lundi 25 juin 2012

نملة أيقظت أمة "احتساب نملة"



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فقد قص الله - تعالى -علينا في كتابه الكريم قصصا كثيرة؛ لأخذ الدروس والحكم، والعظات والعبر، قال - تعالى -: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[يوسف(111)].

ومن هذه القصص قصة نبي الله سليمان -عليه السلام- مع النمل؛ فقد دعا سليمان -عليه السلام- ربه أن يغفر له ذنبه، وأن يهب له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)[ص(35)]. فاستجاب ربه دعوته، ووهب له ما طلبه، فأعطاه ملكا عظيما لم يعطه لأحد بعده، قال - تعالى -: (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ)[ص(36)(37)(38)]، وقال: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ)[سبأ(12)(13)]، وقال: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) [النمل(16)(17)].

فقد أورث الله نبيه سليمان -عليه السلام- العلم والنبوة من أبيه داود، وأعطاه ملكا لم يعطه لأحد من بعده؛ قال ابن سعدي -رحمه الله- في قوله: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ) "أي ورث علمه ونبوته، فانضم علم أبيه إلى علمه، فلعله تعلم من أبيه ما عنده من العلم مع ما كان عليه من العلم وقت أبيه...وقال شكرا لله، وتبجحا بإحسانه وتحدثا بنعمته: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) فكان - عليه الصلاة والسلام - يفقه ما تقول وتتكلم به كما راجع الهدهد وراجعه، وكما فهم قول النملة للنمل كما يأتي وهذا لم يكن لأحد غير سليمان - عليه الصلاة والسلام -.

(وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أي أعطانا الله من النعم ومن أسباب الملك ومن السلطنة والقهر ما لم يؤته أحدا من الآدميين، ولهذا دعا ربه فقال: (وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي) فسخر الله له الشياطين يعملون له كل ما شاء من الأعمال التي يعجز عنها غيرهم، وسخر له الريح غدوها شهر ورواحها شهر.

(إِنَّ هَذَا) الذي أعطانا الله وفضلنا واختصنا به (لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) الواضح الجلي فاعترف أكمل اعتراف بنعمة الله - تعالى -.

(وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي جمع له جنوده الكثيرة الهائلة المتنوعة من بني آدم، ومن الجن والشياطين ومن الطيور فهم يوزعون يدبرون ويرد أولهم على آخرهم، وينظمون غاية التنظيم في سيرهم ونزولهم وحلهم وترحالهم قد استعد لذلك وأعد له عدته.

وكل هذه الجنود مؤتمرة بأمره لا تقدر على عصيانه ولا تتمرد عنه؛ قال - تعالى -: (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) أي أعط بغير حساب، فسار بهذه الجنود الضخمة في بعض أسفاره"[1]..

وعلَّمه الله منطق الطير وسائر الحيوانات، فكانت تخاطبه ويفهم ما تكلم به، ولهذا خاطب الهدهد وراجعه تلك المراجعة، وسمع النملة إذ نادت في قومها: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل(18)(19)].

فهذه النملة نصحت، وحذرت، وأمرت بما يقي من الخطر، واعتذرت لسليمان - عليه السلام -، قال ابن سعدي - رحمه الله -: "وأسمعت النمل، إما بنفسها، ويكون الله قد أعطى النمل أسماعا خارقة للعادة؛ لأن التنبيه للنمل الذي قد ملأ الوادي بصوت نملة واحدة من أعجب العجائب.

وإما بأنها أخبرت من حولها من النمل، ثم سرى الخبر من بعضهن لبعض حتى بلغ الجميع، وأمرتهن بالحذر، والطريق في ذلك، وهو دخول مساكنهن.

وعرفت حالة سليمان وجنوده، وعظمة سلطانه، واعتذرت عنهم، أنهم إن حطموكم فليس عن قصد منهم ولا شعور، فسمع سليمان - عليه الصلاة والسلام - قولها وفهمه: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا) إعجابا منه بفصاحتها ونصحها، وحسن تعبيرها... وقال شاكرا لله الذي أوصله إلى هذه الحال: (رَبِّ أَوْزِعْنِي) أي ألهمني ووفقني: (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ) فإن النعمة على الوالدين نعمة على الولد.

فسأل ربه التوفيق للقيام بشكر نعمته الدينية والدنيوية عليه وعلى والديه: (وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ) أي ووفقني أن أعمل صالحا ترضاه لكونه موافقا لأمرك مخلصا فيه سالما من المفسدات والمنقصات: (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ) التي منها الجنة (فِي) جملة (عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) فإن الرحمة مجعولة للصالحين على اختلاف درجاتهم ومنازلهم"[2].

