jeudi 28 juin 2012

الخيار الصعب : (التصحيح من الداخل


هل نتحمّل التبعات ؟؟
نعلم جميعًا أنّ الله يبعث الرسل من أشراف قومهم دائمًا ، لكن ما لا يعرفه كثيرون هو لماذا؟.
فإن قلت : لأنّه إذا قَبِل الأشراف دعوتهم كان هذا أدعى لقبول عامّة النّاس فهذا له مأخذ قوي من سيرة الرسل ومن أدلة الوحيين ! ، وإن قلت : إنّما ذلك لكي يعرف الناس أنّ الرّسل لا يريدون بدعوتهم جاهًا ،ممّا يكن لهم بالولادة فهذا أيضًا مصداقه في قصة هرقل ! ، وإن قلت : لأنّ الأشراف هم الحضر ورسالة الرسل غاية الحضارة فلا تليق البدو ، فهذا أيضًا غير بعيد! .
لكن تعالوا معنا نتأمّل في سرّ الأسرار من ذلك الأمر : إنّ الرّسل يكونون من قوم توفرت لهم جميع سبل تحقيق المناقب والغايات الاجتماعية بحكم مركزهم البرجي الشريف من مجتمعاتهم بجميع المعطيات، لا يمنعهم من تحقيق ذلك بالطرق المألوفة أيّ مانع ..
وبالمثال : فقد كان مركز النبيّ صلى الله عليه وسلم من أبي طالب ما قد علمتم وكان معروفًا لدى قريش حتّى لقبوه بالأمين ..وهنا يأتي دور التصحيح من الدّاخل حيث بدلاً من أن يكون النّبي عليه السلام، وهو صاحب تلك الصفات الفريدة متفانيًا في السير على سنن الآباء نجده يعاكس التيار فيسفه الأحلام ، ويسبّ الأصنام -بزعمهم-، وينكر على قريش كإنكاره على عبدة الصلبان ...فماذا كانت التبعات : لقد جوعه قريش وأتباعه في شعب بني عامر حتّى أكلوا ورق الأشجار ، وهموا بقتله لولا أن تدارك الله الموقف (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ، وقالوا : إنّه ساحر والقرآن سحر، وأنّه كاهن والقرآن كهان بل وأنّه مجنون والقرآن هذر، وحين ضاقت بهم الأسباب قالوا إنّه شاعر وشعره القرآن ...!!
فلماذا ؟!! ولماذا قضى الله أن يكون الأمر كذلك مع جميع رسله؟!!.
إنّه تساؤل في غاية الأهمية .
الجواب : –والله أعلم – أنّ التغيير من الشر إلى الخير والتصحيح بفتح عيون النّاس على الأخطاء وتنبيههم على المهالك والمخاطر التي في المبدأ والمعتقد والمنهج لا يمكن أن يكون –أعني التغيير والتصحيح-فاعلاً ومؤثرًا ، ودائم الأثر في بعيد المدى إلاّ إذا نبع من داخل التيّار نفسه ، لأنّ موقف أصحاب التيار من الناقد المخالف معروف ومحسوب ومقرر .
ولهذا مضت سنة الله أن يكون لكل منهج ، أو تيار ، أو مبدئ مصححون من الدّاخل ، لا يخافون في الله لومة لائم ...
فالرافضة -مثلاً-لا يعيرون لنقد أهل السّنة آذانًا صاغية ، شاء الله أن قام من بني جلدتهم ومن كبار أساطينهم مصححون : أمثال آية البرقعي في كتابه (كسر الصنم) ويعني بالصنم (كتاب الكافي للرافضة)، وموسى الموسوي في (الشيعة والتصحيح) ، وحسين الموسوي في (لله ثمّ للتأريخ) ..
فالإسلام لا يصححه –إذا وقع فيه أخطاء من أتباعه-إلاّ المسلمون والديمقراطية لا يصلحها في مركزها إلا ديمقراطيون ، ومثل ذلك الرأسمالية ؛ فلا يصلحها إلا الرسماليون ، والسياسة لا يصلحها إلاّ أتباع الحزب الحاكم المصححون من الداخل..
الدّعوة الإسلامية في أفريقيا فيها أخطاء عملية وعلمية ومنهجية كثيرة ومتكررة ، لا يمكن أن يصلحه العرب ولا الغرب ، فقط المصلحون من دعاة أفريقيا داخليًا يقدرون على ذلك .
لكن ما هي التبعات فهل سنتحملها : على من يريد التصحيح من الدّاخل في أيّ شيء أن يستوطن لأمور غاية في المرارة : منها : النبذ بالألقاب والاتهام في النيات ومحاولات وحشة النّاس من سماع أفكارهم والعناية بها ، لإضعاف شكيمة عزمهم ، والتشويش أفكارهم .
فإن لم يجدي فتارة بالإغراء بالمناصب والأموال ، والمجاملات ، فإن لم ينفع فالتهديد بالطرد من المؤسسة والفصل ، وقطع الأرزاق....حتى إلى التصفية الجسدية !!.
لكن لماذا يصمد المصححون دائمًا ، ولا يزيدهم الامتحان إلا تمكينًا وكثرة في الأتباع ؟..الجواب : أولاً : لأنّ أصحاب الاتجاهات ..والمبادئ ..والسياسات.. والمؤسسات.. يحتقرون هؤلاء المصلحين ويرون أنّ محاولاتهم عبث واحتقار الخصم دليل الغفلة ..، وثانيًا : لأنّ المصححين ليسوا بمنافقين يتاجرون بتصحيحهم بل تصحيحهم روحهم فإن تركوه ماتوا مهما عاشوا في منن ونعم ! .
فماذا سنختار للدعوة في بلداننا ؟
أطريق القطط السمينة الذين يعيشون على عتبة جزاك الله خيرًا يا شيخ ، وشكرًا لك ، ونحن معك ؟!!.
أم طريق التصحيح؟ .... وهل سنصبر ونتحمل التبعات ؟!!!.
دمتم في رعاية الله وعنايته .

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Delicious Facebook Digg Favorites More