن الشرع جعل أساس التحريم هو الأمومة المرضعة التي )
يتحقق فيه الالتصاق والحنان والمصّ. أما التغذية بلبن المرضع من خلال
الطعام والإسقاء والشرب والأآل والبلع والحقن والسعوط والتقطير فلا يُسمّى
رضاعاً في عرف الشرع واللغة وإنما الرضاع ما مصّ من الثدي.
٣) يرى هؤلاء الفقهاء أنه ليس هناك ما يمنع من إقامة هذا النوع من( بنوك )
الحليب ) ما دام يحقق مصلحة شرعية معتبرة ويدفع حاجة يجب دفعها.
٤) ويشترط البعض عدم اختلاط الحليب وإجراء القيد في سجلات خاصة لمعرفة )
مصدر الحليب ومَنْ تَغذّى به للاحتياط.
٥) أفتى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته الثانية عشرة المنعقدة في )
مدينة دبلن / أيرلندة بجواز الانتفاع بلبن بنوك الحليب وفقا لما يلي:
٢) الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي /٦) بعد الاطلاع على القرار رقم ٦
الدولي بشأن إنشاء بنوك الحليب في العالم الإسلامي وحرمة الرضاع منها،
استعرض المجلس الدراسات الفنية والشرعية المقدمة من بعض أعضائه حول
بنوك الحليب، ونظراً لتغير الحيثيات التي استند إليها قرار المجمع الفقهي
الدولي وبخاصة ما يتعلق بالمسلمين المقيمين في ديار الغرب، حيث إن هناك
بنوآاً للحليب قائمة منذ زمن وتأخذ بالتزايد والانتشار من قطر إلى آخر،
إضافة إلى تزايد أعداد المسلمين المقيمين في الغرب وعدم توافر المرضعات
المعروفات آما هو الشأن في العالم الإسلامي فإن المجلس يقرر ما يلي:
أولاً : لا مانع شرعاً من الانتفاع من لبن بنوك الحليب عند الحاجة.
38
ثانياً: لا يترتب على هذا الانتفاع التحريم بسبب الرضاعة؛ لعدم معرفة عدد
الرضعات، ولاختلاط الحليب، ولجهالة المرضعات بسبب المنع القانوني
المطبَّق في هذه البنوك من الإفصاح عن أسماء مُعْطِيات الحليب، فضلاً عن
وفرة عدد هؤلاء المعطِيات الذي يتعذر حصره؛ وذلك استئناساً بما قرره
الفقهاء من عدم انتشار الحرمة فيمن يرضع من امرأة مجهولة في قرية، لتعذر
التحديد، ولأن الحليب المقدم من تلك البنوك هو خليط من لبن العديد من
المرضعات المجهولات ولا تعرف النسبة الغالبة فيه، والله أعلم.
٢٦ . التلقيح الاصطناعي:
١) اتفق الفقهاء المسلمون على أن حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل وحاجة )
زوجها إلى الولد تعتبر غرضاً مشروعاً يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من
طرق التلقيح الاصطناعي والتي يمكن حصرها في الأسلوبين التاليين من
الأساليب المختلفة المعروفة:
الأسلوب الأول:
ويتم بأخذ النطفة الذآرية من رجل متزوج ثم تحقن في رحم زوجته نفسها
بطريقة التلقيح الداخلي .
الأسلوب الثاني:
ويتم بأخذ النطفة الذآرية من رجل متزوج وأخذ البييضة من مبيض زوجته
نفسها ويجري تلقيحها في أنبوب اختبار بالطرق الفنية المعروفة، ثم يعاد زرع
اللقيحة في رحم الزوجة نفسها حسب الأساليب الفنية.
٢) اتباع الأساليب الأخرى التي تختلط فيها النطف الذآرية أو البييضات الأنثوية )
أو الأرحام لرجل وامرأة غير متزوجين من بعضهما شرعاً يعتبر اسلوباً غير
جائز ويحرم استعماله.
٢٧ . الاستنساخ والهندسة الوراثية:
يرى آثير من الفقهاء التريّث في إعطاء الأحكام النهائية حول الاستنساخ البشري
والهندسة الوراثية البشرية حتى تتضح نتائج الأبحاث بشكل أفضل، ولكنهم جميعا
متفقون على عدم جواز إجراء التطبيقات المختلفة لهذين الفنين الخطيرين إلا في إطار
الزوجية الشرعية المستديمة، وعدم استعمالها في الأغراض الشريرة والعدوانية
39
وتبديل البنية الجينية للسلالة البشرية، وآل محاولة للعبث الجيني بشخصية الإنسان أو
التدخل في أهليته للمسؤولية الفردية يعتبر محظوراً شرعياً. ١٧١
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
______________________________________
171 . راجع قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بشأن الاستنساخ.
الملامح الأساسية
للأسرة
في الإسلام
إعداد
الأستاذ الدآتور
محمد الهواري
١٤٢٥ ه / ٢٠٠٤ م
1
بسم الله الرحمن الرحيم
الملامح الأساسية
للأسرة
في الإسلام
توطئة:
الأسرة في الإسلام هي الدعامة الرئيسية التي يقوم عليها المجتمع، وهي اللبنة الأساسية
التي تتكون منها الأمة، وبقدر ما تكون هذه اللبنة متينة قوية ملتحمة، يكون بناء الأمة قوياً
راسخاً و صامدا. وعلى العكس فإن اللبنة الهشة الضعيفة سبب رئيسي في تفكك المجتمع
وضعف الأمة.
والأسرة المسلمة المهاجرة إلى بلاد الغرب جاءت تحمل معها عادات وتقاليد لم تكن
ترتكز على أسس صحيحة من الشريعة الإسلامية، وبدأنا نرى هذه العادات تتأثر إلى حدٍّ
آبير بعادات وتقاليد المجتمع الغربي من حيث بناء الأسرة وتربية الأفراد وتكوين
مجتمعات هجينة بعيدة عن أصولها الإسلامية، وليست في واقعها صورة صحيحة عن
المجتمع الغربي.
وآان لا بدّ أن نسلطَ الضوء على المبادئ الأساسية التي تقومُ عليها الأسرة الإسلامية،
وحاولنا في هذه الملامح الاختصارَ ما أمكن، مكتفين بذآر القواعد الأصولية الأساسية
وذآر دليلها من القرآن الكريم والسنة المطهرة.
ونرى أن من أولويات استراتيجية العمل الإسلامي الثقافي في الغرب العناية بالأسرة
المسلمة والاهتمام بالجوانب الاجتماعية والأصول الشرعية التي يجب أن تقوم عليها هذه
النواة الهامة، فالاستراتيجية ليست مجرّد قرارات نظرية تسطّر بين دفات الكراسات
والكتب، بل لا بدَّ أن تجدَ طريقها للتطبيق العملي، والأسرة هي المحضن الأساسي الذي
يبدأ فيه التطبيق.
ولعلنا في هذه العجالة نكون قد أسهمنا بما يرسّخ بنية الأسرة المسلمة ويحفظ هُويّتها
ويؤآد دورها الإنساني العالمي في إعطاء الصورة الربانية لبناء المجتمع.
والله الهادي والموفق إلى سواء السبيل.
2
الأسرة في الإسلام
١. تعريفها:
الأسرة هي النواة الأساسية التي ينعقد عليها بناء المجتمع، وتتكون من زوجين
(ذآر وأنثى) بعقد شرعي يتم برضاهما.
ويرفض الإسلام الرهبانية لكونها تتصادم مع الفطرة، آما يحرّم العشرة بغير
زواج . يقول الله تعالى: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِتَسْكُنُوا إليْهَا وَجَعَلَ
.[ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * " [ سورة الروم : الآية ٢١
والزواج سنة من سنن المرسلين، إذ يقول سبحانه وتعالى: " وَلقَدْ أرْسَلنَا رُسُلاً مِنْ
.[ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لهُمْ أزْوَاجَاً وَذُرّيَة" [ سورة الرعد : الآية ٣٨
وروى البيهقي في حديث سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه: ( إنَّ اللهَ أبْدَلَنَا
. بالرهبانِيّة الحنيفيةَ السمحاءَ ) ١
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( النكاحُ من
سُنَّتي فَمَنْ لمْ يعمل بسنتي فليسَ مني) ٢، وقال: ( وأتزوّج النساء، فمن رغب عن سنتي
. فليس مني) ٣
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: (يا معشَر الشباب! من استطاعَ منكمُ البَاءَةَ فليتَزَوَّجْ فإنَّه أغَضُّ للبصر
وأحْصَنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء) ٤. والباءة هي القدرة على
النكاح جِماعاً ونفقةً، والتزوّج من المباءة، وهي المنزل. وإلى أن يتحقق ذلك، ينصح
الشباب بالصبر والاستعفاف، فيقول عزّ وجلّ " وَلْيَسْتَعْفِفِ الذينَ لا يَجِدُونَ نِكاحَاً حَتَّى
. [ يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ" [ سورة النور: الآية ٣٣
والاستعفاف يكون بغضّ البصر والانصراف عن التفكير في الجنس، وبالصبر
والصوم، وقراءة القرآن والكتب النافعة وشغل أوقات الفراغ، والبيئة الصالحة والقرناء
الصالحين.
، وعن سَمُرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نَهَى عن التَبَتُّلِ) ٥
والتبتل الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعاً إلى عبادة الله.
ويعتبر الإسلام أن نظام الأسرة هو المحضن الوحيد الذي يمكن أن تنمو فيه
العلاقات الاجتماعية السويّة، لهذا فإن التعاليم التي وضعت في هذا المجال هيأت آلَّ
الفرص لتحقيق مجموعة من الفوائد في مقدمتها:
______________________________________
٥١ ) عن عثمان بن مظعون وقال في إسناده ضعف / 1. ذآره العراقي في تخريج الإحياء ( ٣
2. رواه ابن ماجة .
3. متفق عليه
( 4. رواه البخاري ( ٥٠٦٥ ) ومسلم ( ١٤٠٠ ) رواه أبو داود وابن ماجة في السنن من حديث ابن مسعود ورواه الترمذي ( ١٠٨١
( 5. رواه النسائي في سننه ( ٣٠١٣
3
أولا) الفوائد الإنسانية:
١) إن قيام الأسرة على عقد شرعي يلتزم فيه الطرفان أمام الله جميع الحقوق )
والواجبات المترتبة على العقد، يخلق جواً من الطمأنينة والسكينة والاستقرار
بين أفراد الأسرة.
٢) يؤدي هذا العقد الملزم إلى تأصيل وترسيخ المسؤوليات والحقوق والواجبات )
المتبادلة بين الزوجين، والمُثُل الأخلاقية التي ينبغي أن تقوم عليها الأسرة.
٣) يفرز نظامُ الأسرة هذا إنساناً سوياً متوازناً آمناً مطمئناً، يعيش في ظل جوّ )
الانتماء والتعاطف والتكافل، في مختلف مراحل حياته منذ أن يكون طفلاً حتى
آخر مراحل حياته.
٤) نظام الأسرة هو المجال الوحيد الذي يلبّي حاجات الإنسان الداخلية في معرفة )
أصوله وأنسابه معرفة مطمئنة، آما أنه يحقق الإحصانَ بما يسده من ثغرات
وإنشاء سلسلة من العلائق والروابط العائلية لحفظ النسل.
ثانيا) الفوائد الاجتماعية:
١) التعاون والتعارف بين الشعوب والقبائل المنصوص عليها صراحة في القرآن )
الكريم.
٢) زيادة النسل وحفظ النوع الإنساني. )
٣) إقامة أسس التراحم وعلاقات الأخوّة والبرّ بين خلايا المجتمع. )
٤) الارتقاء بالوازع العضوي ( البيولوجي ) والغريزي وتحويله إلى مؤسسات )
اجتماعية مستقرة.
٥) ذوبان النظرة الفردية في آيان أسري مترابط تُتَبَادَل في إطاره الحقوق )
والواجبات بعيداً عن الأثَرة والأنانية.
ثالثا) الفوائد الصحية:
١) تحقيق الإطمئنان النفسي وإزالة القلق والكآبة اللذين ينشآن من الانعزال )
والوحدة.
٢) توفير الرعاية الصحية الكافية التي تتحقق في ظل التعاون المتبادل بين أفراد )
الأسرة.
٣) توفير الإحصان الذي يحمي من الأمراض التي آثيراً ما تنشأ من العلاقات )
الجنسية غير المشروعة.
رابعا) الفوائد الاقتصادية:
١) التكافل بين أفراد الأسرة يؤدي إلى تحسين وضعها الاقتصادي وضبط الإنفاق )
وتوفير الدخل وحسن استغلاله.
4
٢) دعوة الإسلام للاعتماد على النفس وإتقان العمل ومساعدة أفراد الأسرة بعضهم )
بعضاً في داخل محيطهم المباشر يُرَشِّد الاستهلاك وينمّي الروح الإنتاجية
للجميع.
خامسا) فوائد أخرى:
١) الأسس التي وضعها الإسلام في عملية اختيار آل من الزوج والزوجة وتيسير )
الزواج وتحديد مسؤوليات وحقوق الزوجين، وغرس المودة بينهما، تنتج عنها
فوائد إنسانية واجتماعية واقتصادية وصحية متعددة، تفتح الباب لمجتمع يعيش
في ظل الحلال مما يوفر له الاستقرار الخلقي والنفسي والاجتماعي.
٢) الحمل والإنجاب ينميّان مشاعرالأبوّة والأمومة مما يزيد من ترابط الأسرة )
والإحساس بالإنتماء بعضهم لبعض، ويلبي شوق الفطرة إلى الذريّة، ويكفل
استمرار النوع ويهيء سلامة أجيال تتحمل مسؤولية بناء مستقبلها.
٣) عملية الرضاعة وطريقة تربية الطفل وتعليمه حسب المنهج الإسلامي، تقوّي )
روح التعاطف والمودة وتحقق السلامة الصحية نفسياً وعضوياً، وتساعد على
تنظيم الأسرة على الأسس الإسلامية وتنمّي صحة الأم، وتوفّر الرعاية
اللازمة لنمو الطفل نمواً طبيعياً.
٤) دعوة الإسلام للاعتناء بالمسنين والمعوقين وحسن رعايتهم تقوّي روح التآخي )
والترابط والتراحم بين عناصر المجتمع وتثبّت قيمة البرّ بالضعيف.
٥) هناك فوائد صحية لعملية ختان الذآر، آما أن هناك فوائد صحية واجتماعية )
وبعداً روحياً لآداب المعاشرة الزوجية آما ذُآِرت في الإسلام.
٢. تيسير الزواج:
أولا) حضّ عليه الإسلام إذ أن من تزوّج فقد استكمل نصف دينه. ويُولي الإسلام
اعتباره الأول لما يفي بحصول المودة والرحمة بين الزوجين وينهى عن
المعسّرات التي يفتعلها البعض في سبيل الزواج.
