vendredi 22 juin 2012

قطع يد السارق



جاء في القرآن: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة 38] ونحن نسأل: إذا كان القرآن وضع شريعة قطع يد السارق خلافًا لكل الشرائع السماوية والوضعية، ألا يُسِيء هذا إلى الإنسانية، ويجعل أصحاب الأيدي المقطوعة -حتى بعد توبتهم- عالة على المجتمع، يعيشون فيه بمرارة، ناقمين عليه؟ حيث إن قطع يد السارق يحرمه من العمل، وكسب رزقه بعرق جبينه.

وجاء في كتاب الملل والنحل للشهرستاني أن قطع يد السارق عقوبة كانت عند العرب، فلماذا شرَّع نبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم- عوائد الوثنيين الذميمة في دينه؟

الرد عليها:

قسم الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية:

حدُّ السرقة ليس مخالفا للشرائع السماوية، فالسائل هنا في غياب عن الكتاب المقدس، فقد وردت عقوبات كثيرة في الكتاب المقدس منها: قطع اليد، ومنها القتل، ومن هذه النصوص:

ومَنْ سرق إنسانًا وباعه، أو وُجِدَ في يده يقتل قتلا" (خروج 21: 16). "

"فتحفظون السبت؛ لأنه مقدس لكم. مَنْ دنَّسه يقتل قتلا. إن كل من صنع فيه عملا تقطع تلك النفس من بين شعبها، أي: إن من يعمل أي عمل يوم السبت يقتل قتلا". (خروج 13 : 14).

"إذا تخاصم رجلان، رجل وأخوه، وتقدمت امرأة إحداهما لتخلص رجُلَها من يد ضاربه، ومدت يدها وأمسكت بعورته، فاقطع يدها ولا تشفق عينك" (التثنية11: 25).

"فإن أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها، وألقها عنك، خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى في النار الأبدية ولك يدان أو رجلان، وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك، خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان" (متى 18: 8، 9).

"لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أمهاتهم، ويوجد خصيان خصاهم الناس، ويوجد خصيان خصوا أنفسهم؛ لأجل ملكوت السماوات، من استطاع أن يقبل فليقبل" (متى 19: 12).

وبهذه النصوص يتبيَّن لك أن العقوبات ومنها القطع تشريع سائغ، وأنه ليس فقط على السرقة بل على أي معصية فعلها الإنسان بعضو من جسده، كمن سرق بيده، فجزاء هذه المعصية قطع هذه اليد، بل وزيادة على ذلك أن العضو الذي يعطل العبد عن الوصول إلى طاعة الله عز وجل فإن الخير له أن يتخلى عنه.

واستتباب الأمن في المجتمع هو من أَجَلِّ النِّعم، فما أعظم أن يتحرك الإنسان كيف يشاء دون قلق على دمه أو ماله أو عِرْضِه! ولكي يشيع الأمان، ويطمئن كل إنسان، شرع الله شرائع كثيرة، من أهمها حد السرقة.

وليس في هذا إهدار لكرامة الإنسان كما فهم السائل، ولكنه تعظيم للإنسان، وحفاظ على كرامته وممتلكاته، وفي نفس الوقت عقاب للمذنب جزاء فعله، فالسارق إذا قطعت يده، فقطعها شر بالنسبة إليه، وخير محض بالنسبة إلى عموم الناس؛ لما فيه من حفظ أموالهم ودفع الضرر عنهم. وحفظ المال أحد مقاصد الدين الخمس.

حد السرقة في الإسلام:

والإسلام ليس كما فهم السائل متشوفًا إلى القطع حريصًا على الإيذاء، فالحدود في الإسلام إنما شرعت للردع والزجر، فالإسلام لا يهدف إلى تشويه أجسام متبعيه، ومن ثَمَّ فهناك شروط لا بد من تحققها قبل الحكم بالقطع، ومن هذه الشروط: أن يكون السارق بالغًا، عاقلاً، مختارًا، وأن يكون المسروق مقدارًا معينًا من المال، وقد أُخِذ من حِرْز - وهو المكان الحصين الذي يحفظ فيه الشيء-، وألاَّ تكون هناك شبهة ملك للسارق، وشروط أخري كثيرة يجب أن تتوفر حتى يحكم بالحد على السارق (1)، وبهذه الشروط الشديدة كأن الإسلام يقول بأن القطع لا يكون إلا لمن جاهر بهذه الفعلة الشنيعة، وتعوَّد عليها، فبقاؤه على هذا الحال مهدد للمجتمع.

أما ما ذكر السائل من أن قطع اليد كانت عقوبة عند العرب، فليست عادات العرب كلها مذمومة كما يظن السائل، بل من عادات العرب ما هو ممدوح أقرَّه الإسلام، ولذلك ذكر الشهرستاني باب عن العادات التي أقرها الإسلام، ولم ينكرها على العرب.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Delicious Facebook Digg Favorites More