فهذه قصة سليمان - عليه السلام - مع هذه النملة باختصار، وفيها دروس عديدة، وعظات بليغة، ومن هذه الدروس والعبر ما يأتي:

أولا: بلاغة المحتسب، وفصاحته، وذلك بأن يختار المحتسب الألفاظ الجامعة المعبرة عما يريده بشكل واضح ومباشر، فهذه النملة أوجزت في نصيحتها لأخواتها، واختارت اللفظ المفيد الجامع لما تريده؛ فاستخدمت عبارات قليلة، ذات معان كثيرة؛ قال ابن القيم - رحمه الله -: "فتكلمت بِعشْرَة أنواع من الْخطاب فِي هَذِه النَّصِيحَة: النداء والتنبيه وَالتَّسْمِيَة والأمر وَالنَّص والتحذير والتخصيص والتفهيم والتعميم والاعتذار، فاشتملت نصيحتها مَعَ الِاخْتِصَار على هَذِه الأنواع الْعشْرَة، وَلذَلِك أعْجَبْ سلميان قَوْلهَا وَتَبَسم ضَاحِكا مِنْهُ، وسال الله أن يوزعه شكر نعْمَته عَلَيْهِ، لما سمع كَلَامهَا"[3].

وقال بعض العلماء: "هذه الآية من عجائب القرآن؛ لأنها بلفظة (يا) نادت (أيها) نبّهت (النّمل) عيّنت (ادخلوا) (مساكنَكم) نصَّت (لا يحطمنَّكم) حذَّرت (سليمانُ) خصَّت (وجنوده) عمَّت (وهم لا يشعُرون) عذرت"[4].

وقال السيوطي - رحمه الله -: "فأدت خمسة حقوق: حق الله، وحق رسوله، وحقها، وحق رعيتها، وحق جنود سليمان"[5].

ولعله يقصد بهذه الخمسة الحقوق ما جاء في حديث تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الدين النصيحة) قلنا: لمن قال: (لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)[6].

ثانيا: المبادرة الذاتية في الاحتساب؛ فهذه النملة لم تنتظر أن يأتي أحد من بني جنسها، أو ممن يحرس وادي النمل ذاك، ويخبر النمل بأنه سيأتي جيش يحطمها ويبيدها، بل كان عندها روح المبادرة الذاتية؛ فقد سارعت في إنقاذ بني جنسها، وإبعادهم عن مواطن الهلاك والعطب، فصرخت فيهم قائلة: (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ).

ثالثا: سمو رجال الحسبة، وعلو قدرهم؛ فهذه النملة أعلى الله شأنها، ورفع قدرها، وذكرها في كتابه الكريم، بل وفي القرآن سورة كاملة سميت باسمها، تنويها بفضلها، وتكريما لفعلها.

رابعا: أن رجال الحسبة هم من يقظون هذه الأمة من غفلتها، ويعلمون جاهلها، ويذكرون غافلها، ويحذرونها من مكر أعداءها، ويفشلون مخططاتهم الجهنمية التي يكيدونا بها لهذه الأمة..

خامسا: مشروعية الحسبة الفعلية؛ فهذه النملة لم تكتف بإنذار أخواتها بالقول فقط؛ بل وضعت خطة لأخواتها، فقالت: (ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) وهكذا الحسبة تكون بالفعل، وذلك بالتوجه إلى كافة الميادين الاحتسابية؛ كالمدارس والجامعات، والمستوصفات والمستشفيات، والمنتديات، والأسواق العامة والخاصة، وأما أشبه ذلك.

سادسا: أن ولاء رجال الحسبة لأمتهم أعظم الولاءات؛ فولاؤهم لها يدفعهم إلى حب الخير لها، وإيصاله إليها، ويجعلهم يكرهون أن يصيبها شرا، أو ينالها أذى، ولذلك فإنه يسعون في حثها على كل خير، وفي تحذيرها من كل شر، كما فعلت هذه النملة؛ فإن ولاءها لأخواتها كان عظيما؛ لأنها تحب لهم ما تحب لنفسها، وتكره لهم ما تكره لنفسها، ولذلك لما خافت عليهم من أن ينالهم أذى أنذرتهم جميعا، ولم تقل: "دعهم يهلكوا وهذا جزاؤهم؛ لأنهم لم يهتموا بحراسة أنفسهم" كما هو يتفوه بذلك اللئام!.

سابعا: أن رجال الحسبة أبعد الناس عن أمراض القلوب وأدوائها، فقلوبهم خالية من الأنانية، وحب الذات؛ فهذه النملة حينما أنذرت أخواتها لم تكن أنانية، أو تحب ذاتها فحسب، بل كانت تحب لغيرها من الخير ما تحب لنفسها، وتكره لهم من الشر ما تكره لنفسها، ولذلك أنذرت بني جنسها؛ لأنها تحب لهم النجاة، وتكره لهم الهلاك.