يقول الله تعالى:" وَانكِحُوا الأيَامَى منْكُمْ والصَّالِحينَ منْ عِبَادِآُم وإمَائِكُمْ "[ سورة
.[ النور : الآية ٣٢
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا تزوّجَ العبدُ فقد استكمل نصف دينه
. فليتقّ اللهَ فيما بقي) ٦
وقال عليه الصلاة والسلام: ( إذا جاءآم من ترضون دينه وأمانته فزوّجوه: إلا
. تفعلوا تكنْ فتنة في الأرض وفساد آبير) ٧
. وقال صلى الله عليه وسلم: (أعظم النساء برآةً أيسرهنَّ صداقاً) ٨
______________________________________
6. ذآره الألباني في السلسلة الصحيحة ( ٦٢٥ ) وهو حسن لغيره
( 7. رواه الترمذي. وحسنه الألباني وروى البيهقي عن أبي حاتم المزني نحوه بلفظ فأنكحوه .... وفساد عرض ( الحديث ١٣٨٦٣
( 8. ذآره العراقي في تخريج الإحياء وإسناده جيد ورواه البيهقي عن عائشة رضي الله عنها ( الحديث ١٤٧٤٥
5
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مِنْ يُمْنِ المرأةِ تيسيرُ خطبتِهَا، وتيسير
. صداقها، وتيسير رحمها) ٩
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
. (خَيْرُ الصَّداق أيْسَرُهُ) ١٠
ثانيا) على أن الزواج في الإسلام لا يجوز بالإآراه، فلا بدَّ أن تُستَأذنَ النساءُ في
أبضَاعهن، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: ( لا تُنْكحُ الأيِّمُ حتَّى تُسْتَأمرَ، ولا تنكَحُ البِكْرُ حتّى تُسْتأذنَ) قالوا: وآيف
. إذنها يا رسولَ الله؟ قال: ( أنْ تَسكتَ) ١١
وعن عكرمة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَحْمِلوا النِّساءَ على
. ما يكرَهْنَ) ١٢
وعن عبد الله بن بُرَيْدة عن أبيه قال: (جاءتْ فتاةٌ إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقالت: إنَّ أبي زوَّجني ابنَ أخيهِ ليرفعَ بي خَسِيسَتَه، قال: فجعلَ الأمرَ
إليها، فقالتْ: قد أجزتُ ما صنعَ أبي، ولكني أردتُ أن تعلمَ النساءُ أنْ ليسَ إلى
. الآباء من الأمر شيء) ١٣
وقد أورد الباجي في شرحه على الموطَّأ قال: (ومعنى آونها أحقّ بنفسها من
وليّها- آما ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم- أنه ليس له إجبارها على
النكاح، ولا إنكاحها بغير إذنها، وإنما له أن يزوّجها بإذنها ممن ترضاه، وليس
لها هي أن تعقد على نفسها نكاحاً، ولا أن تباشره، ولا أن تضع نفسها عند غير
آفْءٍ، ولا أن تولّي غير وليها ذلك الأمر، فلكل واحد منهما حقٌ في عقد
. النكاح) ١٤
٣. اختيار أحد الزوجين للآخر:
أولاً) الزواج رفقة العمر ووعاء الإنجاب فينبغي حُسْن الاختيار حسبما يُتَوسَّم معه
التوفيق فيهما وعلى قدر ما يفضي إليه النظر الصحيح واعتبار المعطيات
العلمية المستقرة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُنكَحُ
المرأةُ لأربع: لمالها ولحَسَبها ولجَمَالها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدين تَرِبَتْ
. يداكَ) ١٥
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تزوَّجُوا النساء لحُسنِهنَّ فعَسى حُسنُهُنَّ أن
يُردِيَهُنَّ، ولا تزوجوهنَّ لأموالهنَّ فعسى أموالُهن أنْ تطغَيَهُنَّ، ولكنْ تزوجوهنَّ
. على الدين، ولأَمةٌ خَرْقاءُ سوداء ذات دين أفضل) ١٦
______________________________________
9. رواه أحمد والطبراني وذآره الألباني في صحيح الجامع ( ٢٢٣٥ ) وقال إنه حسن
10 . أخرجه أبو داود، وصححه الحاآم وقال عنه الألباني في صحيح الجامع ( ٣٢٧٩ ) إنه صحيح
11 . أخرجه الشيخان.
12 . أخرجه الصنعاني في المصنف.
13 . أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح.وقال الألباني بأن رجاله رجال الصحيح
14 . شرح الموطأ للباجي ص/ ١٣٠
15 . رواه البخاري ومسلم مع بقية السبعة.
16 . رواه ابن ماجة. وقد ذآره الألباني في ضعيف ابن ماجة ( ٤٠٩ ) وقال عنه ضعيف جداً
6
ثانياً) وقد أجاز الإسلام لمن أراد أن يتزوج امرأةً أن ينظر منها ما يدعوه إلى
نكاحها. عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا
خطبَ أحدُآم المرأة فإن استطاع أن ينظرَ منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها
. فليفْعَلْ) ١٧
وعن محمد بن سَلَمة قال: خطبتُ امرأةً فجعلتُ أتخَبَّأُ لها، حتى نظرتُ إليها في
نخلٍ لها، فقيل له أتفعلُ ذلك وأنت صاحبُ رسول الله؟ فقال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا ألقى الله في قلب امرئٍ خطبَة امرأة، فلا
. بأسَ أن ينظرَ إليها) ١٨
وعن أنس بن مالك أن المغيرة بن شُعبة أراد أن يتزوّج امرأة، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم: (اذهبْ فانظرْ إليها، فإنه أحرَى أن يُؤْدَمَ بينكما، فأتيتُ
امرأةً من الأنصار فخطبتُها من أبويها وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه
وسلم، فكأنّهما آرهَا ذلك. قال: فسمعتْ بذلك المرأةُ وهي في خِدرها فقالتْ:
إن آان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدكَ
الله. قال فنظرت إليها فتزوجتها ) ١٩ . ومعنى يؤدم أي يوفق ويؤلف ويديم
المودة. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا لا بأس أن ينظر إليها
ما لم يرَ منها مُحرَّمَاً وهو قول أحمد وإسحق.
ثالثاً) وقد رغَّبَ الإسلام بالزواج بالأبكار من النساء وحتى يستكمل التآلف والتآنس
بين الزوجين. والثيّب قد تكون معلقة القلب بزوجها الأول.
عن جابر رضي الله عنه قال: تزوجتُ فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
(أتَزوَّجْتَ يا جابر؟) قلتُ: نعم. قال: ( بكراً أم ثيباً ؟) فقلت: ثيباً. قال: (فهلاّ
. بكراً تلاعبُها وتلاعبك؟ ) ٢٠
وعن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (عليكم بالأبكار فإنهنَّ أعذبُ أفواهاً، وأنتَقُ أرحاماً وأرضى
باليسير) ٢١ . ومعنى أنتق أرحاماً أي أآثر أولاداً وأشد استعداداً للحمل
والإخصاب.
رابعاً) ورغَّبَ الإسلام في أن تتزوج المرأة مثلها في السنّ لكون ذلك أقرب إلى
المؤالفة. عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: خطب أبو بكر وعمر رضي الله
عنهما فاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنها صغيرة )، فخطبها
عليّ فزوجها منه. ٢٢
______________________________________
17 . رواه أبو داود ( ٢٠٨٢ ) وأحمد ورجاله ثقات ، وصححه الحاآم وله شاهد عند الترمذي والنسائي عن المغبرة.
18 . رواه ابن ماجة في سننه. وذآره الألباني في صحيح الجامع ( ٣٨٩ ) وقال إنه صحيح
(١٨٦٦/ ٧٠ ) وابن ماجة ( ١ -٦٩/ ٢٠٦ ) والنسائي ( ٦ / ١٤٦ ) والترمذي ( ٤ -١٤٥-١٤٤/ 19 . أخرجه أحمد ( ٤
20 . رواه النسائي في صحيحه ( ٣٠١٨ ) .وقال الألباني بأنه صحيح
21 . رواه ابن ماجة (وذآر الألباني أنه حسن ) ( صحيح ابن ماجة )
22 . رواه النسائي.وقال الألباني في صحيح النسائي: ( ٣٠٢٠ ) بأن إسناده صحيح
7
خامساً) ومن القواعد التي وضعها الإسلام في اختيار أحد الزوجين للآخر أن يكون
الانتقاء للشريك من أسرة عُرِفَت بالصلاح والأصالة والخلق، وحذّرَ من
الزواج بالنساء ذات المنبت السوء، إلى جانب أن تكون الكفاءة والأهلية بينهما
متماثلة.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله
. عليه وسلم قال: ( الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعها المرأة الصالحة) ٢٣
وعن اسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه عن جدّه رضي الله
عنهما، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مِنْ سعادة ابن آدم ثلاثةٌ،
ومن شَقْوَة ابن آدم ثلاثة. من سعادة ابن آدم؛ المرأة الصالحة، والمسكن
الصالح، والمرآب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم؛ المرأة السوء، والمسكن
. السوء، والمرآب السوء) ٢٤
عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً (إيّاآم وخضراء الدِّمَن) قالوا: وما خضراء
. الدّمن يا رسول الله؟ قال: ( المرأة الحسناء في منبت السوء) ٢٥
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
. (تخيّروا لنطفكم فانكحوا الأآفّاء وانكحوا إليهم) ٢٦
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا
أتاآم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد
. عريض) ٢٧
وسأله صلى الله عليه وسلم مرثدُ الغنوي، فقال: يا رسولَ الله، أنكح عناقاً،
وآانت بغياً بمكة، فسكتَ عنه، فنزلتْ الآية: " الزَّاني لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أوْ
مُشْرِآَةً والزَّانِيَةُ لا ينْكِحُهَا إلاّ زَانٍ أوْ مشْرك" [ سورة النور : الآية ٣ ]، فدعاه
. فقرأها عليه، وقال: " لا تنكحها " ٢٨
وسأله صلى الله عليه وسلم رجلٌ آخر عن نكاح امرأة يقال لها أم مهزول آانت
تُسَافِح، فقرأ عليه الآية. ٢٩
سادساً) ومن توجيهات الإسلام في اختيار الزوجة تفضيلُ المرأة البعيدة نسباً على
النساء ذوات القرابة من غير المحارم، حرصاً على نجابة الولد وضماناً
لصحته وسلامة جسمه من الآفات والعاهات الوراثية، وتوسعاً لدائرة التعارف
والترابط الاجتماعي.
روى طلحة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الناآح في قومه
. آالمعَشِّب في داره ) ٣٠
ويقول الإمام الغزالي في الإحياء: ( فإن ذلك – زواج القريبة – يقلل الشهوة ...
إنما الشهوة تنبع بقوة الإحساس بالنظر واللمس، وإنما يقوى الإحساس بالأمر
______________________________________
(١٦٨/ 23 . رواه مسلم ( ١٤٦٧ ) ، وابن ماجة ( ١٨٥٥ )، وأحمد ( ٢
١٤٤ ) وصححه، ووافقه الذهبي. / ١٦٨ ) ورواه ابن حبان في صحيحه ( ٤٠٢١ ) ، والحاآم ( ٢ / 24 . رواه أحمد ( ١
(١١٥٧/ 25 . رواه الدارقطني والعسكري وابن عدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً وذآره ابن حجر في تلخيص الحبير ( ٣
26 . رواه ابن ماجة والدارقطني والحاآم. وذآره الألباني في السلسلة الصحيحة ( ١٠٦٧ ) وقال صحيح بمجموع طرقه
.( 27 . رواه ابن ماجة وأخرجه الترمذي مرسلاً وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة ( ١٦٠١
28 . أخرجه أبو داود ( ٢٠٥١ ) ، والترمذي ( ٣١٧٧ ) ، والنسائي ( ٣٢٢٨ ) . وقال عنه الألباني بأنه حسن صحيح .
( ٢٢٥ ). وخرجه الألباني في صحيح أبي داود ( ٧٤ ، ١٥٩ / 29 . أخرجه أحمد ( ٢
( 30 . أورده في مجمع الزوائد ٤ / آتاب النكاح. وذآره الألباني في السلسلة الضعيفة ( ١٥٣٩
8
الغريب الجديد، فأما المعهود الذي دام النظر إليه مدة، فإنما يضعف الحسّ عن
. إتمام إدراآه والتأثر به ولا تنبعث به الشهوة ) ٣١
وروي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: ( آان أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم يكرهون الجمع بين القرابة في النكاح، وقالوا عنه: إنه يورث الضغائن).
على أن الإسلام لم يحرّم أبدا الزواج من الأقارب غير المحرمات وليس
الابتعاد عنه قاعدة مطلقة .
يقول الله تعالى " يا أيُّهَا النبيُّ إنَّا أحْلَلْنَا لكَ أزْواجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ، ومَا
مَلَكَتْ يَمينُكَ ممَّا أفَاءَ الله عليْكَ وبناتِ عمّكَ وبناتِ عمّاتِكَ وبناتِ خالِكَ وبنَاتِ
خالاتِكَ ... " [ سورة الأحزاب : الآية ٥٠ ] . وقد أجازَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم
زواج ابنته فاطمة من ابن عمّه علي رضي الله عنهما، ولكن ذلك آان في أسرة
خالية من الجينات الضارّة.
من هنا نستنتج أنه إذا حدث مرض وراثي في الأسرة أو إذا وجد فيها طفل
ضاوٍ (أي سقيم) أو ضعيف، فإنه يُنصح للأسرة أن تمنع التزاوج بين أفرادها.
ويمكن أن تندرج هذه النصيحة الطبية تحت القاعدة الشرعية العامة التي تقول:
( لا ضرَرَ ولا ضِرَار). آذلك رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما
لاحظ أن بني السائب ينجبون أطفالاً ضاوين أو ضعافاً من جرّاء تزاوج أفراد
القبيلة نهاهم عن ذلك وأمرهم بأن يتزوجوا من أفراد القبائل الأخرى لحماية
أطفالهم فقال: ( اغتربوا لا تُضْوُوا ).
سابعاً) ومن توجيهات الإسلام في الزواج اختيار المرأة الولود، ويمكن أن يعرف ذلك
بأمرين:
( أ) سلامة الجسم من الأمراض التي تمنع الحمل، ويستعان على ذلك اليوم
بالفحص الطبي واستشارة الأطباء المختصين.
(ب ) النظر إلى حال الأم والأخوات المتزوجات، فإن آنَّ من الصنف الولود
فعلى الغالب تكون هي آذلك.
عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: إني أصبت امرأة ذات منصب إلا أنها لا تلد أفأتزوجُهَا؟ فنهاه ثم
أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فنهاه فقال: ( تزوّجوا الولود، الودود فإني
مكاثرٌ بكم الأمم) ٣٢ . وفي رواية: ( مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ).
______________________________________
. ٧١٩- 31 . إحياء علوم الدين ط/ الشعب ج: ٤ ص ٧١٨
( ١٥٨ ) ، وابن حبان ( ١٢٢٨ ) .وصححه الألباني في إرواء الغليل ( ١٧٨٤ / 32 . أخرجه أحمد ( ٣
9
وعن أيوب بن سيرين قال: بعث عمر بن الخطاب رجلاً على السعاية
فأتاه فقال: تزوجت امرأةً، فقال أخبرتها أنك عقيم لا يولد لك؟ قال: لا !
. قال: فأخبرها وخيِّرهَا ٣٣
ثامناً) ونحب أن نؤآد هنا أخيراً بأن الزواج لا يتم إلا بعقد نكاح شرعي، وعقد النكاح
هذا هو ميثاق يُبرَم بين الطرفين – أي الزوج وولي الزوجة – يختص بموجبه
الزوج بحق الاستمتاع بالزوجة، وتبدأ الحياة الزوجية به على أساس من الحب
والتعاون.
ويرى الفقهاء المسلمون أن للعقد أرآاناً أربعة هي:
١) الولي ( ٣) الصداق )
٢) الشاهدان ( ٤) الصيغة )
أما الولي فهو شرط أساسي في صحة العقد لما روت عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نِكَاحَ إلاّ بولي) ٣٤ ، وعليه فلا يجوز
للمرأة أن تزوج نفسها لما روت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال: ( أيُّمَا امرأةٍ أنكحت نفسَهَا بغير إذن وليِّها، فنكاحها باطلٌ،
باطلٌ، باطل، فإن أصابها، فلها المهرُ بما استحلَّ من فرجها، فإن اشتجروا،
فالسلطان وليُّ مَنْ لا وليَّ له ) ٣٥ . والولي هو الأب أولاً أو وصيّه عند موته ثم
الجد وإن علا ثم الإبن وإن نزل، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأبٍ، ثم ابن الأخ
الشقيق، ثم ابن الأب لأبٍ، ثم أبناء الإخوة وإن نزلوا ثم العم.
