jeudi 21 juin 2012

3مستقبل الإسلام ودعوته في كوت ديفوار في ظل رئاسة وتارا



الحلقة الثالثة :
بدأت كلمتنا تؤتي أوائل ثمارها من خلال تفاعل الإخوة وتجاوبهم بين مستدرك ومقوم ومؤيد ومعارض وهذه كلّها مقصودة من نشر هذا الموضوع على صفحات الملتقيات تنسمًا لمواقف القراء .
ولنبدأ بالتساؤل الثاني: وهو هل كان دخول المسلمين مع حكومة (OUATTARA) على أساس برامج مشتركة واضحة ، أم أنّهم ظلوا يراقبون الأحداث حتى إذا ما فاز (OUATTARA) تسابقوا إليه ؟.
لقد تباينت مواقف زعماء المسلمين من (ouattara) أيام الحرب التي أطاحت بمنافسه (loran gbagbo) فمنهم من خاطر بحياته وغامر فأشهر انضمامه إليه وهو في أسره في الفندق ، وعلى رأس هؤلاء شيخ الأئمة (ABOUBAKAR FOFANA) ورئيس المجلس الأعلى ، ومنهم من صرّح قولاً وفعلاً بمعارضته لوتارا : مثل رئيس (مجلس الوطني للأئمة ) الشيخ (IDRISS KOUDOUS) وكان بين هؤلاء وأولئك آخرون كانوا مع التيار العام المؤيّد لوتار دون أن يعرف لهم مواقف صريحة للتأييد ، وبتعبير آخر عملوا بالاحتياط والوسطية تحسبًا لما قد يترتب صريح التأييد أو عدمه : من أبرز هؤلاء رئيس أهل السنة والجماعة في ساحل العاج الشيخ الدكتور(MOUSSA FADIGA) .
وممّا هو مؤكّد بداهة أنّه قد صار لتلك المواقف المتباينة نتائجها المثمرة من ناحية، ومسئولياتها ، وتبعاتها من نواح أخرى ، حيث تمكن رئيس المجلس الأعلى للأئمة –بسبب موقفه ذلك - من تحقيق حلم المجلس المنصوص عليه دستوريًا من أنّ المجلس الأعلى هو الذي يمثّل الإسلام والمسلمين في ساحل العاج داخليًا وخارجيًا .
إذ أصدر وتارا قراره –حسب بعض المصادر المطلعة- إلى سفارات الدول العربية ومنها السعودية بأنّ التعاملات الإسلامية الرسمية تمر كلّها عن طريق المجلس الأعلى للأئمة .
وهنا تجدر الإشارة إلى حقيقة الامتحان الذي ينتظر الجمعيات كلٌّ حسب ما انتهى إليه حالها بعد استلام وتارا لمقاليد الحكم .
وقبل ذلك أعترف بأنّ نقد الجمعيات ليس أمرًا مقبولاً لدى كثير من القراء ، ولربّما ترجم بعضهم ذلك على أنّه تنفيس وترويح عن النفس فيما نجد على بعضها ، على هؤلاء أن يدركوا أنّ ما نكتبه اليوم هو منار الطريق للجيل القادم ، فبقدر ما نصدق في الكتابة نصنع جيلاً واعيًا يقظًا ، فالقراءة الواعية لا بدّ تطال النقد شريطة أن يكون بناءً ، وقد يقال إنّ الوقت سابق على أوان النقد الآن لكن طالما نعرف أنّ المقدمات كشاف الموضوعات فلا ينبغي التهاون بشيء وخاصة وأنّه الماضي ربّما كان خير دليل .
أوّلاً : المجلس الأعلى للأئمة : يتساءل الناقد البصير عن نسبة تأثير صراع البيني الذي قام بين أبي بكر فوفانا شيخ الأئمة حاليًا وأتباعه من ناحية ، وبين إدريس كودوس رئيس المجلس الوطني وأتباعه من ناحية أخرى ، أي ألا يكون هذا الصراع والذي كان من أجل تقليد منصب رئاسة المؤسسات الوطنية ، هو غاية الغايات صناديد الجمعيات ؟!!.
كما يتساءل العاقل عن حقيقة تصور هذا المجلس لما يعتبر نجاح الإسلام في أبجدياته (هل هو المولد النبوي العملاق) بمحاولة مشاركة رئيس الدولة في فعالياته ، أم هو (ليلة القدر العملاق) بإقامتها في صورة غير مسبوقة !!.
فإنّ تلك الأعمال مع اختلاف المسلمين في حكمها إلاّ أنّ إقامتها بهذه الصور لها خطورة على العمل الإسلامي الجماعي ، وذلك لأنّ قراءة الساسة لها تقوم على تقدير نفوذ القيادات الإسلامية وكثرة أتباعهم ومن ثمّ إرضائهم لكسب أتباعهم ، دون أن يكون في ذلك مصلحة عامّة للمسلمين ، وبتعبير آخر هذه الأعمال بأشكالها الرسمية فيها لعبة استعراضية من زعماء المسلمين يعرف ذلك كلّ من تابعها في مختلف الدول الإفريقية عن كثب ، وهي لا تفيد في حدّ ذاتها ترجمة صحيحة لتقدّم الإسلام ووعي أهله .