ثامنا: أن الحسبة صمام أمان لهذه الأمة، فلولا الحسبة لهلك العباد، وخربت البلاد، وشاع الفساد، فبالحسبة يحفظ الدين، وتعصم النفوس، وتصان الأعراض، وتحفظ الأموال، فلو اندثر هذا الأمر؛ لعمت الضلالة، وفشت الجهالة، وأهدرت الأنفس، وهتكت الأعراض، وأهدرت الأموال، وضاعت الحقوق، فهي صمام آمان للمجتمعات من الضياع والهلاك؛ فعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها؛ كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا)[7].

فرجال الحسبة قادة عظام يقودون هذه الأمة إلى بر الأمان، ويعملون على نجاتها؛ كما فعلت هذه النملة مع بني جنسها، فقد قامت بإنذارهم من الهلاك والدمار الذي كان سيحل بهم من قبل سليمان - عليه السلام - وجنوده.

تاسعا: ينبغي للمحتسب أن يكون ذو همة عالية؛ فهذه النملة الصغيرة في حجمها لديها همة عالية؛ فقد قامت بعمل نبيل بإنذارها أخواتها..

عاشرا: فطنة المحتسب، وفقه لواقعه؛ فهذه النملة فهمت واقعها، وفطنت لما قد يحل ببني جنسها، فصاحت فيهم قائلة: (ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) فخذ من النملة فطنتها، وفقهها للواقع، ولا تكن النملة أكثر منك فطنة، وأفقه منك..

الحادي عشر: أن من حق رجال الحسبة علينا أن نعرف لهم قدرهم، ومكانتهم؛ فهذه النملة لما دلت أخواتها على النجاة من الهلاك المحدق بها؛ نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح)[8].

وكذلك نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سب الديك؛ لأنه يحتسب على النائمين عن الصلاة، ويوقظهم لها؛ فعن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تَسُبُّوا الدّيكَ، فإنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلاةِ)[9].

قال ابن عثيمين - رحمه الله -: "فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سبه لهذه المزية التي تميز بها، كما نهي عن قتل النملة؛ لأنها كانت دلت أخواتها على النجاة من سليمان -عليه الصلاة السلام-"[10].

فإذا كان النهي عن قتل النملة؛ لأنها دلت أخواتها على النجاة من سليمان وجنوده، وكذلك النهي عن سب الديك؛ لأنه يوقظ للصلاة؛ فالذين يوقظون الأمة من غفلتها، ويحثونها على الفضائل، ويحذرونها من الرذائل، ويقبضون على أيدي العابثين، ويوفقون المجرمين عند حدهم؛ فحقهم أعظم، والوقيعة فيهم وسبهم أشد إثما، وأعظم تحريما.

الثاني عشر: التأدب مع رجال الحسبة وأهل الفضل؛ فهذه النملة تأدبت مع سليمان - عليه السلام - تأدبا بليغا؛ لأنها تعلم أنه نبي رحيم، لا يحب الشر للخلق، أو يضمره لهم، ولذلك لما أنذرت أخواتها من تحطيم جنوده لهن اعتذرت عن ذلك، فقالت: (وهم لا يشعرون) أي إن حصل منهم التحطيم فإن ذلك ليس عن تعمد وتقصد، بل عن خطاء: (وهم لا يشعرون) أي وهم لا يرون أن تحت أقدمهم واديا من النمل، فهم مخطئون، والمخطأ معذور، وهكذا رجال الحسبة في كل زمان ومكان إن أخطاء بعضهم، فإن ذلك ليس عن تعمد وتقصد؛ بل عن طريق الخطأ، والمخطئ معذور في شريعة رب العالمين: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) [البقرة(286)] فإذا أخطأ رجل الحسبة خطاء عارضا، فمن حقه علينا أن نعذره، ولا يمنع من أن نناصحه، ولكن مع مراعاتنا لآداب النصيحة، بعيدا عن التشفي والتشهير، بل يجب علينا أن نتأدب بهذا الأدب مع كل من أخطأ في حقنا، وهو لا يقصد شعر بذلك الخطأ أم لم يشعر به..

والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

______________

[1] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص(602).

[2] انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص(602).

[3] مفتاح دار السعادة (1/243).

[4] زاد المسير في علم التفسير(3/356) لابن الجوزي.

[5] معترك الأقران في إعجاز القرآن(1/226).

[6] رواه مسلم(55).

[7] رواه البخاري(2493).

[8] رواه البخاري (3019) وسلم(2241).

[9] رواه أبو داود(5101)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(2797).

[10] شرح رياض الصالحين(6/472).

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Delicious Facebook Digg Favorites More