أما الصداق فلا تحديد له في الشريعة، وآل ما يتموّل به يجوز صداقاً وقديكون
تحفيظ جزءٍ من القرآن. فقد سألَهُ صلى اله عليه وسلم رجلٌ أن يزوجه امرأةً،
فأمره أن يصدقها شيئاً، ولو خاتما من حديد، فلم يجده، فقال ما معك من القرآن؟
قال: معي سورة آذا وسورة آذا، قال: (تقرؤهنَّ عن ظهر قلبك؟) قال: نعم!
. قال: ( اذهب فقد ملَكْتَهاَ بما معك من القرآن) ٣٦
وسُئِلَ صلى الله عليه وسلم عن صداق المرأة، فقال: ( هو ما اصطلح عليه
. أهلوهم ) ٣٧
وأما الشاهدان فهما شرط لصحة العقد لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: ( لا نكاحَ إلاّ بوليٍّ وشاهدَي عدل) ٣٨ . فيجب أن يكون الشاهدان عدلين:
أي مجتنبين للكبائر ظاهرين بالأمانة، ليسا مغفلين، إضافة إلى البلوغ والحرية
والذآورة والتكلم والسمع.
______________________________________
33 . أخرجه الصنعاني في المصنف.
٢٦٠ ) وقال الإمام أحمد هذا حديث صحيح / 34 . أخرجه أبو داود ( ٢١٨٥ ) والترمذي ( ١١٠١ ) وأحمد ( ٦
35 . رواه أبو داود ( ٢٠٨٣ ) والترمذي ( ١١٠١ ) وهو حسن صحيح.
. ( ٩٩ ) ومسلم ( ١٠٤١ / 36 . متفق عليه ، أخرجه البخاري ( ٧
(٢٣٩/ 37 . ذآر الدارقطني وأخرجه البيهقي ( ٧
١٢٥ ) ، ورفع عدي بن الفضل ولم يرفعه غيره. / ٢٢٥ ) ، والبيهقي في السنن الكبرى ( ٧ / 38 . أخرجه الدارقطني ( ٣
10
وأما صيغة العقد فهي الإيجاب والقبول، بين ولي الزوجة من جهة والزوج أو
نائبه من جهة أخرى وبألفاظ صريحة تدل على انعقاد الزواج آأن يقول أنكحتُكَ
أو زوَّجتُكَ وقبول الزوج أو نائبه فيقول قبلتُ أو تزوَّجْتُ ... إلخ.
ويستحبُّ أن يخطبَ قبلَ العقد بخطبةِ ابن مسعود رضي الله عنه التي قال:
علَّمَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم التشهدَ في الحاجة: ( إن الحمدَ لله نحمده،
ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شُرورِ أنفُسِنَا ومِنْ سيِّئات أعمالنا، من يهْدِ
اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ، ومن يُضلل فلا هاديَ لهُ. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمداً عبدُهُ ورسولُهُ) ويقرأ ثلاث آيات: " اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ولاَ تَمُوتُنَّ إلاّ
وَأنْتُمْ مُسْلِمونَ " [ سورة آل عمران : الآية ١٠٢ ]، " وَاتَّقُوا اللهَ الّذي تَسَاءَلونَ بِهِ
والأرْحَامَ إنَّ اللهَ آَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَاً " [ سورة النساء : الآية ١]، " اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً
٣٩. [ سَدِيدَاً يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمَالَكُمْ " [ سورة الأحزاب : الآية ٧٠
آما يستحبُّ إعلانُ النكاح، والضرب عليه بالدُّف والوليمة لما روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أَعْلِنُوا النكاحَ، واضرِبُوا عليْهِ بالدفّ) ٤٠ . وعن
أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد
الرحمن بن عوف أثرَ صُفرةٍ فقال: ( ما هذا ؟ ) قال: يا رسول الله إنّي تزوجتُ
. امرأةً على وزنِ نواةٍ من ذهَبٍ قال: ( فبَاركَ اللهُ لكَ، أَوْلِمْ ولو بشاةٍ ) ٤١
٤. الزيجات المحرّمة في الإسلام :
حرّمَ الإسلام الزواج من النساء في الحالات التالية:
أولاً) النساء ذوات القرابة المعينة: مثل الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت
الأخ وبنت الأخت.... إلخ.
يقول الله تعالى:" ح ِ ر متْ عليكُ م أُمهاتُكُم وبَناُتكُم وأ َ خ واُتكُ م و ع ماُتكُ م
و َ خالاُتكُ م وبنَا ُ ت الأَخِ وبَنا ُ ت الأخْتِ وأمهاتُكُ م اللائِي أَ ر ض عَنكُم
وأَ َ خ واُتكُم مِ ن ال رضا عةِ وأُ م ها ُ ت نِ سائِكُم و ربائِبِكُم اللاتي في
ح جورِكُم مِ ن نِ سائِكُ م اللاتي د َ خْلُت م بِهِ ن، َفإ ن َل م َتكُوُنوا د َ خْلُت م بِهِ ن َفلا
جنَا ح عَِليكُ م، وحلائِلُ أبنائِكُ م اّلذي ن مِ ن أَ صلابِكُ م وأ ن َت ج م عوا بي ن
الأُخَْتين إلا ما َق د سَل َ ف، إ ن اللهَ كا ن غَُفو رًا رحِي مًا* وال م ح صَنا ُ ت مِ ن
. [٢٤- النِّ ساء " [ سورة النساء: الآية ٢٣
.[ وقال تعالى: " ولا َتْنكِ حوا ما َن َ كح آباؤُ ُ كم مِ ن الّنساءِ " [ سورة النساء : الآية ٢٢
______________________________________
39 . رواه الترمذي في سننه ( ١١٠٥ ) وهو حسن.
40 . أخرجه ابن ماجة ( ١٨٩٥ ) وهو صحيح
41 . متفق عليه واللفظ لمسلم.
11
ثانيًا) الأمهات والأخوات من الرضاع:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يح ر م من ال ر ضاع ما يح رم من
. النَّسب) ٤٢
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يح رم من
. الرضاع ما يح ر م من الولادة ) ٤٣
ثالثاً) أمّ الزوجة وبناتها وامرأة الأب وامرأة الإبن من الصلب. يقول تعالى:
"وأمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ " [ سورة النساء : الآية ٢٣ ]، فمتى عقد على امرأة حَرُمَ عليه
جميع أمهاتها من النسب والرضاع، وحلائل الآباء أي زوجات الأب من
النسب والرضاع، وحلائل الأبناء وهن زوجات أبنائه وأبناء أبنائه وبناته وإن
سفلوا من نسب أو رضاع.
رابعاً) الجمع بين الأختين والمرأة على عمتها أو خالتها والعمة على بنت أخيها أو
الخالة على بنت أختها. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يُجمَعُ بين
. المرأةِ وعمَّتها، ولا بين المرأة وخالتها ) ٤٤
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا
تنكحُ المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها،
ولا الخالة على بنت أختها؛ ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى
. على الكبرى ) ٤٥
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تُنكَحَ
المرأةُ على عمتها والمرأة وخالتها، فترى خالة أبيها بتلك المنزلة لأن عروة
حدثني عن عائشة قالت : حرِّمُوا من الرضاع ما يحْرُمُ من النسب. ٤٦
خامساً) المحصنات من النساء:
وذلك لأمر الله تعالى في القرآن الكريم في [سورة النساء : الآية ٢٤ ] التي أوردناها
سابقاً والتي تشير إلى حرمة نكاح المحصنات من النساء.
٥. مقصدا الزواج في الإسلام :
أولاً) حنين الإلف إلى إلفه وما يضمُّهما من مودة و رحمة وعروة وثيقة.
ثانياً) الإنجاب: فلا يجوز للقادر على الإنجاب أن يجرّد من الزواج البتّة .
يقول الله تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِتَسْكُنُوا إليْهَا وَجَعَلَ
. [ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * " [ سورة الروم : الآية ٢١
______________________________________
42 . حديث متفق عليه.
43 . رواه البخاري ومسلم ورواه أبو داود والنسائي.
( 44 . حديث متفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه أبوداود في سننه ( ٢٠٦٦
( 45 . رواه أبو داود في سننه ( ٢٠٦٥ ) وذآره الألباني في صحيح أبي داود ( ١٨١٨
46 . رواه البخاري.
12
. [ وقال تعالى: " هُنَّ لِبَاسٌ لَكمْ وأنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ " [ سورة البقرة : الآية ١٨٧
. [ وقال تعالى: " نِسَاؤُآُمْ حَرْثٌ لكُمْ " [ سورة البقرة : الآية ٢٢٣
وقال تعالى: " واللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً وَجعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ
وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطّيِّبَاتِ، أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ " [ سورة
. [ النحل : الآية ٧٢
٦. آداب الجماع:
أولاً) المتعة بالحلال حق متبادل بين الزوجين يوجب الرفقة وحسن المراعاة في
حدود ما أوصت به الشريعة الإسلامية.
وصف القرآن الكريم العلاقة بين الرجل والمرأة بتعبير جميل ورقيق حيث
قال: " هُنَّ لِبَاسٌ لَكمْ وأنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ " [ سورة البقرة : الآية ١٨٧ ]، وأوصى
الإسلام ألا يأتي الرجل زوجته قبل أن يحدثها ويلاطفها ويلاعبها ويستثير فيها
الرغبة والشهوة للجماع بالقبلة ومصّ الشفاه واللسان واللمس وما شابه، ولا
يقوم عنها قبل أن تقضي حاجتها منه آما قضى حاجته منها، وهو بهذا مأجور
ومثاب عليه.
وفي الحديث " (وفي بُضْعِ أحَدِآُمْ صَدَقَةٌ) .... قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا
شهوتَهُ ويكونُ له فيها أجرٌ؟ فقال: (أرأيتم لو وضعها في الحرام أآان عليه
. وزر؟) ..... ( فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له الأجر ) ٤٧
وفي الحديث: (لا يقَعَنَّ أحدآم على امرأته آما يقع البعير، وليكن بينهما
. رسول)، قيل وما الرسول يا رسول الله ؟ قال: ( القبلة والكلام ) ٤٨
وجاء في الحديث أيضاً: ( إذا جامعَ أحدُآم امرأته فليصدقها، فإن قضى حاجته
. قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها) ٤٩
ثانياً) والاستتار بالجماع فرض في الكتاب والسنة:
قال تعالى: " يَاأيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الذينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنْكُم ثَلاثَ
مَراتٍ من قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ، وحينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ، وَمِنْ بَعْدِ
. [ صلاةِ العِشَاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمُ " [ سورة النور : الآية ٥٨
وعن معاوية بن حيدة قال: قلت: يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذرْ؟
قال: ( احفظ عورتكَ إلاّ مِنْ زَوْجِكَ أو مَا مَلَكَتْ يمينُكَ )، قال: يا رسول الله إذا
آانَ القوْمُ بعْضُهُم في بَعْض؟ قال: ( إنْ استطَعْتَ ألاّ يَرَيَنَّها أحدٌ فلا يَرَيَنَّهَا)،
______________________________________
47 . رواه مسلم وأحمد عن أبي ذرّ .
٦٥ ) وقال بأنه حديث منكر / 48 . رواه الديلمي في مسند الفردوس.وذآره العراقي في تخريج الإحياء ( ٢
.( 49 . أخرجه أبو علي ورواه الصنعاني في المصنف.وذآره الألباني في ضعيف الجامع ( ٤٤٩
13
قال: قلت يا رسول الله إذا آان أحدُنَا خالياً ؟ قال: ( اللهُ أحَقُّ أنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ
. منِ النَّاسِ ) ٥٠
ثالثاً) سرية العلاقة الجنسية:
وإذا آان الإسلام يحرصُ على تحقيق التكامل في العلاقات الجنسية بين
الزوجين فإنه يحرص آذلك على إحاطة ذلك بسياج من القدسية والسريّة
التامة... حفاظاً على المروءة والشرف، وقد حذَّر الإسلام من ممارسة الجنس
علانيةً أو جعله موضوع الحديث والسّمَر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشرِّ الناس عند الله منزلةً يوم
. القيامة الرجلُ يُفضِي إلى امرأته وَتُفْضِي إليه ثمَّ ينشُرُ سِرَّهَا) ٥١
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا الرسول صلى الله عليه وسلم :
فلما سلَّمَ أقبلَ علينا بوجهه فقال: ( مَجالسُكم هلْ منكم الرّجلُ إذا أتى أهلَهُ أغلقَ
بابَهُ وأرْخى ستره، ثم يخرج فيحدّث فيقول: فعلت بأهلي آذا ؟ ) .... فسكتوا..
فأقبل على النساء فقال: هل منكنَّ من تحدّث؟ فجثَتْ فتاةٌ آعاب على إحدى
رآبتيها وتطاولت ليراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع آلامها.
فقالت: إي والله إنهم يتحدثون وإنهن يتحدثن. فقال عليه السلام: (هل تدرون ما
مثل من فعل ذلك؟ إن من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهم صاحبته
. بالسكة فقضى حاجته منها والناس ينظرون ) ٥٢
٧. منهيّات الجمَاع :
أولاً) المحيض: هو أذى يُجتَنَبُ فيه الوطءُ الكامل، ويباح قضاء الشهوة بغيره من
المباشرة.
قال تعالى: " وَيسْأَلُونَكَ عنِ المَحيضِ، قُلْ هُوَ أذَىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في
. [ المَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ" [ سورة البقرة: الآية ٢٢٢
. [ وقال تعالى:" فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَآُمُ اللهُ " [ سورة البقرة: الآية ٢٢٢
ثانياٌ) نهى الإسلام عن إتيان المرأة في دبرها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
. (ملعون من أتى امْرَأةً في دبُرهَا) ٥٣
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا ينظرُ اللهُ إلى
. رجلٍ أتى رجُلاً أو امرأةً في دُبُرها) ٥٤
______________________________________
.( 50 . رواه أصحاب السنن إلا النسائي، وآذا أحمد والبيهقي وسنده حسن وصححه الحاآم.وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ( ٢٢٤٤
51 . رواه ابن أبي شيبة ، ومن طريق مسلم وأحمد وأبو نعيم والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري.وهو حديث صحيح
( 52 . رواه أحمد وأبو داود.وذآره لألباني في صحيح الجامع ( ٧٠٣٧
53 . رواه النسائي وله شاهد عند ابن عدي من حديث عقبة بن عامر وسنده حسن .
54 . أخرجه النسائي ( ١١٥ في عشرة النساء) والترمذي ( ١١٦٥ ) وابن حبان في صحيحه ( ٤١٩١ ) وسنده حسن.
14
وعن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ اللهَ لا يستحيي
. من الحقّ: لا تأتوا النساء في أدبارهنَّ ) ٥٥
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها أو
. آاهناً فصدّقهُ بما يقول فقد آفرَ بما أنزلَ على محمّد ) ٥٦
٨. تحريم الزنى واللواط وما شابه :
أقام الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة على الرباط الشرعي بالزواج، وحرّمَ
ما وراءَ ذلك تحريما قاطعاً آالزنى واللواط، ويلحق بذلك جميع الانحرافات
الجنسية على اختلافها؛ آإتيان البهيمة (مجامعة الحيوان) والسحاق ( مجامعة
النساء للنساء ) وما ينتج عن سوء التصور لطبيعة الوظيفة الجنسية واعتبار
المتعة الناتجة عنها هي الأساس آائناً ما آان الأسلوب أو الطريق.
الزنى فاحشة وآبيرة من الكبائر، ولها آثار اجتماعية في منتهى السوء فهي
سبب من أسباب تفكك الأسرة، واختلاط الأنساب، والاعتداء على حقوق
الزوج أو الأب أو الأخ بمضاجعة قريباتهم، وهي آذلك المصدر الرئيسي
لانتشار الأمراض المنقولة جنسياً، والحمل قبل الزواج (وهو مشكلة آبيرة
للمراهقات)، والأبناء غير الشرعيين (وهي مشكلة للمراهقات وللأسرة
والمجتمع)، ولذلك حرّم الإسلام الزِّنَى تحريماً قاطعاً.