وممّا هو محل اهتمام في نشاط هذا المجلس كذلك تضلع القائمين عليه في العلاقات الإسلامية المسيحية في الدولة ، ومعلوم أنّ هذا أمر ضروري لتحقيق التعايش السلمي ، إلاّ أنّ الذي يخشى مع ذلك هو غلبة ذلك على نشاطهم وبالتالي نشاط المؤسسات التي يمثلونها ، إذ لنا تجربة من عهد هوفيت بواغني ، حيث كان يولي لهذا الأمر اهتمامًا خاصًا ، ويشغل به كثيرًا من كبار الدعاة .
ويبقى المهتمون في تساؤلات دائمة عن البرنامج الإسلامي العام الذي سيعمل هذا المجلس على إنجازه خلال فترة رئاسة وتارا ممّا كان متعذرًا أو شبه مستحيل قبل ذلك فهل هو كسب اعتراف الحكومة بالمدارس الإسلامية؟ وهل هو تسلّم تنظيم الحج ؟ وهل هو السعي للاعتراف الرسمي بشهادة دارسي العربية ، وماذا عن التنظيم الدقيق للإسلام وتنظيم الخطب ؟!!!!.
المهم تبقى التساؤلات مفتوحة ، أمّا أن يعتبر شرف الإسلام في تكرر ظهور رموزه في المناسبات وجهود الإصلاح دون برامج واعدة للأمّة فلا شكّ أنّ ذلك ليس مسلكًا صحيحًا.
ثانيًا : جمعية أهل السنة : أمّا جمعيات أهل السنة فالظاهر العام أنّها لم تحسن الحفاظ على مكانتها من الحيادية التامّة بعد تولي وتارا لمهام الدولة ، حيث صدر من بعض رموزها الكبرى تصرفات كان يمكن تفاديها بكلّ سهولة : مثل رفض رئيس أهل السنة مصافحة السيدة الأولى للدولة ، خلال بعض حفلات تنصيب الرئيس ، فمع أنّ ما فعله رئيس أهل السنة هو الصواب دينًا بلا مراء لكن كانت الحكمة ولمصلحة العمل الجماعي الذي يترأسه تقتضي ألاّ يتواجد في ذلك المكان ليقوم بهذا الفعل الحساس الذي قد يسيء إلى أتباعه .
وأيضًا التصريح الآخر الذي أدلى به رئيس أهل السنة وتلقفتها جريدة (la voie) العاجية المعارضة فجعلت منها حصان طراودة لنفسها في المضايقات : حيث طلب رئيس أهل السنة في كلمة له أن يكون الرئيس وتارا وسطًا بين المسلمين والا يظهر انتماء خاصًا لفئة دون أخرى . فهذا التصريح وأمثاله لا حاجة له مع توفر سبل كثيرة لتحقيق المقاصد العليا للأمة .
فالخلاصة : أنّ الجمعيات لم تُعِدّ عدتها بالشكل المسئول والمطلوب لاستقبال هذا الرئيس المسلم ليحققوا في ظلّ حكمه نجاحات كانت قد غدت صعبة مستعصية تحت حكم من قبله بل إنّ الجمعيات انشتغلت بمجريات الأمور الخاصة بتربع وتارا فقط على أنّ تلك هي أهم ما هنالك من قضية مصيرية وأنّ تحقيق نجاح وتارا في حدّ ذاته هو المقصود والباقي يأتي مع الأيام وتلك النظرة قاصرة يأباه التفحص الجيد لسنة الله الكونية والشرعية .
لكن مع هذا النقد هنا وهناك يبقى أنّ الجمعيات الإسلامية بأنواعها على خير وتقوم بأعمال جبارة منظمة تنظيمًا دقيقًا وتمتاز جمعية أهل السنة في هذا الباب بقوة نشاطها في جميع مناطق الدولة على سواء ، أمّا المجلس الأعلى للأئمة والجمعيات الفرعية التابعة لها مثل رابطة دعاة ساحل العاج وغيرها فإنّ نشاطها تتمركز في أبيدجان العاصمة وتضعف في الخارج ، وهذا من جوانب ضعف تلك الجمعية بلا شكّ .
إلى حلقة أخرى من هذه السلسلة المباركة بإذن الله ، وحتى ذلك الحين نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
وإلى الأمام بساحل العاج مع الإسلام .

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Delicious Facebook Digg Favorites More