قال تعالى: " وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ آانَ فَاحِشَةًِ وَسَاءَ سَبِيلاً " [ سورة الإسراء : الآية
. [ ٣٢
[ وقال تعالى:"وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ منْهَا وَمَا بَطَنَ"[ سورة الأنعام: الآية ١٥١
وقال تعالى: " الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زانِيَةً أوْ مُشْرِآَةً ، والزَّانِيَة لا ينكِحُهَا إلاّ زَانٍ
. [ أوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلكَ عَلى المُؤْمِنِينَ " [ سورة النور : الآية ٣
وقال تعالى: " وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إلاّ بالحَقِّ وَلا يَزْنُونَ " [ سورة
. [ الفرقان : الآية ٦٨
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزْني الزَّاني حينَ يزْنِي وهُوَ
. مُؤْمنٌ) ٥٧
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا زنى الرجلُ خرجَ منه الإيمان فكان عليه آالظلّة، فإذا أقلع رجع إليه
. الإيمان) ٥٨
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الزَّانِي بِحَلِيلَةِ جَارِهِ لا يَنْظُرُ اللهُ إليهِ يومَ
. القيامة ولا يُزَآّيه ويقول: ادخُلْ النار معَ الدَّاخلينَ ) ٥٩
______________________________________
55 . رواه الشافعي وقوّاه ، وعنه البيهقي والدارمي والطحاوي، وله طرق أخرى عن النسائي والبيهقي ، وصححه ابن حبان.
56 . أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي، فرواه في العشرة والدارمي وأحمد واللفظ له من حديث أبي هريرة وسنده صحيح.
57 . رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
٢٢ ) وصححه ووافقه الذهبي بلفظ آخر . / 58 . رواه أبو داود ( ٤٦٩٠ ) والترمذي ( ٢٦٢٧ ) والحاآم ( ١
( 59 رواه ابن أبي الدنيا والخرائطي . وذآره الألباني في ضعيف الجامع ( ٣١٨٨
15
وقال تعالى: " ولوطَاً إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ
العَالَمِينَ، إنَّكُمْ لَتَأتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ "
.[ [سورة الأعراف : الآية ٧
عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ
. أخوفَ ما أخاف على أمتي عملُ قوم لوط) ٦٠
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أربعة يُصْبِحُونَ فِي غَضَبِ اللهِ،
ويُمْسُونَ في سخط الله، قلتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: المتَشَبِّهُونَ منَ الرجَالِ
بالنّسَاءِ، والمتشَبِّهَاتُ منَ النساءِ بالرّجَالِ والذي يَأتِي البَهِيمَة والذي يأتي
. الرّجَالَ ) ٦١
٩. العادة السرية :
يلجأ إليها المراهقون في مطلع نضجهم الجنسي لتصريف الطاقة الجنسية عن
طريق مداعبة الأعضاء التناسلية.
يرى بعض الفقهاء أنها حرام استناداً لقوله تعالى: " والّذينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ
حَافِظُونَ * إلا علَى أزْوَاجِهِم أوْ مَا مَلَكَْتْ أيْماَنُهُمْ فإنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومينَ * فَمَنِ
.[ ٧- ابْتَغى وَرَاءَ ذَلِكَ فًاؤُلَئِكَ هُمُ العَادُونَ * [ سورة المؤمنؤن : الأيات ٣
ورأى بعض الفقهاء أن عملها مكروه.
ومذهب الإمام أحمد يُبيحها عند عدم استطاعة الزواج أو عند خشية الوقوع في
الزنا، وذلك باعتبار أن المَنِي فَضْلَة من فضلات الجسم يجوز إخراجه.
١٠ . المعاملة بين الزوجين:
أولا- تقوم على التراحم والتوادّ والاحترام المتبادل والشورى والائتمار بالمعروف
والتعاون :
قال تعالى:" وَأمْرُهُمْ شُورَى بَينَهُم وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنٌْفُقُونَ "[ سورة الشورى : الآية
.[٣٨
. [ وقال تعالى: " وَعَاشِرُوهنَّ بِالمَعْرًوف " [ سورة النساء : الآية ١٩
. [ وقال تعالى: وائتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفْ " [ سورة الطلاق : الآية ٦
وقال ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خيرُآمْ
. خيرآم لأهله، وأنا خيرآم لأهلي ) ٦٢
وجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: ( أآمَلُ المُؤمِنينَ إيمَانَاً أحسَنُهُمْ
. خُلُقَاً، وَخِيَارُهُمْ خيَارُهُمْ لِنِسَائهِمْ ) ٦٣
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( واسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً ) ٦٤
______________________________________
٣٥٧ ) وصححه ووافقه الذهبي. / 60 . رواه ابن ماجة ( ٢٥٦٣ )، والترمذي ( ١٤٥٧ ) ، والحاآم ( ٤
( 61 . رواه الطبراني والبيهقي.وذآره الألباني في السلسلة الضعيفة ( ١٤٤٩
62 . رواه ابن ماجة والترمذي وابن حبان ( ٤١٦٥ ) وصححه الحاآم ووافقه الذهبي. ورى الحديث آذلك عن عائشة رضي الله عنها
63 . أخرجه الترمذي وأحمد وقال الترمذي حديث حسن صحيح.وقال عنه الألبلني في آداب الزفاف ( ١٣٤٩ ) بأنه حسن الإسناد وشطره
الأول صحيح
( 64 . أخرجه الترمذي وابن ماجة من حديث عمر بن الأحوص.وذآره البخاري في الجامع الصحيح ( ٥١٨٥
16
وقيل لعائشة رضي الله عنها: ( ماآان النبي صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ في
. بيْتِه؟ قالت: آما يصنَعُ أحدُآُمْ: يَخصِفُ نَعْلَهُ وَ يُرَقِّعُ ثَوبَهُ) ٦٥
وفي رواية أخرى لأحمد: ( آان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يخصِفُ نعلَهُ
وَيَخيطُ ثَوْبَهُ ويعمَلُ في بيْتِهِ آما يعمَلُ أحَدُآمْ في بيتهِ).
وعن الأسود قالَ: سألتُ عائشة ما آانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أهله؟
. قالت: ( آان في مِهْنَةِ أهله فإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ قامَ إلى الصلاةِ) ٦٦
ثانياً) ولا يجوز العقاب الجسدي إلا في نطاق الرفق وفي موضعين بالتحديد:
١. أن تسمح لغريب بدخول بيته وهي تعلم أنه يكره ذلك.
٢. أن تمتنع عنه لغير اضطرار.
قال صلى الله عليه وسلم: ( فأمَّا حقُّكُمْ على نِسَائكمْ فلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ
تَكرَهُونَ، ولا يأذنَّ في بيوتكم لِمَنْ تكرهونَ ). ٦٧
. وقال صلى الله عليه وسلم: ( وإذا غابَ عنهَا حفِظَتْهُ في نفسها وفي ماله) ٦٨
وفي رواية ( نصحته) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تضْربُوا إمَاءَ اللهِ فجاءَ عمرُ إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: ذَئِرْنَ النسَاءُ على أزْواجِهِنَّ، فرَخَّصَ في
. ضَرْبِهِنَّ ) ٦٩
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( ما ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
. خادمَاً ولا امرأةً ولا ضربَ بيدِهِ شيئاً) ٧٠
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دعا الرجلُ امرأتهُ إلى فراشِه فأبت
فلم تأتِهِ فباتَ غضبانَ عليها، لعَنَتْهَا الملائكةُ حتى تصبح ). ٧١
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا باتت المرآة مهاجرةً فراشَ زَوْجِها لعَنَتْهَا
الملائكةُ حتى ترجع). ٧٢
١١ . المرأة والعمل :
العمل حق للمرأة وليس واجباً عليها، ويجوز لها ما دامت تلتزم في زيِّها وسلوآها
بالتزامات الإسلام، وما لم يخدش العمل إسلامها أو يصادر حلالاً أوجبَ منه، وما لم
يُخِلّ ذلك بدورها الأساسي آراعية للأسرة.
ومن المعلوم أن أمَّ المؤمنينَ السيدة خديجة رضي الله عنها آانتْ تاجرةً وتمارسُ
التجارةَ. وآان السلاح الطبي في جيش النبي صلى الله عليه وسلم في أُحُد مكوناً من
السيدات الآسِيَات، ومنهنّ من شارآتْ في القتال وامتدحها النبي صلى الله عليه وسلم.
______________________________________
( 65 . رواه أحمد وقال عنه الألباني في صحيح الجامع بأنه حديث صحيح ( ٤٩٣٧
66 . رواه البخاري في صحيحه.
67 . رواه الترمذي عن ابن الأحوص، وهوحديث حسن صحيح ، وله شاهد عند أبي داود وابن ماجة وأحمد والدارمي ومسلم
68 . رواه ابن ماجة
( 69 . رواه أبو داود من حديث إياس بن عبد الله بن أبي ذباب وهوحديث صحيح ( ألباني في صحيح أبي داود ١٨٧٩
70 . رواه ابن ماجة وفي رواية لمسلم ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً بيده قط ولا امرأة ولا خادما... الحديث
( 71 . رواه أبوداود من حديث أبي هريرة.وله رواية عند مسلم في مسنده ( ١٤٣٦ ) ورواية أخرى عند البخاري ( ٥١٩٣
( 72 . رواه البخاري من حديث أبي هريرة.( الجامع الصحيح ٥١٩٤
17
ويذآر التاريخ أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وَلّى الشَّفاء قضاء
الحسبة.
١٢ . الحمل والإنجاب:
أولاً) الحمل والإنجاب أحد مقصدي الزواج، بل من أعظم ثمراته وبهجة الحياة الدنيا. يقول
الله تعالى: " واللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطّيِّبَاتِ، أَفَبِالبَاطِلِ
. [ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ"[ سورة النحل : الآية ٧٢
وفي الحديث الشريف: ( تزَوَّجوا الودُودَ الولُودَ فإنّي مكاثِرٌ بكمُ الأمَمَ ) وفي رواية
ثانية: ( فإنّي مكاثِرٌ بكمُ الأنبياءَ يومَ القيامةِ ) ٧٣ . ولهذا لا يجوز لقادر على الإنجاب
منعَهُ البتّة.
ثانياً) اشتهاءُ الإنجاب لِمَنْ حُرِمَهُ مشروع والسعي إليه جائز بالوسائل الطبية الحلال وفي
نطاق عقد الزواج الشرعي.
يقول تعالى: " وَزَآَرَيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدَاً وَأنْتَ خَيْرُ الواَرِثِينَ" [ سورة
.[ لأنبياء : الآية ٨٩
ويقول تعالى: " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ " [ سورة الأنبياء : الآية
. [ ٩٠
ثالثاً) تترتب على الحمل حقوق من أهمها: صيانة الجنين ورعايته لدرجة إعفاء الحامل من
وجوب الصوم إن خافت على جنينها ونفسها.
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ اللهَ وضَعَ عنِ المسافرِ نصفَ
. الصلاةِ والصوْمِ وعنِ الحُبْلى والمُرضِع ) ٧٤
رابعاً) مشقة الحمل والوضع تحتسب في ميزان فضل الأم وحقها على أبنائها.
يقول الله تعالى: " حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنَاً عَلى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ في عًامَيْنِ، أنِ اشْكُرْ لِي
. [ وَلِوَالدَيْكَ إليَّ المصِيرُ " [ سورة لقمان : الآية ١٤
ويقول تعالى: " وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحْسَانَاً، حَمَلَتْهُ أمُّهُ آُرْهَاً وَوَضَعَتْهُ آُرْهَاً
.[ وَحمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً " [ سورة الأحقاف : الآية ١٥
حقوق الجنين :
أولا) حق الحياة :
يقول تعالى : " مَنْ قَتَلَ نَفْسَاً بِغَيْر نَفْسٍ أوْ فَسَادٍ في الأرْضِ فًكأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعَاً،
. [ وَمَنْ أحْيَاهَا فَكأنَّمَا أحْيَا النَّاسَ جَمِيعَاً " [ سورة المائدة : الآية ٣٢
ثانيا) له أهلية وجوب ناقصة: أي أن له حقوقاً وليس عليه واجبات لعجزه عن أدائها.
______________________________________
( 73 . رواه أبو داود والنسائي والحاآم وأحمد والطبراني والبيهقي وهوحديث حسن صحيح ( صحيح أبي داود للألباني ١٨٠٥
74 . رواه النسائي ، وله شاهد عند أبي داود وأحمد . وقال عنه الألباني بأنه حديث حسن
18
ثالثاً) له حق تلقي الإرث والوصية والهبة.
رابعاً) إذا أسقط الجنين ثم بدت عليه أعراض مستقرة ثم مات الجنين ورثه ورثته
الشرعيون.
خامساً) في الإسلام عقوبة مالية على المتسبب في الإجهاض ولو بغير قصد جنائي.
سادساً) للجنين المحمول سفاحاً آذلك حق الحياة، فإذا حكم بالإعدام على امرأة وهي حامل
تعيّنَ تأجيل تنفيذ الحكم حتى تلد، وقيل حتى ترضع، آما حدث في واقعة الغامدية.
سابعاً) من أجل ذلك استقرَّ الرأي العام على احترام حياة الإنسان حتى في دورها الجنيني،
ومنذ بداية الحمل نظراً لأن المعطيات العلمية الحديثة، التي لم تتوفر للسابقين أثبتت
أن الحياة موجودة منذ بداية الحمل، ولا يستثنى من ذلك إلا الضرورة الطبية القصوى
التي ترى في بقاء الحمل تهديداً لحياة الأم.
١٣ . الطفولة في الإسلام :
أولا) الطفولة في الإسلام عالم ممتلئ بالبهجة والسعادة والحب.
فالله تعالى يقسم بالطفولة فيقول: " لا أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَد، وَأنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَد، وَوَالِدٍ وَمَا
. [٣- وَلدَ " [ سورة البلد : الآية ١
والأطفال هم بشرى: يقول الله تعالى: " يَا زَآرِيَّا إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ
. [ لَهُ سَمِيَّا " [سورة مريم : الآية ٤٧
والأطفال هم قُرّةُ العين: " رَبَّنا هَبْ لنَا مِنْ أزْواجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّة أَعْيُنٍ " [ سورة الفرقان :
. [ الآية ٧٤
. [ وهم زينة الحياة الدنيا: " المَالُ والبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ ال دنْيَا " [ سورة الكهف : الآية ٤٦
ثانياً) رعاية الأطفال من أهم الواجبات ومحبتهم من أعظم القربات إلى الله تعالى:
قال أنس رضي الله عنه: ( ما رأيتُ أحداً أرحمَ بالعيال من رسول الله صلى الله عليه
وسلم). ٧٥
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: آان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني
فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما ثم يقول: (اللهمّ
. ارحمهما فإني أرحمهما) ٧٦
______________________________________
( 75 . رواه مسلم في صحيحه. ( المسند الصحيح ٢٣١٦
76 . رواه البخاري في صحيحه.
19
وعن ابن مسعود رضي الله قال: ضربتُ غُلاماً بالسّوْط فسمعت صوتا من خلفي، فإذا
برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على
هذا الغلام ). ٧٧
آان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصارَ، فإذا جاء دُورَ الأنصارَ، جاء
صبيان الأنصار يدورون حوله فيدعو لهم، ويمسح رؤوسهم ويسلم عليهم . ٧٨
١٥ . حقوق الأبناء :
رتب الله عزّ وجلّ حقوقاً للأبناء على الآباء وأمر بالعناية بالأولاد ورعايتهم
وتربيتهم على أآمل وجه وتنشئتهم التنشئة الصالحة، إذ الوالد ينتفع بصلاح الولد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات الإنسانُ انقطعَ عمله إلا من ثلاث: إلا
من صدقة جارية أو علمٍ يُنتَفَعُ به، أو ولد صالح يدعو له ). ٧٩
ومن أهم الحقوق المترتبة على الآباء ما يلي:
أولا) حسن اختيار الأم : وذلك بأن لا يكون جمالها أو حسبها أو مالها هو آل شيء، بل لا
بدّ أن ينضمّ إلى ذلك أن تكون ذات دينٍ من بيت آريم، لأن أولادها سيرثون من
أخلاقها وصفاتها وسلوآها.
وفي الحديث: ( تُنْكحُ المرأة لأربعٍ: لمالها ولحسَبِهَا ولجمَالهَا ولدينها، فاظفرْ بذات
الدينٍ تَرِبَتْ يداك). ٨٠
ثانياً) حقّ النسبة الشرعية: وهو حقٌّ أقامه الإسلام بين المولود ووالديه المرتبطين بالرباط
الشرعي الصحيح، والطفل يحمل نسبَ أبيه.
يقول الله تعالى: " وَهُو الذي خَلقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلهُ نسَبَاً وَصِهْراً وَآانَ رَبُّكَ قَدِيرَاً
.[ "[ سورة الفرقان : الآية ٥٤
.[ وقال تعالى:" وَعَلى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَآسْوَتُهُنَّ بالمَعْرُوفِ "[ سورة البقرة : الآية ٢٣٣
وإن إضافة الولد لأبيه في هذه الآية دليلٌ على أنه المختص بالنسبة إليه.
. [ وقال تعالى: " ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللهِ " [ سورة الأحزاب : الآية ٥
ثالثاً) تسمية الأبناء بأحسن الأسماء: حتى لا يكون الإسم سبباً في ضحك الناس عليهم
والاستهتار بهم.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، وأصدق
. الأسماء حارث، وشرّ الأسماء حرب ومرّة) ٨١
ولقد غيّر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسماء القبيحة وغير المناسبة؛ فقد غيّر
عاصية إلى جميلة، واسم زيد الخيل إلى زيد الخير...
______________________________________
( 77 . رواه مسلم. ( المسند الصحيح ١٦٥٩
78 . رواه أحمد في مسنده وغيره وسنده صحيح. وقال عنه الأباني في آداب الزفاف ( ٩٧ ) بأن اسناده صحيح
( 79 . أخرجه مسلم وأصحاب السنن إلا ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه – واللفظ لمسلم. ( المسند الصحيح ١٦٣١
80 . رواه البخاري ومسلم.
.( 81 . ذآره الألباني في السلسة الصحيحة وقال عنه : قوي بالطرق وله رواية أخرى عند مسلم ( ٢١٣٢
20
ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يسمى الأولاد بأحد الأسماء التالية : ( يَسَار،
. أو رباح، أو نجيح ، أو أفلَح ) ٨٢
رابعاً) الرضاعة: حق شرعي من لبن أمه ما دام ذلك مقدوراً عليه، ويستحسن أن يكون لمدة
حولين آاملين.
ومعروف أن الرضاعة من الوالدة تقَوّي الصلة والحنان بينها وبين الوليد وتمنحه
مناعة ووقاية من آثير من الأمراض، والأمّ مأجورة على رضاعها حتى وإن طلقت.
ويسمحُ بالفطام قبل انقضاء الحولين لاتفاق وتشاور الأبوين على عدم الإضرار
بمصلحة الرضيع وإن آانا مطلقين.
وإن عجزت الأم عن الرضاع أو أبته، فعلى الوالد أو الولي ( في حال غياب الوالد)
استئجار مرضعة للطفل.
يقول الله تعالى: " والوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أوْلادَهُنَّ حَوْليْنِ آامِلَيْنِ لِمَنْ أرادَ أنْ يُتِمَّ
. [ الرضَاعَةَ " [ سورة البقرة : الآية ٢٣٣
.[ ويقول تعالى: " وَعَلى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ " [ سورة البقرة : الآية ٢٣٣
ويقول تعالى: فإنْ أرَادَا فِصَالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فًلا جُنَاحَ عَليْهِمَا" [ سورة
.[ البقرة: الآية ٢٣٣
. [ ويقول تعالى: " وإنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخْرَى " [ سورة الطلاق: الآية ٦
خامساً) النفقة: نفقة الأولاد ذآوراً آانوا أم أناثاً واجبة على الوالد حتى يشتدّ عودُ الذآر
ويستطيع أن يعيل نفسه، وحتى تتزوج الأنثى . ويأثم الأب إن قصّر في ذلك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دينارٌ
أنفقته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته في رقَبَة، ودينار تصدقتَ به على مسكين، ودينارٌ
. أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك) ٨٣
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اليدُ العُليَا
. خيْرٌ من اليدِ السّفْلى وابدأْ بمنْ تعولُ) ٨٤
. وجاء في الحديث الشريف أيضاً: ( آفى بالمرءِ إثْمَاً أن يُضيّعَ منْ يقوت ) ٨٥
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ( آلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيّته، فالإمامُ راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيته والرجل
في أهله راعٍ وهومسؤولٌ عن رعيّته..... ) . ٨٦
وجاء في الحديث الشريف أيضاً: ( منْ عالَ جاريَتَيْنِ حتّى تبْلُغَا جاءَ يومَ القيامة أنا
. وهوَ – وضمَّ أصابعه عليه الصلاة والسلام ) ٨٧
سادساً) التنشئة على الإسلام: وذلك بالقدوة والإقناع والتلقين
______________________________________
82 . رواه مسلم ( ٢١٣٧ ) وأبو داود ( ٤٩٥٨ ) والترمذي ( ١٨٣٦ ) وغيرهم.
( 83 . رواه مسلم ( ٩٩٥
84 . رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم . وله رواية نحوها عن عبد الله بن مسعود وفيه زيادات. .
١٦٠ ) وأبو داود ( ١٦٩٢ ) وغيرهما / 85 . رواه مسلم في صحيحه بمعناه وذآره النووي في رياض الصالحين ( ١٥٣ ) ورواه أحمد ( ٢
86 . رواه البخاري والترمذي وأبو داود وأحمد وغيرهم .
87 . رواه مسلم ( المسند الصحيح ٢٦٣١ )، والترمذي ( ١٩١٤ ) وابن حبان في صحيحه ( ٤٤٨ ) بلفظ آخر.
21
في الحديث الشريف: ( ما من موْلودٍ إلا يولَدُ على الفِطْرَة، فأبواهُ يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرَانِهِ
أوْ يُمَجِّسَانِه). ٨٨
سابعاً) الختان: هو طهارة ونظافة وهذا في حق الذآور وهو من سنن الفطرة .
ولم تفرض الشريعة خفاض الأنثى، وإنما الذي ورد في هذا الشأن حديثُ رسول الله
صلى الله عليه وسلم لأم عطيّة، إحدى الممارسات القليلات اللواتي ورد ذآرهنّ:
(اخْفِضي ولا تُنْهِكي) أي الإشارة إلى الإزالة القليلة جداً من مقدّمة البَظَر وهو ما
يعرف بخفاض السنّة.
أما الذي يمارس في بعض البلدان العربية والإفريقية وبعض الدول الإسلامية بدعوى
الممارسات الدينية فهو ما يعرف ( بالخفاض الفرعوني ) الذي يتراوح بين استئصال
البظر وبين التشويه الكامل للشّفرَيْن الصغيرين والشفرين الكبيرين في أعضاء المرأة
التناسلية، فليس له أصل صحيح السند في الشريعة الإسلامية ولا تجوز ممارسته.
ثامناً) العدل بين الأولاد : في البِرّ والمحبة والرعاية وعدم التمييز بينهم ذآوراً آانوا أم إناثاً.
قال صلى الله عليه وسلم: ( اتقُوا اللهَ واعْدلُوا بينَ أولادِآُمْ ). ٨٩
وروي عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً آان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء
ابن له فقبَّلَهُ وأجلسَه على حِجِرِه وجاءت ابنة له، فأجلسَهَا بين يديه، فقال له رسول الله
. صلى الله عليه وسلم: ( ألا سَوّيْتَ بينهما ! ) ٩٠
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ ابْتُلِيَ منْ
هذه البنات بشيءٍ فأحسَنَ إليْهِنَّ آُنَّ لهُ ستْراً من النار ). ٩١
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (منْ آانتْ
. لهُ أنثى فلْم يئِدْهَا ولمْ يُؤْثِرْ عليها أدخلهُ اللهُ الجنّةَ ) ٩٢
تاسعاً) الإرث : من حقّ الأبناء أن يرثوا آباءَهُم وأمّهَاتِهم وأن توزّعَ الحصصُ بينهم وفقَ
القسمة الشرعية التي بيّنَها القرآنُ الكريم والسنّة المطهرة.
ومعروف أن مسؤولية المرأة زوجةً آانت أم أختاً تقع على الرجل، في حين لا تقع
عليها أية مسؤولية في النفقة.
يقول تعالى: " للرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ والأقْرَبُونَ وَللنّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ
. [ الوَالِدَانِ والأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أوْ آثُرَ نَصِيبَاً مَفْرُوضَاً "[ سورة النساء : الآية ٧
ويقول تعالى: " يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أوْلادِآُمْ لِلذَّآَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فإنْ آُنَّ نِسَاءً فَوْقَ
اثْنَتَينِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ، وإنْ آانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ولأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
السُّدُسُ مِمَّا تركَ إنْ آانَ لَهُ وَلَدٌ، فإنْ لمْ يكُنْ لهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أبَوَاهُ فَلأمّهِ الثُّلُثُ، فإن آانَ
.[ لهُ إخْوَةٌ فلأمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أوْ دَيْنٍ " [ سورة النساء : الآية ١١
______________________________________
88 . حديث متفق عليه
89 . حديث متفق عليه عن النعمان بن بشير.
90 . رواه البزار ورجاله ثقات.
91 . حديث متفق عليه.
92 . رواه أبو داود في سننه.وضعفه الألباني
22
عاشراً) التعليم: من حق الأبناء على آبائهم أن يُعلّمُوهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وأن
يهيئوهم لكسب العيش والمحافظة على أبدانهم والعناية بصحتهم وإرشادهم إلى أنماط
صالحة من السلوك والسعي إلى الحياة الطيبة.
. [ قال تعالى: " قُلْ هَلْ يَسْتَوي الذينَ يَعلَمُونَ والذينَ لا يعْلَمُونَ " [ سورة الزمر : الآية ٩
وقال تعالى: " مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً مِنْ ذَآرٍ أوْ أُنْثَى وَهَوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
.[ وَلَنَجْزِيَنَّهُم أجْرَهُم بأحْسَنِ مَا آانُوا يَعْمَلُونَ " [ سورة النحل : الآية ٩٧
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( طلبُ
العلم فريضَةٌ على آل مسلمٍ ). ٩٣
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اليدُ العليَا خيْرٌ من اليد السفلى وابدأ بمنْ
. تعُولُ ) ٩٤
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يحبُّ العبدَ المحْترِفَ ) ٩٥
ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه آتب إلى الولاة: { أما بعد؛ فعلّمُوا
أولادآم الرماية والسباحة ومُرُوهم أن يَثِبُوا على ظهور الخيل وَثباً }.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المُؤْمِنُ
القويُّ خيْرٌ وأحَبُّ إلى اللهِ منَ المُؤْمنِ الضّعيفِ، وفي آلٍّ خيرٌ ). ٩٦
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله
. عليه وسلم: ( إنَّ لجَسَدِكَ عليْكَ حقَّاً ) ٩٧
ومن أهمّ أنماط السلوك التي يجب أن نرشدهم إليها نذآر:
١) الطهارة: ومعناها اللغوي النظافة وتشمل نظافة البدن والثوب والمكان وما شابه. )
.[ قال تعالى: " إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ ويُحِبُّ المتَطَهِّرينَ " [ سورة البقرة : الآية ٢٢٢
.[ و قال تعالى: " وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " [ سورة المدثر : الآية ٣
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن اللهَ طيّبٌ يحبُ الطّيبَ، نظيفٌ يحبُّ
. النظافَةَ، آريمٌ يحبُّ الكرمَ جوادٌ يحبُّ الجودَ، فَنَظِّفُوا أفْنِيَتَكُمْ ولا تشَبَّهُوا باليهودِ) ٩٨
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( النظافةُ تدعو إلى الإيمان والإيمانُ مع
. صاحبه في الجنة) ٩٩
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقبلُ صلاةٌ بدون طَهُورٍ ) ١٠٠
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مفتاحُ الصّلاة الطَّهور ) ١٠١
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الطّهورُ شَطر الإيمان والحمد لله تملأُ
. الميزانَ ) ١٠٢
______________________________________
( 93 . رواه ابن ماجة . وذآره الألباني في صحيح الترغيب ( ٧٢
94 . رواه البخاري ومسلم وغيره.
( 95 . ذآره الألباني في ضعيف الجامع ( ١٧٠٤
96 . رواه مسلم وابن ماجة وأحمد
97 . رواه البخاري.
98 . رواه الترمذي عن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب.وذآره الألباني في مشكاة المصابيح وقال بأنه غريب وله شاهد مرسل فهو
حديث حسن
( 99 . زواه الطبراني . وقال عنه الألباني ضعيف جداً : بلوغ المرام ( ٧٢
100 . رواه ابن ماجة من حديث أنس بن مالك.
( 101 . رواه ابن ماجة من حديث سعيد بن الخدري.( صحيح ابن ماجة للألباني ٢٢٢
102 . رواه أحمد عن أبي مالك الأشعري ورواه الدارمي ومسلم.
23
٢) نظافة اليد : لما آانت اليد أآثر أعضاء جسم الإنسان عرضةً للمس الأشياء، لذا تعهدها )
الإسلام بالغسل والنظافة في جميع الأحوال.
قال رسول الله لى الله عليه وسلم: ( إذا نام أحدُآمْ وفي يدهِ رِيحُ غَمْرٍ [ أي ريح لحم ]
. فأصَابه شَيءٌ فلا يلومَنَّ إلا نفسَهُ ) ١٠٣
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا استيقظَ أحدُآم من نَوْمه فلْيَغْسِل يدَيه قبل أن
. يدخلها في الإناء ثلاثاً، فإن أحدآم لا يدري أين باتت يده ) ١٠٤
٣) تقليم الأظافر: نظافة مكمّلة لنظافة اليدين، وهي من سنن الفطرة لما تحوي الأظفار من )
أذىً يضر بالجسم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خمْسٌ من الفِطرَة: الختانُ والاستحدادُ وقصّ
. الشارب وتقليم الأظافر ونتفُ الإبِط ) ١٠٥
. وفي الحديث: ( قصّوا أظافرَآُم ) ١٠٦
٤) نظافة العينين: وهي من أدق أعضاء البدن، وقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم )
بنظافتها وحثَّ على ذلك.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اآتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر
- وآانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل بها آل ليلة ثلاثة ). ١٠٧
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اآتحلوا بالإثمدِ
فإنه يجْلو البصرَ ويُنبتُ الشعرَ ). ١٠٨
والإثمد هو الكحل الطبيعي المكوّن من أآسيد الأنتموان.
٥) نظافة الرأس: يجب إرشاد الأطفال إلى أن يتعهدوا رؤوسهم بالنظافة وولاية الشعر )
بقصّه وتنسيقه وأن يكون ذلك بتمشيطه وترجيله.
. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( منْ آانَ له شعرٌ فليُكرمْهُ ) ١٠٩
٦) نظافة الأنف: من محاسن الإسلام إرشاده إلى نظافة الأنف التي جعلها من سنن )
الوضوء، ويكون ذلك باستنشاق الماء واستنثاره مرتين أو ثلاثاً.
٧) نظافة الفم: سنَّ الإسلام المَضْمَضَة عند الوضوء وتنظيف الأسنان في آثير من )
الأحوال باستعمال السواك ، ويجزيء ذلك استعمالُ ما يقوم مقامَه في النظافة آالفرشاة
والمعاجين وما شابه.
______________________________________
( 103 . رواه الدارمي وابن ماجة عن فاطمة رضي الله عنها ورواه الترمذي عن أبي هريرة. وصححه الألباني ( صحيح الجامع ٢٠٤
( 104 . رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة. وصححه الباني في إرواء الغليل ( ٢١
105 . حديث متفق عليه.
( 106 . ذآره الألباني في السلسلة الضعيفة ( ١٤٧٢
107 . قال الألباني في مشكاة المصابيح ( ٤٣٩٨ ) بأنه صحيح بمجموع طرقه.
( ٩١ ) ، وابن حبان في صحيحه ( ٦٠٤٠ / ٢٣١ ) وابن ماجة ( ٣٤٩٧ ) ، والنسائي ( ٣ / 108 . رواه الترمذي ( ١٧٥٧ ) ، وأحمد ( ١
( 109 . رواه أبو داود عن أبي هريرة.وصححه الألباني في صحيح الجامع ( ٦٤٩٣
24
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لولا أن أشُقَّ
. على أمتي، أو على الناس، لأمرتهم بالسّواك مع آل صلاة ) ١١٠
. وقال صلى الله عليه وسلم : ( السواكُ مَطْهَرةٌ للفم مرضاةٌ للربّ ) ١١١
٨) نظافة الثوب: أمر الإسلام بالاعتناء بنظافة الثوب والتجمّل في مواضع الاجتماع، )
آأيام الجمعة والعيدين واللقاءات العامة وما شابه.
. [ قال تعالى: " وَثِيَابَكَ فَطَهِّر " [ سورة المدثر : الآية ٤
. [ وقال تعالى: " خُذُوا زينَتِكُمْ عِنْدَ آُلِّ مَسْجِدٍ " [ سورة الأعراف : الآية ٣١
وقال صلى الله عليه وسلم: ( البسُوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم) ١١٢ . وعن
عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر في يوم
. الجمعة: ( ما على أحدآم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته ) ١١٣
٩) نظافة البيت: حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم على نظافة البيوت لتكون مظهراً من )
مظاهر الإسلام، دين النظافة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن اللهَ طيّبٌ يحبُ الطّيبَ، نظيفٌ يحبُّ النظافَةَ،
. آريمٌ يحبُّ الكرمَ جوادٌ يحبُّ الجودَ، فَنَظِّفُوا أفْنِيَتَكُمْ ) ١١٤
والأفنية جمع فِنَاء .. وهو بَهْوُ البيت وساحته.
١٠ ) الاقتصاد في استعمال الماء: الماء عنصرٌ رئيسي من عناصر الحياة، والله تعالى )
. [ يقول: " وَجَعَلنَا مِنَ المَاءِ آُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ " [ سورة الأنبياء : الآية ٣٠
وأمرالإسلام دائماً أن يَتَجَنَّبَ المرءُ الإسراف في الماء وأن يقتصرعلى حدّ الضرورة.
ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بسعدٍ وهو
يتوضأ فقال له: ( ما هذا السَّرَف يا سعد ؟ )، فقال: أَفِي الوضوءِ سَرَف ؟ قال: ( نعم
. وإن آنت على نهر جارٍ ) ١١٥
١١ ) نظافة الماء والطعام: دعا الإسلام إلى الإنتباه إلى المحافظة على نظافة الماء والطعام )
وتجنيبه القذارة وآل ما يؤذيه حتى ولو آان بالنفخ فيه.
عن أبي قتادة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُتَنَفّسَ في الإناء أو يُنفَخَ
. فيه) ١١٦
١٢ ) النهي عن البول في الماء الراآد: جعل الإسلام من حق المرء على أخيه الإنسان أن )
يتجنب إيذاءَه بعدم قضاء حاجته في الماء الذي يَرِدُهُ.
______________________________________
110 . رواه ابن ماجة وله شاهد عند البخاري ومسلم
111 . رواه ابن ماجة من حديث أبي أمامة وهو حديث صحيح
112 . رواه أبو داود من حديث ابن عباس.وهو حديث صحيح
113 . رواه ابن ماجة ، وله شاهد عند مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد وآذلك عند أبي داود وهو حديث صحيح.
( 114 . رواه الترمذي ( انظر رقم ٩٢
( 115 . رواه أحمد. وقال عنه الألباني بأنه حديث حسن : ( مشكاة المصابيح ٤٠٧
116 . رواه مسلم والترمذي وأبو داود عن ابن عباس وأحمد ، وله روايات متعددة وهو حديث صحيح.
25
عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى أن يُبالَ في
. الماء الرّاآد ) ١١٧
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: ( لا يبُولَنَّ
. أحدُآم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه ) ١١٨
وعن عبد الله بن مغفل أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبولنّ أحدآم
. في مستحمّه ثم يغتسل فيه ) ١١٩
١٣ ) النهي عن البول على الحجر والأرض الصمّاء: وذلك حفاظاً على عدم تلوّث البدن )
والثياب بالنجاسة والقذارة المتطايرة.
عن عبد الله بن برجس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:( نهى أن يبالَ في
الحجر) ١٢٠ – حتى لا يتطاير البول عليه .
وآذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البول في الأرض الصماء للعلة ذاتها.
١٤ ) الملاعن الثلاث: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتبرَّز الإنسان في الموارد )
وقارعة الطريق والظلّ لكي لا يؤذي الناسَ وحفاظاً على حرمة الطريق ونظافة
الماء.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا
. الملاعِنَ الثلاث: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل) ١٢١
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(اتقوا الملاعن الثلاث )، قيل ما الملاعن الثلاث يا رسول الله؟ قال: ( أن يقعد أحدآم
. في ظلٍّ يُسْتَظلّ به أو في طريق أو في نقع ماء) ١٢٢
١٥ ) النهي عن البصاق في المسجد: دعا الإسلام إلى نظافة أماآن العبادة واعتبر عمل )
المسببين لتوسيخها أو تقذيرها خطيئة.
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( البزاق في المسجد
خطيئة وآفارتها دفنها) ١٢٣ . وفي رواية لمسلم ( التفلُ في المسجد) .
قال بعض العلماء المراد بدفنها إخراجها من المسجد وخاصة إذا آان المسجد مبلطاً
ومجصصاً.
١٦ ) نظافة الطريق: أولى الإسلام الطريقَ عنايةً فائقة وجعل من حقوق الناس على المسلم )
أن يتجنب إيذاءهم في طرقهم.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إياآم
والجلوس في الطرقات )، فقالوا ما لنا بدٌّ من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله
______________________________________
٣٤ ) ، وله رواية في الماء الناقع . / 117 . رواه مسلم ( ٢٨١ ) ، ورواه ابن ماجة ( ٣٤٣ )، والنسائي ( ١
118 . رواه البخاري مسلم والترمذي والنسائي.
( 119 . رواه أبو داود عن أبي هريرة ، ورواه ابن ماجة وصححه الألباني ( صحيح أبي داود ٢٢
( 120 . حديث صحيح ( الصحيح المسند ٥٧١
(٨٦/ 121 . رواه أبو داود وابن ماجة. وقال النووي إسناده جيد ( المجموع ٢
( 122 . رواه أحمد وقال الألباني حديث حسن لغيره ( صحيح الترغيب ١٤٧
123 . حديث متفق عليه. ورواه النسائي بلفظ البصاق.
26
صلى الله عليه وسلم: ( إذا أبيتم إلا المجلسَ فأعطوا الطريقَ حقه )، قالوا: وما حقه؟
. قال: ( غضّ البصر، وآفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف) ١٢٤
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصنَ شوك
. فأخذه فشكر الله فغفر له ) ١٢٥
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يصبحُ على آل سُلامَى من ابن آدم صدقة:
تسليمه على من لقيَه صدقة، وأمره بالمعروف صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق
. صدقة وبُضعَتهُ أهله صدقة ) ١٢٦
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آل سلامى
من الناس عليه صدقة آلَّ يوم تطلع فيه الشمس، قال: تعدلُ بين الإثنين صدقة، وتعينُ
الرجلَ في دابته فتحمله عليهَا أو ترفعُ له عليها متاعَه صدقة، قال: والكلمة الطيبة
. صدقة، وآلُّ خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميطُ الأذى عن الطريق صدقة) ١٢٧
[ أماطَ الشيءَ عن الطريق : نحّاه وأزاله، والمراد بالأذى آل ما يؤذي المارّ من قاذورات وقمامة وأحجار وشوك
ونحو ذلك ] .
١٦ . المعاقون والمتخلفون :
لهم حقّ الحياة الكريمة، أجنة آانوا أو مواليد أو بعد ذلك، مع آفالة رعايتهم ومحبتهم
وتنمية ما قد يكون بقي لهم من طاقات وإمكانيات. علماً بأن واجب الرعاية يقع على
المجتمع تشريعاً وتنفيذاً إن عجزت الأسرة عن القيام به.
. [ قال تعالى: " إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أجْرَهُمْ بِغَيْر حِسَابٍ " [ سورة الزمر : الآية ١٠
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اعملوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له ) ١٢٨
١٧ . التبني في الإسلام :
التبني الذي يدرج عليه الغرب والذي عرفته الجاهلية مرفوض في الإسلام لما يلحقه
بالأنساب من آذب وتدليس وإخلال بالأحكام. على أن رعاية الصغير المحروم
وتنشئته وتربيته ميزة آبيرة في الإسلام.
والطفل إذا عُلِمَ أبوه نُسِبَ إليه، وإلا فهو أخٌ في الدين، ويجوز الهبة له والوصية،
وليس له إرثُ الولد، ويجب أن تُتَّخَذَ إزاءه آافة المقتضيات الشرعية في الستر وعدم
الاختلاط في نطاق الأسرة.
. [ قال تعالى: " ومَا جَعَلَ أدْعِيَاءَآُمْ أبْنَاءَآُمْ " [ سورة الأحزاب : الآية ٤
وقال تعالى: " أُدْعُوهُم لآبَائهِم هُوَ أقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فإنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإخْواَنُكُمْ في
.[ الدِّينِ " [ سورة الأحزاب : الآية ٥
______________________________________
124 . رواه مسلم في صحيحه وله رواية عند البخاري وأبي داود
( 125 . حديث صحيح رواه البخاري. ( الجامع الصحيح ٢٤٧٢
( 126 . رواه أبو داود عن أبي ذرّ رضي الله عنه.وصححه الألباني (صحيح أبي داود ٤٣٦٦
127 . رواه مسلم وله رواية عند البخاري
( 128 . رواه البخاري في آتاب التوحيد ورواه مسلم عن علي ، والترمذي وابن ماجة وأحمد.وهو جزء من حديث في الجامع الصحيح ( ٤٩٤٩
27
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
. (مَنِ ادّعى إلى غير أبيه، وهو يعلمُ أنه غيرُ أبيه، فالجنة عليه حرامٌ ) ١٢٩
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(مَنِ ادّعى إلى غير أبيه لمْ يَرَحْ رائحةَ الجنة، وإنّ ريحها ليوجدُ من قدْر سبعينَ عاماً،
. أو مسيرة سبعينَ عاماً ) ١٣٠
١٨ . تعدد الزوجات :
التعدد معروف في اليهودية والنصرانية قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام حدّده عدداً
ووضع له شروطاً. والإسلام يقدّر ضرورة الأفراد وضرورة المجتمعات ويقدر
حاجتهم ومصالحهم جميعاً .... فمن الناس من يكون قوي الرغبة في النسل ولكنه
رزق بزوجة لا تنجب لعقم أو مرض او لغيره، فمن الأآرم لها والأفضل أن يتزوج
عليها من تحققُ له رغبَتَهُ مع بقاء الأولى وضمان حقوقها.
ومن الرجال من يكون قوي الغريزة الجنسية ثائر الشهوة، ولكنه رزق بزوجة قليلة
الرغبة في الرجال أو ذات مرض، أو تطول فترة الحيض، أو نحو ذلك. والرجل لا
يطيق الصبرَ آثيراً عن النساء، فمن المشروع له أن يتزوج بأخرى حليلة بدل أن
يبحث عن خليلة.
والإسلام يرفض النظام الذي يبيح تعدد العشيقات والخليلات بلا قيد ولا حساب، ولا
اعتراف بأي التزام قانوني أو أدبي نحو المرأة أو الذرية التي تأتي ثمرة لهذا التعدد
اللاديني واللاأخلاقي .
وللتعدد شروط في الإسلام من أهمها: العدل بين النساء والقدرة على النفقة وما شابه.
يقول تعالى: " فَانْكِحُوا مَاطَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ " [ سورة النساء:
. [ الآية ٣
. [ ويقول تعالى: " مُحْصِنينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أخْدَانٍ " [ سورة المائدة : الآية ٥
. [ ويقول تعالى: " فَإنْ خِفْتُمْ ألاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة " [ سورة النساء : الآية ٣
ويقول تعالى: " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمِ " [ سورة النساء : الآية
. [ ١٢٩
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنْ آانتْ
. عنده امرأتان، فلم يعدل بينهما، جاء يوم القيامة وشِقُّهُ ساقطٌ ) ١٣١
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( إنّ المقسطينَ عند الله على منابرَ من نورٍ عنْ يمين الرحمن، وآلتا يديه
. يمين، الذين يعدلون في حُكمِهِمْ، وأهليهمْ وما وًلُوا) ١٣٢
______________________________________
. ( 129 . رواه البخاري ( ٦٧٦٦ و ٦٧٦٧ ) ، ومسلم ( ٦٣ ) ، وأبو داود ( ٥١١٣ )، وابن ماجة ( ٢٦١٠
٩٨ ) : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، ورواه ابن ماجة ( ٢٦١١ ) بلفظ / ١٧١ )، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد( ١ / 130 . رواه أحمد ( ٢
آخر.
( ٦٣ ) وابن ماجة ( ١٩٦٩ / ١٨٦ ) وصححه ، وأبو داود ( ٢١٣٢ ) والنسائي ( ٧ / ٣٤٧ ) والترمذي ( ١١٤١ ) والحاآم ( ٢ / 131 . رواه أحمد ( ٢
( ١٦٠/ ٢٢١ )، وأحمد ( ٢ / 132 . رواه مسلم ( ١٨٢٧ ) ، والنسائي ( ٨
28
١٩ . الطلاق:
حلٌّ مشروعٌ أقرّه الإسلام عندما يستحيل التوفيق بين الزوجين بعد محاولة الإصلاح
والتحكيم، وهو أشبه بعملية البتر في الجراحة التي يلجأ إليها عند انعدام البديل.
وقد رهّب الإسلام أن تطلب المرأة الطلاق أو الخلع من زوجها دونما سبب. فعن
ثوبان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيّمَا امرأةٍ سألت زوجها
. طلاقها من غير ما بأسٍ، فحرامٌ عليها رائحةُ الجنة) ١٣٣
ولا ينفذ الطلاق حالاً، فللزوجة أن تبقى في بيت الزوجية مدة العدة، فإن راجعها
خلال العدة رجعا إلى الزوجية. وإذا مات أحدهما أثناء العدّة ورث فيه الآخر.
وللمراجعة بعد الطلاق فرصتان، وعند الثالثة لا تعود إليه حتى تنكح زوجاً غيره.
ويرفض الإسلام فكرة المحلل (الذي يشبّه بالتيس المستعار) وهوالرجل الذي يؤتى به
ليتزوج المطلقة على نية تطليقها لإعادتها إلى زوجها السابق، ونهى الرسول صلى
الله عليه وسلم عن ذلك نهياً قاطعاً.
ويقابل حقّ الطلاق حق الخلع للمرأة، آما أن لها أن تشترط في عقد الزواج أن تكون
العصمة بيدها، أي أن يكون من حقها الطلاق حين تشاء.
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أبْغَضُ الحلال
. إلى اللهِ الطلاقُ ) ١٣٤
وقال تعالى: " فَابْعَثُوا حَكَمَاً منْ أهْلِهِ وَحَكَمَاً منْ أهْلِهَا إنْ يُريدَا إصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ
. [ بيْنَهُمَا " [ سورة النساء : الآية ٣٥
وقال تعالى: " الطّلاقُ مَرَّتَانِ ، فإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أوْ تَسْريحٌ بإحْسَانٍ " [ سورة البقرة :
. [ الآية ٢٢٩
. [ وقال تعالى: " فإنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ حتّى تَنْكِحَ زَوْجَاً غَيْرَه "[ سورة البقرة : الآية ٢٣٠
وعن عُروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن أمرأة رفاعة القرظي
جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن رفاعة طلقني فبتَّ
طلاقي، وإني نكحت عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل الهدبة، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لعلكِ تريدينَ أن ترجعي إلى رفاعة، لا! حتى يذوق
. عُسيْلَتَك وتذوقي عسيْلَتَهُ ) ١٣٥
وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً طلّق امرأته ثلاثاً فتزوجت فطلقَ، فسُئلَ النبي
. صلى الله عليه وسلم أتَحِلُّ للأولِ قال: ( لا ! حتى يذوق عسيلتها آما ذاق الأول ) ١٣٦
وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لعنَ اللهُ المُحَلّلَ
. وَالمُحَلَّلُ له ) ١٣٧
______________________________________
133 . رواه أبو داود ( ٢٢٢٦ ) ، والترمذي ( ١١٨٧ ) ، وابن ماجة ( ٢٠٥٥ ) وابن حبان في صحيحه ( ٤١٧٢ ) والبيهقي في سننه الكبرى
(٢٣٨/ 134 . رواه أبو داود في سننه. وصححه الألباني في التليقات الرضية ( ٢
135 . روا البخاري، وله رواية عند مسلم وابن ماجة والترمذي والنسائي
136 . رواه البخاري وله رواية عند مسلم وأبي داود والنسائي
( 137 . رواه أبو داود. وصححه الألباني في إرواء الغليل ( ١٨٩٧
29
٢٠ . التواصل الأسري :
١) صلة الرحم من أعظم قيم الإسلام التي يؤآد عليها، والبر بالأهل والأقارب من أآبر )
ما يحض عليه الإسلام ، وقد ذُآرَ البرّ في القرآن قريناً لتوحيد الله عزّ وجلّ.
قال تعالى: " وَقضَى رَبُّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيَّاهُ وَ بالوَالِدَيْنِ إحْسَاناً" [ سورة الإسراء : الآية
. [ ٢٣
وسُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أيّ العمل أحبّ إلى الله ؟ قال: ( الصلاة على وقتها )
. قال: ثم أي؟ قال: ( ثم برُّ الوالدين ) ١٣٨
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم:
. أجاهد ! قال: ( لكَ أبوان ؟ ) قال نعم! قال: ( ففيهما فجاهد ) ١٣٩
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: جئتُ أبايعكَ على الهجرة، وترآتُ أبويَّ يبكيان. فقال: ( ارجع
. إليهما، فأضحكهما آما أبكيتهما) ١٤٠
وعن معاوية بن جاهمة، أن جاهمةَ جاءَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا
رسول الله! أردتُ أن أغزُوَ، وقد جئتُ أستشيركَ؟ فقالَ: ( هلْ لكَ من أمّ ؟ ) قال : نعم.
. قال: ( فالزمها، فإن الجنة عند رجليها) ١٤١
٢) ويكون هذا البرّ أشدّ وجوباً إن نالت منهما الشيخوخة والضعف. )
قال تعالى: " إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُمَا أوْ آِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا
وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً آَريمَاً* واخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا آَمَا
. [٢٤- رَبَّيَانِي صَغِيراً " [ سورة الإسراء : الآية ٢٣
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( منْ
. سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ لهُ في رزْقِه وأنْ يُنْسَأ لهُ في أثَرِهِ فلْيَصِلْ رحِمَهُ ) ١٤٢
وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( منْ سرّهُ أنْ يُمَذّ لهُ في عمُره ويُزَادَ في رزقه فلْيَبَرَّ والديه وليصل
. رحمه) ١٤٣
٣) ثم يأتي بعد الوالدين دور أولي القُربَى في البر وصلة الرحم. )
.[ قال تعالى: " وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ " [ سورة الإسراء : الآية ٢٦
وقال تعالى: " وَآتَى المَالَ عَلى حُبِّهِ ذَوي القُرْبَى واليَتَامَى وَالمسَاآِينَ " [ سورة البقرة :
. [ الآية ١٧٧
وقال تعالى:" وَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أرْحَامَكُمْ " [ سورة
. [ محمد صى الله عليه وسلم : الآية ٢٢
______________________________________
( 138 . رواه البخاري في صحيحه. ( الجامع الصحيح ٥٢٧
( 139 . رواه البخاري في صحيحه. ( الجامع الصحيح ٥٩٧٢
. ( 140 . رواه أبوداود ( ٢٥٢٨ ) ، والترمذي ( ١٦٧١
.(٤٢٩/ ١٠٤ ) وصححه ووافقه الذهبي ، ورواه أحمد ( ٣ / ١١ ) ، والحاآم ( ٢ / 141 . رواه ابن ماجة ( ٢٧٨١ ) ، والنسائي ( ٦
142 . رواه البخاري ( الجامع الصحيح ٥٩٨٥ ) وله رواية عند مسلم وأبي داود
٢٦٦ ) ورواه البخاري ( ٥٩٨٦ ) ، ومسلم ( ٢٥٥٧ ) باختصار ذآر البر. / 143 . رواه أحمد ( ٣
30
وفي الحديث القدسي:( قال الله عزّ وجلّ : أنا الرحمن ، وأنا خلقت الرحم، واشتققت
لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بَتَتْه) ١٤٤
وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه
. وسلم قال: ( الرّحم شجنة، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته ) ١٤٥
٤) ويكون البرّ أوجب عند ضعف أولي القربي، سواء بسبب الكِبَر أم الحداثة. )
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس منّا مَنْ لم
يُوَقّر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينهَ عن المنكر ) ١٤٦ . وفي رواية
لأحمد: ( ليس منا من لم يوقر آبيرنا ويرحم صغيرنا ) .
٥) ولا يحول اختلاف دين الوالدين دون البرّ بهما والترفق معهما والتعامل معهما )
بالمعروف.
قال تعالى: " وَإنْ جَاهَدَاكَ عَلى أنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهمَا
. [ وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً " [ سورة لقمان: الآية ١٥
وقال تعالى: " يَا أبَتِ إنّي أخَافُ أنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرّحمَنِ فَتَكُونَ للشّيْطانِ وَليّاً "
. [ [سورة مريم : الآية ٤٥
وقال تعالى : " لا يَنْهاآمُ اللهُ عنِ الذينَ لمْ يُقَاتِلُونَكُمْ في الدّينِ ولمْ يُخْرِجُوآُمْ مِنْ دِيَارِآُمْ
. [ أنْ تَبَرُّوهُم وَ تُقْسِطُوا إليْهِمْ " [ سورة الممتحنة : الآية ٨
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: قَدِمَتْ عليَّ أمّي وهي مشرآةٌ في
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، قلت:
. قَدِمَتْ عليَّ أمّي، وهي راغبةٌ، أَفَأصِلُ أمي؟ قال : ( نعم صِلي أُمَّكِ ) ١٤٧
ومعنى راغبة : أي طامعة فيما عندي تسألني الإحسان إليها.
٦) وقد أولى الإسلام البرَّ بالأم المقام الأعلى وقدمه على البر بالأب بعدة درجات. )
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا
رسول الله: منْ أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمّكَ)، قال: ثمّ من؟ قال: (أمك)،
. قال: ثم من؟ قال: ( أمك ) قال: ثم من؟ قال: ( أبوك ) ١٤٨
وأشار النبي صلى الله عليه وسلم على شاب له والدة عجوز جاء يطلب الإذن بالجهاد
. قائلاً: (الزمْ قدميها فثمة هناك الجنة) ١٤٩
______________________________________
144 . صحيح الأدب ( ٣٨ ) وقال الألباني حديث صحيح
145 . رواه البخاري.
146 . رواه أحمد
.( 147 . رواه البخاري ( ٥٩٧٩ ) ، ومسلم ( ١٠٠٣
148 . رواه البخاري في صحيحه . (ا لجامع الصحيح ٥٩٧١ ) وله رواية مشابهة عند مسلم
149 . روى ابن ماجة نحوه في آتاب الجهاد
31
٢١ . الحقوق المتبادلة بين الزوجين :
١) لكي تقوم الأسرة على رباط متين لا يتصدع ولا يتخرّب فقد وضع الإسلام )
قواعد تحدد الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة على حدٍّ سواء.
ذلك أن العلاقة الزوجية تقوم على أساس أنه حق يقابله واجب، فللزوج على
زوجته حقوق، ولها عليه واجبات. وليست هذه الحقوق والواجبات اختيارية
يمنّ بها الواحد على الآخر، لكن الله تعالى فرضها وألزم الزوجين بها. وبذلك
تقوم الحياة الأسرية على قواعد ثابتة من التقدير والمحبة. ويرى بعض العلماء
أن الرجل هو رأس الأسرة والمرأة قلبها، ولا يقوم الرأس بدون القلب آما لا
يقوم القلب بدون رأس.
قال تعالى: " وَلَهُنَّ مِثْلُ الذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ " [ سورة البقرة : الآية ٢٢٨ ] . وفي
الحديث الشريف: ( آلكم راعِ وآُلّكم مسؤولٌ عن رعيته، والمرأة في بيْتِ
. زوجهَا راعيَةٌ وهيَ مسؤولَةٌ عن رعيتها ) ١٥٠
٢) ويرى الإسلام أن الزوجة الصالحة من أآبر النعم التي ينعم الله بها على عباده. )
في الحديث الشريف: ( خيرُ نسائكم مَنْ إذا نظرَ إليها زوجها سرَّتْهُ، وإذا أمرهَا
. أطاعتْهُ، وإذا غابَ عنهَا حفِظَته في نفسها وماله) ١٥١
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
. عليه وسلم قال: (إنَّ الدّنيَا آلها متاع وخيرُ متاع الدنيا المرأة الصالحة ) ١٥٢
٣) ويجعل العلماء الحقوق الزوجية على ثلاثة صنوف: )
أ) حقوق مشترآة
ب) حقوق للزوج
ج) حقوق للزوجة
أ) أما الحقوق المشترآة: فهي آثار شرعية لعقد الزواج، وهي لازمة له،
وليس لأي من الزوجين التنازل عن شيءٍ من هذه الحقوق.
وهي تشمل :
١- حل الاستمتاع
٢- حرمة المصاهرة (بأصول المرأة وفروعها وأصول الرجل
وفروعه).
٣- التوارث
٤- ثبوت انتساب المولود إليهما
٥- المعاشرة بالمعروف
٦- التعاون على البر والتقوى والتناصح في الخير.
______________________________________
150 . روى البخاري نحوه عن ابن عمر في آتاب الجمعة، وروى مسلم في آتاب الإمارة، والترمذي في آتاب الجهاد وأبو داود وأحمد.
٥١ ) وإسناده صحيح / 151 . ذآره العراقي في تخريج الإحياء ( ٢
( 152 . رواه النسائي وأحمد وصححه الألباني ( صحيح الجامع ٣٤١٣
32
ب ) حقوق الزوج على زوجته :
١) الطاعة : الأسرة جماعة ولا يستقيم أمرها إلا بوجود قائد، وقضى الله )
أن تكون القوامة والريادة للرجل، وليست هذه القوامة تشريفاً للرجل،
بل هي تكاليف وتبعات. ولا يعني ذلك أن الأمر آله بيد الرجل يستبد به
ولا يستشير شريكة حياته، فقد آان الرسول صلى الله عليه وسلم
يستشير زوجاته وآنَّ يراجعنه، وآذلك الصحابة رضي الله عنهم.
قال تعالى: " وَأمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ " [ سورة
. [ الشورى : الآية ٣٨
. [ وقال تعالى: " وعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعِرُوفِ" [ سورة النساء : الآية ١٩
.[ وقال تعالى: " وائْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ " [ سورة الطلاق : الآية ٦
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: ( لا ينظر اللهُ تبارك وتعالى إلى امرأةٍ لا تشكرُ لزوجها
. وهي لا تستغني عنه) ١٥٣
٢) صيانة ماله وعرضه: وهو واجب عليها ولا يحلّ لها أن تتهاون فيه. )
جاء في الحديث الشريف: ( فأمَّا حقُّكُمْ عَلى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطئْنَ فُرُشَكُمْ
. مَنْ تَكْرَهُونَ وَلا يأذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكرَهُونَ ) ١٥٤
. وفي الحديث أيضاً: ( وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله ) ١٥٥
٣) التزيّن له: بالزينة التي تعجبه، فتغنيه بذلك عن الحرام، وعليه آذلك أن )
يتزين لها.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (إنّي لأتزيّنُ لامرأتي آما
. تتزين لي، إن الله جميلٌ يحبُّ الجمالَ ) ١٥٦
٤) القيام على أمر البيت: وهي تتولى شؤونه الداخلية، آما على الرجل أن )
يتولى شؤونه الخارجية.
حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بين فاطمة الزهراء رضي الله عنها
وبين الإمام علي رضي الله عنه حينما اشتكت إليه الخدمة، فحكم على
فاطمة بالخدمة الباطنية – خدمة البيت – وحكم على علي بالخدمة
الخارجية الظاهرة ). ١٥٧
______________________________________
.(٢٩٤/ ١٩٠ ) وصححه ، والبيهقي في السنن ( ٧ / 153 . رواه النسائي ( ٢٤٩ ) في عشرة النساء ورواه الحاآم ( ٢
154 . رواه الترمذي ، وله شاهد عند أبي داود وابن ماجة وأحمد والدارمي ومسلم.
(٥١/ 155 . ذآره العراقي في تخريج الإحياء وقال إسناده صحيح ( ٢
156 . رواه مسلم في صحيحه.
157 . زاد المعاد ج ٤ / ص ٣٢
33
٥) مصاحبته: آلف الله الزوج أن يهيء لزوجته المسكن اللائق بها )
وألزمها أن تقيم فيه معه، والمسكن المطلوب حسب مقدرة الزوج.
قال تعالى: " أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِآُمْ " [ سورة الطلاق : الآية
. [ ٦
ج ) حقوق الزوجة على زوجها:
بعض هذه الحقوق مادي وبعضها معنوي ومن أهمها:
١) المهر: من الواجب أن يقدم لها مهراً يراه بعض الفقهاء رآناً من أرآان )
العقد. وهو عطية للزوجة بلا مقابل، غايته تطييب خاطر الزوجة
وآسب ودّها.
. [ قال تعالى: " وآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً " [ سورة النساء : الآية ٤
والنحلة ما لا عوض عليه .
وقال تعالى: " وَإنْ أرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ
. [ قِنطَاراً فلا تأخُذُوا مِنْهُ شَيْئَاً " [ سورة النساء : الآية ٢٠
٢) النفقة: تجب النفقة على الزوج بمجرد تمام العقد وذهاب الزوجة إلى )
زوجها، ذلك لأنها أصبحت مقصورة على زوجها وتدبير مصالح
المنزل ورعاية الأولاد.
وتشمل النفقة المسكن والمأآل والملبس، وتشمل آذلك الخادم إن آانت
ممن يخدم مثلها، وتقدر النفقة حسب يسار الزوج وإعساره.
يقول الله تعالى: " لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ، ومَنْ قُدِرَ عَليْه رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ
مِمَّا آتَاهُ اللهُ، لا يُكلِّفُ اللهُ نَفْسَاً إلاّ مَا آتَاهَا، سَيجْعَلُ اللهُ بعْدَ عُسْرٍ يُسْراً "
. [ [ سورة الطلاق : الآية ٧
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: ( ولهنّ عليكم
. رزقهُنّ وآسوتهُنّ بالمعروف ) ١٥٨
٣) صيانة الزوجة وإعفافها: عليه أن يصونها من آل ما يخدش أو يحطّ )
من قدرها، أو يعرّض سمعتها للتجريح. ومن واجبه أن يعفّ زوجته
بالوطء ما لم يكن له عذر، وذلك لأن النكاح شُرِعَ لمصلحة الزوجين،
فهو يؤدي إلى دفع ضرر الشهوة عنها آما يؤدي إلى دفع ذلك عنه.
روي أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي
لضربته بالسيف غير مصفح..... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
. ( أتعجَبُونَ من غِيرة سعد ؟ لأَنَا أغْيَرُ منه واللهُ أغيَرُ مني ) ١٥٩
وعن ابي ذرّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( وفي بُضْع أحدآم صدقة) قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته
______________________________________
( 158 . رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله وهو جزء من حديث طويل ( المسند الصحيح ١٢١٨
159 . رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
34
ويكون له فيها أجرٌ؟ فقال: ( أرأيتُمْ لو وضعها في الحرام أآانَ عليه
. فيها وزرٌ ؟ ) قال: ( فكذلك إذا وضعها في حلال يكون له الأجرُ ) ١٦٠
٢٢ . الأمومة المأمونة :
ما فتئ الإسلام يدعو إلى العناية بالمرأة وتوجيه أفضل الرعاية إليها باعتبارها
النواة الأساسية التي تقوم عليها الأسرة.
ولكي تقوم المرأة بتحقيق وظيفتها على أفضل وجه فلا بدّ أن يراعى عدم
تعرضها الدائم للمشقة والاعتلال والتعب الشديد وحالة الكرب التي تصاحب
حالات الحمل والولادة والرضاعة، إضافة إلى أعباء الأم في القيام بخدمة
البيت والزوج ورعاية الأولاد والسهر على تربيتهم.
لقد آان من توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم: (واستوصوا بالنساء
خيراً) ١٦١ .وآان من آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع :
(فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله .... الحديث) ١٦٢
وقال صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إنّي أحَرّجُ حقّ الضعيفين: اليتيم
. والمرأة) ١٦٣
ولقد رأى آثير من العلماء أن في بعض النصوص القرآنية إشارات واضحة
إلى ما يدعو إلى تنظيم الأسرة والسير في طريق الأمومة المأمونة.
ولا تعني الأمومة المأمونة تحديد الإنجاب لأسباب سكانية أو لمجرّد رغبة
الزوجين الإآتفاء بما لديهم من أولاد، إنما تهدف بالدرجة الأولى إلى صحة
الأسرة بمكوناتها من الأم والأولاد ومستندة في ذلك على الشريعة ورأي أهل
الذآر من الأخصائيين الناصحين. ولقد تبين للدارسين:
١) أن معدل المراضة والوفيات لدى الأمهات بسبب الحمل والولادة ينخفض في )
حالة التباعد بين الحملين المتعاقبين.
٢) وأن اللجوء إلى موانع الحمل المشروعة يجنّب الأمهات آثيراً من الأخطار )
المحفوفة بالإجهاض المحرّض الذي تلجأ إليه النسوة عند حدوث حمل غير
مرغوب .
٣) وأن التباعد بين الحملين يهيء للأم فرصة استعادة عافيتها وما فقدته أثناء )
الحمل والرضاعة، فتكون أقدر على تحمّل أعباء الحمل اللاحق.
٤) وأن تباعُد المسافات بين الحملين يقلل من نسبة وفيات الأطفال بما يهيء للأم )
من ظروف أفضل لرعاية الطفل الصغير وبما يحقق للأطفال التنعم بصحة
______________________________________
160 . رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده.
( 161 . رواه البخاري ( الجامع الصحيح ٥١٨٥
162 . رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله
( 163 . رواه ابن ماجة في سننه عن أبي هريرة ورواه أحمد في مسنده.وحسّنه النووي ( رياض الصالحين ١٤٦
35
وحيوية أفضل من الأطفال الذين تلد أمهاتهم أطفالاً بشكل متعاقب دونما
فواصل مقبولة ومعقولة.
ويستنبط فريق من العلماء من بعض نصوص القرآن الكريم أن الحكمة في آون
الرضاع حولين آاملين والحمل والفصال في ثلاثين شهراً هي لكي تستردّ الأم
صحتها وتعوض ما فقدته من عناصر حيوية في الحمل الأول، وليصِحَّ الجنين
ويأخذ حقه من الرضاعة الطبيعية التي تعتبر أساساً في تغذية الطفل التغذية
الصحيحة.
قال تعالى: " وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْه إحْسَاناً حَمَلَتْهُ أمُّهُ آُرْهَاً وَوَضَعَتْهُ آُرْهَاً
. [ وحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهِرَاً" [ سورة الأحقاف : الآية ١٥
وقال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْه حَمَلَتْهُ أمُّهُ وَهْنَاً عَلى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ في
. [ عَامَيْنِ " [ سورة لقمان : الآية ١٤
ولم يقف الإسلام أمام رغبة الزوجين في عدم الإنجاب للاآتفاء بما لديهم من
الأولاد أو لشعورهم بقصور إمكانياتهم عن تقديم الرعاية الكريمة اللازمة لهم.
فلقد أباح الإسلام العزْلَ، أي النزع بعد الإيلاج لينزلَ ماء الرجل خارج الفرج؛
وفي ذلك أدلة آثيرة .
ويرى بعض العلماء أن العزلَ قد يسبب للمرأة ضرراً من تفويت لذتها، وقد لا
توافق على ذلك أو تستحي من ذآره. لذا لم يرَوْا بأساً من استخدام وسائل منع
الحمل الأخرى، على أن يكون ذلك بموافقة الزوجين ورضائهما وبعد استشارة
طبيب ناصح أمين بأن هذه الوسيلة عواقبها سليمة ومأمونة.
آما أفتى بعض العلماء بجواز اللجوء إلى منع الحمل الجراحي على النطاق
الفردي للضرورة التي يقدرها الطبيب المسلم الثقة إذا استنفذت الوسائل
الأخرى .
ونسوق فيما يلي بعض الأدلة على ما ذآرنا:
أ) عن جابر رضي الله عنه قال: ( آنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم والقرآن ينزل )، وفي رواية: ( آنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله
. عليه وسلم فبلغ ذلك نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فلم ينْهَنَا) ١٦٤
ب) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: إن لي وليدة – أي جارية – وأنا أعزل عنها، وأنا أريد ما يريد
الرجل، وإن اليهود زعموا أن المؤودة الصغرى العزل، فقال رسول الله صلى
. الله عليه وسلم: ( آذبت يهود، لو أراد الله أن يخلقه لم تستطع أن تصرفه) ١٦٥
______________________________________
164 . رواه البخاري ومسلم ( المسند الصحيح ١٤٤٠ ) والنسائي والترمذي وصححه والبغوي.
( ١٣١ ) و ( غاية المرام ٢٤٠ / 165 . رواه النسائي وأبو داود والطحاوي والترمذي وأحمد بسند صحيح. ( انظر زاد المعاد : ٥
36
ج) عن جابر أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي
خادمتنا وساقيتنا، وأنا أطوف عليها، وأآره أن تحمل، فقال: ( اعزلْ عنها إنْ
شئتَ فإنه سيأتيها ما قدّر لها)، فلبث الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت،
. فقال: ( قد أخبرتك إنه سيأتيها ما قدر لها) ١٦٦
. د) قال عليه الصلاة والسلام: ( لا يلقى اللهَ أحدٌ بذنب أعظم من جهالة أهله) ١٦٧
ه) وقال صلى الله عليه وسلم: ( آفى بالمرء إثما أن يُضيّعَ مَنْ يعولُ ) .ً ١٦٨
و) وقال صلى الله عليه وسلم: ( منْ اسْتُرْعِيَ رعية فلم يحطها بالنصيحة حرمت
. عليه الجنة ) ١٦٩
ز) وعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيّما راع
. استرعي رعيةً فغشّهَا فهو في النار ) ١٧٠
ح) وقال تعالى: " يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا قُوا أنْفُسَكُمْ وَ أهْلِيكُمْ نَارَاً " [ سورة التحريم :
. [ الآية ٦
٢٣ . الإجهاض :
١) أجمع الفقهاء على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح أي بعد أربعة عشراسبوعاً )
من ابتداء الحمل، واتفق الفقهاء على أن الحاملَ إن آانت مصابةً بما يجعل
استمرار الحمل خطراً على حياتها، ضُحّيَ بالحمل استبقاءً لها لأنها هي
الأصل والجنين هو الفرع، ولا عبرة للأعذار الأخرى التي تخرج عن ذلك.
٢) ويرى بعض علماء المسلمين أن الجنين حيٌّ من بداية الحمل، وأن حياته )
محترمة في آافة أدوارها، خاصة بعد نفخ الروح، وأنه لا يجوز العدوان عليها
بالإسقاط إلا للضرورة الطبية القصوى.
٣) اختلفت الآراء في الإجهاض قبل نفخ الروح: )
أ) فمنهم من حرّمه بإطلاق أو آرهه.
ب) ومنهم من حرّمه بعد أربعين يوماً من الحمل، وأجازه قبل الأربعين،
وهناك قولٌ بتحريم الإجهاض بعد نفخ الروح ( أي بعد ١٢٠ يوماً )
على خلاف في وجوب العذر.
______________________________________
166 . رواه مسلم وأبو داود والبيهقي وأحمد
167 . ذآره صاحب الفردوس من حديث أبي سعد.
168 . لأبي داود والنسائي بلفظ (من يقوت ) ، وهو عند مسلم بلفظ آخر.
169 . رواه أحمد بلفظ ( فلم يحطهم بنصيحة لم يجد ريح الجنة وريحها يوجد من مسيرة مائة عام )
170 . رواه أحمد وله عنده رواية أخرى
37
٢٤ . التحكّم في جنس الجنين:
اتفق الفقهاء على عدم جواز التحكم في جنس الجنين إذا آان ذلك على مستوى الأمة،
أما على المستوى الفردي:
١) فيرى بعض الفقهاء أن محاولة تحقيق رغبة الزوجين المشروعة في أن يكون )
الجنين ذآراً أو أنثى بالوسائل الطبية المتاحة لا مانع منها شرعاً.
٢) بينما يرى البعض الآخر عدم جواز التحكم في جنس الجنين خشية أن يؤدي )
ذلك إلى طغيان جنس على جنس.
٢٥ . بنوك الحليب :
تعمد بعض المؤسسات إلى جمع الحليب الذي تتبرع به ( أوتبيعه ) بعض المرضعات
ثم يعقم ويحفظ ليكون جاهزا لتغذية الأطفال الخدّج المعزولين في حاضنات خاصة.
١) يرى بعض الفقهاء عدم مشروعية ذلك خشية الوقوع في المحرمات الناشئة )
عن الرضاع باعتبار أن أخوّة الرضاع يحرم فيها ما يحرم بالنسب.
٢) ويرى آبار الفقهاء أن الشرع جعل أساس التحريم هو الأمومة المرضعة التي )
يتحقق فيه الالتصاق والحنان والمصّ. أما التغذية بلبن المرضع من خلال
الطعام والإسقاء والشرب والأآل والبلع والحقن والسعوط والتقطير فلا يُسمّى
رضاعاً في عرف الشرع واللغة وإنما الرضاع ما مصّ من الثدي.
٣) يرى هؤلاء الفقهاء أنه ليس هناك ما يمنع من إقامة هذا النوع من( بنوك )
الحليب ) ما دام يحقق مصلحة شرعية معتبرة ويدفع حاجة يجب دفعها.
٤) ويشترط البعض عدم اختلاط الحليب وإجراء القيد في سجلات خاصة لمعرفة )
مصدر الحليب ومَنْ تَغذّى به للاحتياط.
٥) أفتى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته الثانية عشرة المنعقدة في )
مدينة دبلن / أيرلندة بجواز الانتفاع بلبن بنوك الحليب وفقا لما يلي:
٢) الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي /٦) بعد الاطلاع على القرار رقم ٦
الدولي بشأن إنشاء بنوك الحليب في العالم الإسلامي وحرمة الرضاع منها،
استعرض المجلس الدراسات الفنية والشرعية المقدمة من بعض أعضائه حول
بنوك الحليب، ونظراً لتغير الحيثيات التي استند إليها قرار المجمع الفقهي
الدولي وبخاصة ما يتعلق بالمسلمين المقيمين في ديار الغرب، حيث إن هناك
بنوآاً للحليب قائمة منذ زمن وتأخذ بالتزايد والانتشار من قطر إلى آخر،
إضافة إلى تزايد أعداد المسلمين المقيمين في الغرب وعدم توافر المرضعات
المعروفات آما هو الشأن في العالم الإسلامي فإن المجلس يقرر ما يلي:
أولاً : لا مانع شرعاً من الانتفاع من لبن بنوك الحليب عند الحاجة.
38
ثانياً: لا يترتب على هذا الانتفاع التحريم بسبب الرضاعة؛ لعدم معرفة عدد
الرضعات، ولاختلاط الحليب، ولجهالة المرضعات بسبب المنع القانوني
المطبَّق في هذه البنوك من الإفصاح عن أسماء مُعْطِيات الحليب، فضلاً عن
وفرة عدد هؤلاء المعطِيات الذي يتعذر حصره؛ وذلك استئناساً بما قرره
الفقهاء من عدم انتشار الحرمة فيمن يرضع من امرأة مجهولة في قرية، لتعذر
التحديد، ولأن الحليب المقدم من تلك البنوك هو خليط من لبن العديد من
المرضعات المجهولات ولا تعرف النسبة الغالبة فيه، والله أعلم.
٢٦ . التلقيح الاصطناعي:
١) اتفق الفقهاء المسلمون على أن حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل وحاجة )
زوجها إلى الولد تعتبر غرضاً مشروعاً يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من
طرق التلقيح الاصطناعي والتي يمكن حصرها في الأسلوبين التاليين من
الأساليب المختلفة المعروفة:
الأسلوب الأول:
ويتم بأخذ النطفة الذآرية من رجل متزوج ثم تحقن في رحم زوجته نفسها
بطريقة التلقيح الداخلي .
الأسلوب الثاني:
ويتم بأخذ النطفة الذآرية من رجل متزوج وأخذ البييضة من مبيض زوجته
نفسها ويجري تلقيحها في أنبوب اختبار بالطرق الفنية المعروفة، ثم يعاد زرع
اللقيحة في رحم الزوجة نفسها حسب الأساليب الفنية.
٢) اتباع الأساليب الأخرى التي تختلط فيها النطف الذآرية أو البييضات الأنثوية )
أو الأرحام لرجل وامرأة غير متزوجين من بعضهما شرعاً يعتبر اسلوباً غير
جائز ويحرم استعماله.
٢٧ . الاستنساخ والهندسة الوراثية:
يرى آثير من الفقهاء التريّث في إعطاء الأحكام النهائية حول الاستنساخ البشري
والهندسة الوراثية البشرية حتى تتضح نتائج الأبحاث بشكل أفضل، ولكنهم جميعا
متفقون على عدم جواز إجراء التطبيقات المختلفة لهذين الفنين الخطيرين إلا في إطار
الزوجية الشرعية المستديمة، وعدم استعمالها في الأغراض الشريرة والعدوانية
39
وتبديل البنية الجينية للسلالة البشرية، وآل محاولة للعبث الجيني بشخصية الإنسان أو
التدخل في أهليته للمسؤولية الفردية يعتبر محظوراً شرعياً. ١٧١
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
______________________________________
171 . راجع قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بشأن الاستنساخ.
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire